الخبر وما وراء الخبر

أنصار الله ومشروع الدولة (1)

73

بقلم | حمير العزكي

بدأت حركة أنصار الله مشوارها كمشروع ثقافي تحت سقف الدستور الذي كفل لكل مواطن حرية الرأي والتعبير وحرية الفكر والمعتقد وحرية تشكيل الكيانات السياسية و الثقافية وفق القوانين واللوائح المنظمة لذلك ولم يتجاوزوا مطلقا سقف النظام ولا القانون حتى تحركت ضدهم السلطة الحاكمة حينها تحركا غاشما ظلوما خارج إطار الدستور الذي أقسمت على احترامه وخارج إطار القانون الذي تعهدت بتطبيقه، ليفقد ذلك التحرك مشروعيته ويفقدها بالتالي شرعيتها فأصبح التصدي لها دفاعا عن النفس أمرا واجبا وخيارا ضروريا لابديل له بعد تعنت ورفض السلطة لكل مساعي التهدئة.

لجأت السلطة منذ بداية الاستهداف إلى الشائعات وتلفيق الاتهامات وترويجها إعلاميا بدلا عن اتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية في مواجهة الحركة حسب ما تدعيه وحسب ما تقتضيه سياسة التبعية الخارجية والاستبداد الداخلي ولذلك ظلت حركة أنصار الله تلتزم موقف الدفاع عن النفس بدليل توقف المواجهات بمجرد إعلان السلطة وقف العمليات العسكرية ضدها، فليست هناك مشكلة بين الحركة والدولة تقتضي ديمومة المواجهة والصراع و إنما المشكلة في سياسات السلطات القائمة وممارساتها.

وحين اندلعت حركة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام التي عرفت في ما بعد بثورة الـ11 من فبراير 2011م أعلنت الحركة انضمامها إلى الثورة الشبابية سعيا منها للتغيير نحو الأفضل عبر الطرق السلمية متوجة بذلك نهجها الثوري الفكري المحتم للوقوف بوجه الظالمين والصرخة بوجه المستكبرين و مشاركة بفعالية في كل خطواتها حتى جاءت المبادرة الخليجية التي مثلت رصاصة الرحمة على الدولة المتآكلة أصلاً والتي وقفت الحركة ضدها رافضة لها جملة و تفصيلا باعتبارها التفافا على الثورة و وأدا لأهدافها.

أفرزت المبادرة الخليجية تقاسما جديدا للسلطة بين المكونات السياسية العتيقة وجاءت بحكومة هزيلة فشلت في إيقاف التدهور والانهيار الاقتصادي و وسمت فترتها بالانفلات الأمني والاضطراب السياسي وبدلا من الدخول مباشرة في حوار جاد مع المكونات الثورية الرافضة للمبادرة الخليجية توجهت إلى استهدافها عبر تحريك العناصر الإرهابية في دماج و كتاف ضد حركة أنصار الله التي استمرت في مطالبة الدولة القيام بواجبها والتصدي لتلك العناصر وضبطها ولكن دون جدوى مما اضطرها إلى المواجهة المباشرة معها والتزمت رغم ذلك بتسليم الأمور بعد حسمها للدولة والتي عز عليها حينها القضاء على تلك العناصر و آثرت الاحتفاظ بها وتأمينها وإبقاءها تحت الطلب !!! .

وعندما أحكمت العناصر الخارجة عن القانون حصارها على محافظة صعدة من خلال الاعتداءات المستمرة على الطريق العام وحتى الطرق الفرعية الواصلة بين صعدة وبقية المحافظات وبالذات الطرق المارة بمحافظة عمران عبر نقاط التقطع التي أقامتها عصابات تابعة لبيت الأحمر والتي استمرت لأشهر طويلة دون أن تقوم الدولة بأي من واجباتها أو تتحمل أيا من مسؤولياتها رغم تفاقم الوضع الإنساني للمواطنين في محافظة صعدة نتيجة ذلك الحصار وبرغم المناشدات المتكررة للسلطة دون أي استجابة مما دفع بحركة أنصار الله إلى التحرك لمواجهة تلك العصابات ومراكز حمايتها ومصادر تمويلها وبعد كل ذلك قامت بتسليم محافظة عمران للدولة بحضور رئيسها آنذاك .