الخبر وما وراء الخبر

خصائص فريدة جعلته مطمعا للغزاة على مر التأريخ آخرهم قوى العدوان اليمن.. الأهمية الاستراتيجية

92

ذمار نيوز || موقع أنصار الله || تقارير || عبدالحميد الغرباني 20 رجب 1439هـ الموافق 6 إبريل، 2018م

خُطّ أن اليمن سُمِّيَ كذلك من التيمُّن بموقعه ومكانته.. أرضٌ تقبَعُ على يمين قِبلة المسلمين “الكعبة المشرفة”، وحضارة عميقة وأصيلة.. لم يطمسها التأريخُ رغم الحملات الشرسة التي شنت في هذا السبيل وفي سبيل كسر إنْسَان اليمن بطبيعته وشكيمته وهويته قبل ذلك، في هذه القراءة نستقصي كُلّ ما وهبت بلادنا كرقعة جغرافية من خصائص طبيعية رفعت من أهميتها وقوتها الاستراتيجية ومكّنتها من أَهَـمّ أدوات القوة السياسية والاقتصادية وهي ميزات تأتي أولاً في حسابات العدوان الأمريكي السعودي في الوقت الراهن، كما تحدث الكثير من المراقبين والخبراء في الشأن السياسي والعسكري والاقتصادي وكما أكّد قائدُ الثورة ذلك في خطابه بعد مرور عامَين من المواجهة وقد رأي قائد الثورة أن موقع اليمن مهم للأمة الإسْلَامية كأمة إسْلَامية وللمنطقة العربية كمنطقة عربية ولليمنيين ومحسوب حسابه في كُلّ العالم ومحسوب بالدرجة الأولى لدى الدول الاستعمارية التي ترى في احتلال اليمن عامل قوة لها ومفتاح سيطرة أكبر لصالحها على بقية البلدان وعلى بقية القوى المنافسة لها على مستوى العالم..

اليمن دولة بحرية

في خارطة العالم تتوسط اليمن قارات العالم القديم الثلاث آسيا وافريقيا وأوروبا وتمسك اليمن بزمام مفاتيح “باب المندب” الباب الجنوبي لأقصر وأسرع ممر للتجارة العالمية بين الشرق والغرب “البحر الأحمر”، اليمن لمن لا يعرف دولة بحرية ومن هنا تستمد أهميّة استراتيجية على مستوى العالم وتمتلك شريطاً ساحلياً يبلغ 2500 كم، يمتد على البحر الأحمر منه أكثر من 450 كيلو متراً بما يشكل 8. 9 في المائة من الطول الكلي لساحل البحر الأحمر بشكل عام، ثم يمتد ساحل اليمن على خليج عدن، وصولاً إلى بحر العرب المطل على المحيط الهندي وهي ميزة هامة تعبر عن جيواستراتيجية المنطقة..

موانئ اليمن مراكز ربط تجاري ونقطة ترانزيت عالمي..

لليمن على ضفاف ساحله أكثر من عشرين ميناءً، منها 6 موانئ تجارية تتوزع من ساحل الحديدة إلى المكلا وهي:

ميناء الصليف

ميناء الحديدة

ميناء المخاء

ميناء عدن

ميناء المكلا

ميناء نشطون

ولليمن 3 موانئ نفطية هامة هي:

ميناء الشحر

ميناء بلحاف

ميناء رأس عيسى

وتتجاوز الموانئ المحلية الـ14ميناء وتعد موانئ اليمن التجارية ذات أهميّة استراتيجية كبيرة كمركز ربط أساسي للحركة التجارية حول العالم ونستعرض هنا أَهَـمّ هذه الموانئ.

ميناءُ عدن

كانت عدن في الماضي تُعرَفُ أنها ميناءُ الجزيرة العربية كلها وكذلك أَهَـمّ ميناء بين السويس وبومباي، ويتمتع ميناء عدن بمزايا هامة يأتي على رأسها الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط الشرق بالغرب الواقع على الطريق التجاري الرئيسي حول العالم وميناء عدن واحد من أفضل خمسة موانئ طبيعية على مستوى العالم كما يتميز هذا الميناء بـإمكانية توفير خدمات الترانزيت إلى شرق أفريقيا والبحر الأحمر وشبه القارة الهندية والخليج العربي، وقد عطّل دوره الغزاة لحساب موانئ دبي وسابقاً عطّل دوره عن طريق الصفقات التي عقدها نظام صالح لصالح الإمارات..

