الخبر وما وراء الخبر

أنصار الله ومشروع الدولة ( 5)

54

بقلم | حمير العزكي

لم يفتح العام 2018 م أبوابه لليمنيين إلا وقد أخمدوا فتنة الخيانة وقضوا على رأسها و بقرار العفو العام الذي أصدره الرئيس الصماد تم احتواء آثار الفتنة وبدأ تطبيع الأوضاع وبدأت معه مرحلة جديدة من الشراكة السياسية و الوطنية على كل المستويات، شراكة القوى السياسية بجميع تكويناتها القيادية وقواعدها الشعبية لا شراكة القيادات التي طالما كانت مصالحها أهم محددات الشراكة ، شراكة تحمل الواجبات ومغارمها لا شراكة تقاسم السلطة ومغانمها، الشراكة التي نتمنى أن تصل إلى الشراكة المسؤولة الجادة في مواجهة العدوان والتحديات الداخلية المترتبة عليه في شتى مجالات الحياة وعلى رأسها الاقتصادية المرتبطة بمعيشة المواطن واحتياجاته الضرورية.

ومن هنا وبعد الخلاص من قيد الثالوث المحبط (التوافق – المحاصصة – الحملات الإعلامية) بدأت تحركات قيادة الدولة تأخذ طابعا آخر أكثر نشاطا وفاعلية وواقعية وبآثار ملموسة نسبيا وبدرجة مقبولة نوعاً ما، وتحاشيا للاصطدام المباشر مع الدولة العميقة التي رسخت أركانها وتمددت جذورها طيلة عقود خلت وما قد ينتج عن ذلك من صعوبات كبيرة قد تصيب مشروع الدولة في مهده الأول في مقتل وبالذات في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، كانت تحركات القيادة حذرة وفي إطار المعالجات الضرورية وفي أضيق الحدود بما يمنع تماديها وبما يتيح فرصة أخيرة لها لإثبات حسن النية.

وعوضا عن ذلك واستثمارا للوقت والجهد نشطت قيادة الدولة في التحرك المسؤول والبنَّاء في إطار المؤسسة العسكرية هادفة إلى إعادة لملمة صفوفها وتأهيل كوادرها البشرية وتطوير قدراتها وتفعيل قياداتها وخبراتها المختلفة من خلال الدورات التدريبية المكثفة وورش العمل المتواصلة بالإضافة إلى الاهتمام بمجالات التصنيع الحربي وتطوير القدرات الصاروخية والدفاعية حتى أصبحت مؤسسة الجيش والقوات المسلحة ثالث أركان إستراتيجية المواجهة المرتقبة في العام الرابع من الصمود اليمني الأسطوري.

كما أن الأجهزة الأمنية ورغم ما حققته من نجاحات على مدى أعوام العدوان الثلاثة الماضية والتي توجتها بنجاحها اللامسبوق في القضاء على فتنة الخيانة و في فترة قياسية، لم يتعاظم نفوذها المحكوم أصلا بالحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة في إطار القانون مع وجود بعض التجاوزات التي لا يمكن لأحد إنكارها ولا يمكن لمنصف ألا يعذرها في ظل ظروف استثنائية كالتي تمر بها البلاد، بل ولم تحظ تلك الأجهزة الأمنية بالاهتمام الأكبر ولا بالنصيب الأوفر من دعم و رعاية قيادة الدولة كما هو الحال في الدول والأنظمة الأخرى في المنطقة و الإقليم والعالم.

وبالنظر إلى الاهتمام بالمؤسسة العسكرية والحفاظ على المؤسسة الأمنية في حدود صلاحياتها الدستورية والقانونية وحرص أنصار الله من خلال ممثليهم في أجهزة الدولة على ذلك ، كشهادة إثبات حسن نية على توجههم الصادق نحو مشروع الدولة والحفاظ عليها وترسيخ مبادئها، لم يعد أمام المتفائلين سوى انتظار النتائج المرجوة والمشاركة الفاعلة في كل المجالات لتحقيق ذلك، كما لم يعد هناك الكثير من الوقت أمام المتشائمين لمواجهة الحقيقة التي ظلت مغيبة عن بصائرهم بغشاوة التعصب والقناعات الخاطئة المسبقة..