الخبر وما وراء الخبر

زيارة اغتراف لأمريكا ووُد لـ “إسرائيل”!

66

بقلم | طالب الحسني

السعوديّةُ الثريةُ جداً، تغادرُ متجرَ ترامب، وأعترفُ بأن الرئيسَ الأمريكيَّ أتقن المهنةَ من أول لقاء وجاء بعُدته وعتاده، واقتصرت كُلّ اللقاءات مع بن سلمان على الاقتصاد والتجارة بين بلده والشركات الأمريكية، حدت كبريات الشركات الاقتصادية في الولايات الأمريكية سكاكينها لاستقطاع ما استطاعت من الفريسة السعوديّة.

في كُلِّ الحالات يبتسم محمد بن سلمان المولع جِـدًّا بسباق تجار القارة الأمريكية، يأخذ صوراً أينما اتّجه.. إنّه الاقتصاد السعوديّ الذي جمع طوال عقود يبدد هُنا في الولايات المتحدة الأمريكية ـ توقيعات بالجملة ومليارات الدولارات لمشاريع مستقبلية بالجملة أَيْـضاً.

اعتبرت هذه الزيارةُ من منظور السعوديّة الجديدة مهمة، بينما كانت من منظور أمريكي فرصة سانحة للاغتراف، فثمة رؤيةُ عشرين ثلاثين يحملُها بن سلمان تتسع لكل هؤلاء الذين يتهامسون في كبريات الصحف الأمريكية والأوروبية وهم من مدراء ومالكي الشركات الأمريكية المستغلة، أن أموالَ العرب حلالٌ على الغرب الأَكْثَـر قدرةً على إدارتها، ولتذهبَ السعوديّة للحرب في أصقاع المعمورة طالما والسلاح الأمريكي والمساعدات العسكرية الأمريكية والاستشارات وأحلام نقل الصناعات الأمريكية في متناول اليد مقابل مليارات الدولارات وابتسامات متبادلة.

وخلالَ الزيارة، عرّج الأميرُ السعوديّ الجديد إلى ثكنة العسكر الأمريكيين القدامى.. تلتقي العائلة مجدداً، فثمة بقايا صور قديمة للأمراء السعوديّين في هذا البيت الأمريكي، حبلٌ عتيقٌ من العلاقة على وَقْــعِ الدماء العربية والإسْــلَامية في دول عدة سفكها الجنرالاتُ الأمريكيون واستعمروها.

لا طائلَ من التحديق في مأساة الدول العربية والإسْــلَامية التي جلبها هؤلاءِ القادة الأمريكيون الذين التقى بهم الأمير السعوديّ في هذه الزيارةِ، فالأميرُ الشاب مبهورٌ بالغرب، ومغمورٌ أن يبدو وهو يجرُّ السعوديّة من قلب الوهّابية المتزمتة إلى حُضن الامبريالية والعلمانية المتعرية، الوسط محضور فأمريكا تحتاج هذا النوع من العلاقة.

اليمن كانت حاضرةً تحاصرُ صورَ ابن سلمان واجتماعاته، وموجودةٌ على طاولة النقاشات التي ينفرُ منها الأمير السعوديّ، فليس من المعقول أن يجتمع الزهو بالسعوديّة المقتدرة والتي تنفق الأموال، بالسعوديّة التي تغرق في حرب طويلة، وعاصمتها تقصف بين حين وآخرَ من اليمن.

عندما احتاج الغرورُ الأمريكي أن يستطلعَ رأيَ الأمير السعوديّ على قضايا عدة في المنطقة لا تزالُ عصيةً عن الحلول كتلك الفلسطينية مثلاً، من المفارقة أنها تشتعلُ في حين يحتاجُ بن سلمان أن يكشفَ قدراً كبيراً من المحبة لإسرائيل، هذه الموجودةُ بجواره عبر اللوبي اليهودي، فليس من العدل السعوديّ أن يساءَ إلى اليهود المغتصِبين، وتلك شيم الأمراء السعوديّين كابراً عن كابر.

في المقابل يبدو الأميرُ السعوديّ غاضباً جداً من المحور الآخر الذي يرى في الهيمنة الأمريكية والاعتداءات الإسرائيلية عدواً أساسياً وتأريخياً، يَشتاط الأمير غضباً من إيران وسوريا والعراق واليمن وفلسطين والمقاومة اللبنانية، فتلك منغصاتٌ للسياسة الأمريكية التي يعشقُها السعوديُّ الملتزمُ جداً بالطاعة، ولا بأسَ أن يجسِّدَ هنا دورَ الطالب المنصت.