ميناء المخاء في تعز

من أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية، ومن أَهَـمّ المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر وتكمن أهميّة الميناء في قربه من الممر الدولي بمسافة 6 كيلومترات، أي 3 أميال بحرية، وقربه من مضيق باب المندب ودول القرن الأفريقي وبحر العرب.

ميناء الحديدة

يقع في منتصف الساحل اليمني للبحر الأحمر، ويعد من أبرز الموانئ المطلة على البحر الأحمر، ويتميز بــقربه من الخطوط الملاحية العالمية؛ وكونه معرضاً للرياح الموسمية ومحمياً حماية طبيعية من الأمواج..

وقد أكّدت عددٌ من الدراسات الاقتصادية أن محاذاة السواحل اليمنية للخطوط الملاحية الدولية تؤهل المنطقة الممتدة من شقرة إلى المخاء موقعاً استراتيجياً منافساً لإقامة المناطق الحرة لأغراض إعَادَة التصدير إلى القارة “السمراء” وغيرها، كما أن الموانئ اليمنية هي الأنسب لتقديم مختلف الخدمات الملاحية في المنطقة وهو ما يحاربه الغزاة وأدواتهم في المنطقة..

الجزر.. الكنز الاستراتيجي لليمن

لليمن جناحان هما شبهُ الجزيرة العربية والإطلال على بحرين اثنين وخليج ومحيط تطرز تلك الجغرافيا المائية الفريدة الكثير من الجزر ذاتُ الأهميّة الاستراتيجية القصوى والتي يعده الكثير كنزاً استراتيجياً يضاعف من أهميّة موقع اليمن ويبلغ عدد المسجلة في الجهاز المركزي للإحصاء 216جزيرة وتتوزع على أربعة قطاعات رئيسية 7 منها في المحيط الهندي و5 في البحر العربي و23 في خليج عدن و181 في البحر الأحمر، منها 112على ساحل الحديدة..

عينُ العدوان على المياه الدافئة لليمن

موازاة خارطة اليمن مع خارطة أَهْـدَاف العدوان يؤكد أن السيطرة على هذه الرقعة الجغرافية يأتي على رأس أسباب العدوان الأمريكي السعودي، على اعتبار أن توظيف الموقع الجيوسياسي لليمن يمكّنها من التحول إلى نقطة ارتكاز اقتصادية وتثبيت توازن سياسي يعيد رسم خارطة المنطقة وتحالفاتها لحساب الشعوب العربية والإسْلَامية وليس غيرها، في هذا السياق يقول قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في خطابه بعد مرور عامين من المواجهة مع نظامَي واشنطن والرياض وفي تحليله لأَهْـدَاف وأسباب العدوان “يستهدف هذا العدوان اليمن في جغرافيته لاحتلال رقعة جغرافية من أَهَـمّ المناطق في المنطقة العربية والعالم الإسْلَامي من حيث موقعه المطل على باب المندب من حيث جزره في البحر الأحمر والبحر العربي وفي مقدمتها ميون وجزيرة سقطرى وغيرها من عشرات بل مئات الجزر مئات الجزر في هذا البلد”، ويدرج قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي العدوان على اليمن ضمن المؤامرات التي تستهدف المنطقة من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط وشعوبها وفي طليعتها الشعوب الفعالة الشعوب الحرة الشعوب التي يرى فيها نظام القطب الواحد عائقًا أمام مشاريعهم الاستعمارية وأمام مشاريع الهيمنة والاحتلال..

جزيرة مّيُّوْن أولاً في الحسابات الاستراتيجية..

تقعُ في قلب باب المندب وتشرف عليه إشرافاً كاملاً وتقسِمه إلى ممرين ملاحيين. مساحتها اثنا عشرَ كيلو متراً، تبعد ثلاثةَ كيلو مترات فقط عن الساحل اليمني وَعشرينَ كيلومترات عن الساحل الافريقي وميون ذاتُ قيمة اقتصادية لصلتها بالأمن الغذائي من جهة ومصادر الثروة المعدنية من جهة أخرى وهي عسكريا الحارسُ الأهم للأمن القومي اليمني والعربي تجاه الأخطار الغربية والصهيونية..

