الخبر وما وراء الخبر

عام باليستي بامتياز: لماذا يراهن الرئيس الصماد على هذه الورقة.؟

57

ذمار نيوز | اعداد / فؤاد الجنيد 25 رجب 1439هـ الموافق 11 إبريل، 2018م

أطلق الرئيس اليمني صالح الصماد على العام الرابع في الحرب مع السعودية وحلفائها، العام الباليستي، وقال أن هذا العام سيكون عاما باليستيا بامتياز. وكان السيد عبد الملك الحوثي قائد الثورة في اليمن قد توعد في خطابه بمناسبة مرور ثلاثة أعوام من الصمود والثبات، توعد الرياض وحلفائها بأن هناك مفاجآت سترافق العام الرابع، وأن الصواريخ الباليستية ستنهمر على قوى العدوان على اليمن، ولا أحد يستطيع إيقافها أو ردعها، داعيا إياهم إلى مراجعة حساباتهم ووقف العدوان على الشعب المظلوم.

الرهان على الشعب

إلى جانب القوّة والحضور العسكري للجيش اليمني ولجانه الشعبية في ما يقارب خمسين جبهةً، ثمة حضورٌ شعبي قوي لم تغيّره نوائبُ الدهر ولا جرائم العدوان، فالشعب مازال يخرج بذلك العنفوان الذي خرج به في اليوم الأول من العدوان إنْ لم يكن أكثر قوةً وحضوراً، ومن يراقب المشهد اليمني، ستعزز لديه هذه القناعة، فلا تكاد تخلو مناسبة إلا ويخرج الشعب منتفضا بنفس الزخم الثوري، وكان آخرها خروج اليمنيين في كل المدن اليمنية للتنديد بجريمة إغتصاب فتاة يمنية في مدينة الخوخة الساحلية. اليوم وفي تدشين العام الرابع يؤكد الرئيس الصماد أن الرهان دائما على الشعب، وأن رهان قيادات العدوان على امريكا ودول الغرب رهان خاسر لا طائل منه، الهدف منه ابتزاز دول الخليج، وانتزاع مواقف لا يتخيلها عقل ولا يتصورها منطق.

الفزاعة الإيرانية

تأتي إدارة أمريكية جديدة وتغادر أخرى، وتستمر الفزاعة الإيرانية التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية لتخويف أصدقائها وحلفائها الخليجيين، وتحصد بذلك أكبر قدر من الأهداف السياسية والاقتصادية، وترسم سياسات جديدة قائمة على الابتزاز المالي بالتوازي مع استمرار ثقافة الإستحمار الأمريكي لدول الخليج في تعميق جذور هذه الفزاعة الوهمية. فأمريكا تعمق وترسخ في أذهان قوى العدوان أن الصواريخ الباليستية اليمنية صواريخ إيرانية، وأن الحد منها مشروط بالحد من المشروع الإيراني وتدخلاته في اليمن.

إيران ليست طرفا

لم تكن إيران يوماً طرفاً في أي صراع مباشر ضد أي دولة عربية، بل على العكس؛ ما نجده هو تدخل أجنبي بأيد عربية وتمويل عربي للقضاء على أنظمة عربية عسكرياً، وإسقاط أخرى سياسياً ودبلوماسياً بداية بحرب الخليج التي جاءت بطلب وتمويل خليجي للقضاء على نظام “البعث” في العراق، مروراً بموجة ما يسمى بـ”الربيع العربي” التي أطاحت بأنظمة عربية بتمويل خليجي أيضاً، حتى وصل الحال بالمال الخليجي إلى تغيير أكثر من نظام في البلد الواحد في وقت قياسي مليء بالمتناقضات، تماماً كما حدث في مصر من تمكين السلطة لـ”الإخوان”، ثم سلبها منهم وتسليمها لفصيل آخر. أضف إلى ذلك حجم الفاتورة الخليجية الباهظة التي دفعتها في سبيل الإطاحة بنظام القذافي وتدمير ليبيا، وفي سبيل تمكين أدواتها في العراق وسوريا واليمن، والتي لا زالت حتى اللحظة تخوض غمار هذه المغامرة الخاسرة والمكلفة.

أجندة أمريكية صهيونية

إن كل ما تفعله الآلة الخليجية في الوطن العربي، وكذلك في اليمن ليس نابعاً من رغبتها الفعلية ولا هوى سياساتها، بقدر ما هو تنفيذ لأجندة أمريكية تتحكم في القرار السياسي الخليجي تحت سقف حمايتها والدفاع عنها من “الخطر الإيراني”. وفي هذه النقطة تحديداً، نجد أن مناخ الإستحمار وتضليل الوعي قد مكن الفزاعة الإيرانية من عبور الحدود العربية لتصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. ففي الوقت الذي جاءت فيه الأساطيل الأمريكية إلى باب المندب لغرض تأمين الملاحة الدولية من الخطر الإيراني، نجد أن مضيق هرمز يقبع تحت السيطرة الإيرانية منذ عقود دون أي مخاوف تذكر بشأن الملاحة الدولية. وهذا يؤكد أن هذه التحركات لم تكن نتيجة قلق أمريكي ودولي، وإنما نتيجة قلق خليجي أنتجته الأحداث، واستطاعت الإدارة الأمريكية أن ترعاه وتغذيه في ظل الفزاعة الإيرانية، قبل أن تحتويه وتعمل على معالجته بمثل تلك التحركات التي درت عليها بأرقام خيالية من المال الخليجي.

عام باليستي

بعد مرور ثلاثة أعوام من العدوان على اليمن، ظلت لعنة الصواريخ الباليستية تؤرق مملكة الشر بعد أن وقفت عاجزة عن تدميرها أو الحد من عمليات إطلاقها وتطوير قدراتها. حتى دفاعاتها الأرضية المضادة للصواريخ تم تحييدها ولم تعد فاعليتها مطمئنة في ظل التحديثات الباليستية اليمنية. وهذا بدوره جعل مثل هذه الصواريخ أوراقاً لتغيير أي معادلة عسكرية، وجعلها تتربع في قمة الضرورات العاجلة، وجدية المساعي الخليجية لامتلاكها، أو الحد منها. اليوم يدشن اليمنيون عامهم الرابع باستخدام هذه الورقة المزعجة، ويؤكدون -على لسان رئيسهم- أنهم لن يتوقفوا لحظة في إطلاقها، وأن هناك مفاجآت أخرى ستجعلهم يتجرعون علقم الندم. وإذا كانت الفزاعة الإيرانية قد ارقت منامهم وشفطت خزائنهم وهي مجرد وهم، فعليهم أن يدركوا حجم ما سيلاقونه في حضرة الصواريخ اليمنية التي باتت حقيقة بامتياز.