صلة القربى بين مملكة آل سعود والكيان الصهيوني
علي القاضي
يقول الله سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأقصى)، هناك ارتباط وثيق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى منذ القدم، فهما مهبط الأرض وحلقة الوصل بين الأرض والسماء، وهما أهم المقدسات الإسلامية ومصدر عزة وكرامة هذه الأمة، لذلك سعى أعداء هذه الأمة منذ فترة طويلة للسيطرة على هذه المقدسات واحتلالها، ليتمكنوا من احتلال هذه الأمة والسيطرة عليها، حتى تم لهم ذلك خلال القرن الماضي، وكان لبريطانيا العظمى (آنذاك) الدورُ الأكبر في تنفيذ هذا المخطط وجعله حقيقة واقعة على الأرض، فمكنت آل سعود من حكم نجد والحجاز وسلّمتهم مفاتيح الحرمين الشرفين بعد أن أخذت منهم العهود والمواثيق على حماية مصالحها وتنفيذ سياستها في المنطقة العربية وحماية شقيقتهم الصغرى التي أنجبتها هذه الامبراطورية على أرض فلسطين ومكّنتها ما تبقى من مقدسات المسلمين وقبلتهم الأولى وبذلك أحكمت بريطانيا سيطرتها علي هذه الأمة حتى اليوم.
ومن يتابع تأريخ هاتين الدولتين سيجد أنهما وجهان لعملة واحدة وأنهما خرجتا من بطن واحدة خلال فترة زمنية واحدة،
فكلتا الدولتين تسيطران على أهم مقدسات الأمة وتتحكمان بمصير الأمة وتنفذان سياسَة واحدة تدوران في فلك واحد.
وتقوم هاتان الدولتان على تزوير التأريخ وتشويه الحقائق، وما قام به الكيان السعودي من اختزال تأريخ نجد والحجاز العريق في أسرة مجهولة النسب والتأريخ لا يختلف عما قام به الكيان الصهيوني في أرض فلسطين الممتدة جذورها في أعماق التأريخ لتطلق على هذه البقعة المباركة اسم دولة إسرائيل التي لا وجود لها إلا في أساطيرهم وأسفارهم المحرفة، ولعل أهم ما يميز هاتين الدولتين عن بقية دول العالم هو حقدهم الدفين وسعيهم الدؤوب على هدم الآثار الإسلامية ومعالم الحضارة الإنسانية في المنطقة، وما قام به آل سعود بحق قبور الصحابة ومنازلهم وغيرها من الآثار الإسلامية التي لم يتبق منها إلا جبل أحد وغار حراء لا يختلف عما قام به الكيان الصهيوني بحق الأقصى الشريف والقدس وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية من دكها ومحوها من الخارطة واستبدالها بمسميات تشرعن وجودهم وتؤكد أحقيتهم بهذه الأرض المقدسة،
كما تقوم هاتان الدولتان منذ تأسيسهما على العنف والإرهاب لترسيخ كيانهما وإحكام قبضتهما على هذه الشعوب، وما قام به آل سعود من جرائم ومجازر بحق شعب نجد والحجاز في حائل وغيرها من القرى والمدن في تلك المنطقة لا يقل بشاعة وإجراماً عما قام به الكيان الصهيوني من مجازر وجرائم في صبرا وشاتيلا وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان قامتا منذ تأسيسهما على ثقافة طائفية وعنصرية حتى اليوم، فإسرائيل حوّلت فلسطين التأريخية التي تحتضنُ كُلّ الاديان السماوية مسلمين ومسيحيين إلى وطن قوميّ لليهود وسعت إلى تهويد كُلّ من فيها، كما حول آل سعود أرض نجد والحجاز التي تحتضن كُلّ الطوائف الإسلامية إلى وطن قومي للوهابية وتنفق من أجل ذلك الملايين والمليارت.
ومن يتابع ممارسة هاتين الدولتين اليوم بحق العرب والمسلمين سيجد أنهما رأسان في جسد واحد، فكلاهما تقتلان العرب والمسلمين وكلاهما تحاصران العرب والمسلمين وتتآمران على العرب والمسلمين، وما يقوم به آل سعود بحق شعب عربي مسلم في اليمن لا يقل خطراً وإجراماً عما يقوم به الكيان الصهيوني بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين.
والخلاصة أن علاقة مملكة آل سعود بالكيان الصهيوني لم تعد خافية على أحد، وقد عبّر عن ذلك صراحة أطراف من الجانبين في أكثر من مناسبة ومنطقة أمام وسائل الاعلام المختلفة بأن هناك تطابقاً في وجهات نظر الجانبين حول قضايا المنطقة وأنهم يخشون عدوا واحدا وأنهم يرغبان في العيش (بسلام) جنباً إلى جنب، والحقيقة المسلّمة التي يجب أن تدركها شعوب الأمة وحركات التحرر والمقاومة أن القضاء على الكيان الصهيوني وتحرير القدس والأقصى الشريف لن يكون قبل القضاء على الكيان السعودي الذي يقف حامياً وحارساً لذلك الكيان وحجر عثرة أمام أحرار الأمة ويقدمون أرواحهم ودماءهم دفاعاً عن الأمة، وما عليهم إلا أن ينحازوا إلى هذا الشعب الذي أخذ يلف حبال الموت حول عنق هذه الأسرة ويعجّلون بزوالها ويلقنونها ضرباتٍ موجعة ستدخلهم في غيبوبة لعقود قادمة بإذن الله.
*صدى المسيرة