من الشواهد العملية لذلك: نجاح قوات البحرية العربية في محاصرة العدو الصهيوني ومنع الملاحة الصهيونية من العبور في باب المندب خلال حرب أكتوبر عام ثلاثةٍ وسبعين وتسعِ مائة والف بفعل التمركز العسكري العربي في جزيرة ميون والتنسيق اليمني المصري..

تعرضت جزيرة ميون للغزو البرتغالي ثم الفرنسي والبريطاني وحالياً الإماراتي الأمريكي بهدف السطو على الميزات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يوفرها موقع الجزيرة وبسط النفوذ على اليمن..

جزيرة صيرة حامية عدن والخليج

جزيرة صيرة هي الأهم بين الجزر اليمنية في خليج عدن وتقع أمام مدينة عدن كحارس امين للمدينة والخليج الشرقي وكثيراً ما لعبت دورا استراتيجيا في مقاومة الغزاة وتعود أهميّة خليج عدن إلى ارتباطه المباشر بمضيق باب المندب من حيثُ مرور السفن والملاحة الدولية والثروات..

درة التاج جزيرة سقطرى

تقع في المحيط الهندي ويحدها من الشمال والشرق البحرُ العربي وجنوبا مياهِ المحيط الهندي ومن الغرب ساحلُ القرن الافريقي وتبلغ مساحة سقطرى حوالي ثلاثةِ آلاف وستِ مائةٍ وخمسينَ كيلومتر مربع أي خمسةُ أضعاف مساحة مملكة البحرين، ويعتبر رأس فرتك الواقع شرقَ المكلا أقربَ نقطة للجزيرة ويبعد عنها ثلاث مائةٍ وثمانينَ كيلو متر وسقطرى أكبرُ جزيرة يمنية وأهمُ جزيرة في كُلّ المسرح البحري الجنوبي وتمتد أهميتها إلى عدة قرون قبل الميلاد، وقديما أطلق عليها الغزاة “درة التاج”..، تعرضت للغزو الأوروبي فغزاها البرتغاليون في القرن السادس عشر ثم غزاها البريطانيون عام أربعة وثلاثين ثمانِ مائة والف ثم حاول الفرنسيون الغزاة احتلالها منتصف القرن التاسع عشر، كما تطلع الغزاة العثمانيون والإيطاليون للجزيرة في سبعينيات القرن التاسع عشر.. وهي الآن تحت الغزو الإماراتي الأمريكي تنتظر موعد التحرير وتكمنُ أهميتُها في الآتي:

اشرافها على طرق الملاحة المارة من أمام رأس جورد فوي على ساحل الصومال والمحيط الهندي، بما فيها الطريقُ البحري إلى راس الرجاء الصالح وشبهِ القارة الهندية وشرقَ آسيا.

نقطة اسناد عسكرية قوية لظهير باب المندب من الناحية الجنوبية..

تنوعُ تضاريسِها وتفردُها الطبيعي النباتي..

جيولوجيةُ جزيرة سقطرى تكتنز أيضا ثرواتٍ اقتصاديةً مهمة.. كالنفط والغاز والمعادن الفلزية.

اليمن مفتاح الباب الجنوبي للبحر الأحمر

تعد اليمن أَهَـمّ الدول المطلة على البحر الأحمر ومرد ذلك امتلاكها لمجموعة كبيرة من الجزر على ساحله ومن هنا يحاول الغزاة قضم شريان تتوزع جزره على أربعة قطاعات رئيسية:

قطاع ميدي

يضم سبعةً وستين جزيرةً أهمها جزيرة بكلان وتقع شمال غرب جزيرة كمران، وتبعد عن الساحل اليمني ثلاثون كيلو متراً وجزيرة ذو حراب تبعد عن ساحل ميدي 90 كيلو وتشرف على الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر..

قطاع اللحية

يضم ثمانيةً وأربعين جزيرة، أهمها جزيرة طقفاش وهي أكبر الجزر المواجهة لميناء اللحية تبلغ مساحتها 35 كيلو متراً مربعاً وتبعد اثنينِ وعشرين كيلو متراً غرب ميناء اللحية وهي جزيرة ذات أهميّة استراتيجية واقتصادية.

جزيرة جبل الطير

هي إلى غرب ميناء اللحية وتبعد عن الساحل اليمني لجزيرة كمران بـ 90 كيلو متراً وتزيد مساحتها عن العشرة كيلو متر مربع وترتفع عن سطح البحر مائة واثنين وستين مترا ويكمن تميزها في كونها تقع في منتصف خط الملاحة الدولي وتشرف عليه إشرافاً مباشراً..

قطاع كمران

يضم سبعةَ عشرَ جزيرةً أهمها جزيرة كمران وتقع غرب ميناء الصليف وتبعد عن الساحل بـ الفي متر وتبلغ مساحتها أكثرَ من مائة كيلو متر وللجزيرة أهميّة استراتيجية اقتصادية وعسكرية لارتفاع مناسيبها ولقربها من الممرات الملاحية في البحر الأحمر كما تمثل حزاما امنيا لميناء الصليف وكانت على مر العصور محط انظار القوى الطامعة لاستعمارها وتوظيفها كقاعدة انطلاق للوثوب منها إلى أي جزء في البحر الأحمر أَوْ الدول المشاطئة له..

أرخبيل الزبير

يتكون من مجموعة جزر متجاورة تبعد 45 كيلو من شاطئ جزيرة كمران وهي ذات أهميّة استراتيجية نظراً لقُربها من الممرات الملاحية الرئيسية في وسط البحر كما يمكن تحقيق منها مراقبة على مختلف التحرّكات البحرية..

قطاع حنيش وزقر

يضم ثلاثة وثلاثين جزيرة أهمها جزيرة زقر تقابل مدينة التحيتا وتبعد عن الساحل اثنينِ وثلاثينَ كيلو متراً ومساحتها مائةٌ وخمسةٌ وثمانون كيلو مترا مربعا..

الجزيرة ذات موقع حاكم على خطوط الملاحة الرئيسية، يوجد فيها أعلى قمة جبلية في البحر الأحمر، بارتفاع يصل إلى (ستِ مائة وأربعة وعشرين متر) فوق مستوى سطح البحر وهي من أكبر جزر البحر الأحمر..

في العام واحد وسبعين.. تسع مائة وألف حاول العدو الصهيوني اقتطاع الجزيرة من الجسد اليمني وتحويلها إلى ثكنة عسكرية لحساب مشروعه الاستعماري الذي ينفذه اليوم عن طريق الأنظمة الوظيفية في الخليج..

أرخبيل حُنيش

يقعُ على بُعد ما يقارب 135 كيلو شمال مضيق باب المندب، وتنتظم جزره قبالة سواحل مديرية الخوخة وتقترب جزره اقتراباً شديداً من خطوط الملاحة وتبلغ مساحتها نحو تسعينَ كيلومترا مربعا واعلى مرتفع فيها يصل إلى أربع مائة وثلاثين مترا عن سطح البحر..

لأهميتها الاستراتيجية أسالت جزر حنيش لعاب الغزاة ووفق المصادر التأريخية تعرضت جزيرة حنيش الكبرى للغزو أربع مرات خلال الفترة الممتدة من العام ألف وخمسِ مائة وثلاثة عشر إلى العام خمسةٍ وتسعينَ، تسعِ مائة وألف من قبل الغزو البرتغالي والفرنسي والبريطاني والإرتيري.. وما بين الأخيرين وقبيل اندلاع حرب 73 أنزل العدو الصهيوني وحداتٍ قتاليةً على أرض الجزيرة في محاولة لم تنجحْ لاختطاف الجزيرة آنذاك ويسعى العدو لتثبيت ذلك راهناً..

الخلاصة

إن مدى نجاح القوى الكامنة للموقع الجيو سياسي لليمن في انجاز ترتيبات مثمرة للبلاد يرتبط باستقلال القرار السياسي اليمني وإسقاط الوصاية الخارجية وهو ما أنجزه اليمنيون في سبتمبر من العام الفين وأربعة عشر وهرعت قوى العدوان إلى إسقاطه بالحديد والنار..