الخبر وما وراء الخبر

3 أعوام من العدوان والاحتلال ..دروس وعبر هل نستوعبها ؟

54

بقلم | طارق مصطفى سلام

لم يحدث أن عاش الجنوب واقعاً ماساويا كالذي يعيشه اليوم في عهد الاحتلال الإماراتي السعودي بأحداثه وتحولاته التدميرية ومشاريعه التقسيمية الاستعمارية البغيضة وما رافقها من تجويع وقتل واعتقال وتهجير لأبناء الجنوب ولاسيما عدن منذ بدء الاحتلال .

مشاهد مؤلمة ومآس تدمي العيون هي كل ما حققه المحتل في الجنوب بل كانت هي مشاريع التطوير والنهضة التي سوقها المحتل وأذنابه في المحافظات المحتلة على مدى عامين ونيف من عمر الاحتلال , لاشك أن عدن اليوم تشهد تغيراً ملموسا ونقلة نوعية في الخدمات والمشاريع ولكن إلى الأسوأ وبكل تأكيد فالخدمات دمرت والمشاريع تعثرت والمؤسسات توقفت والإنسان أصبح سلعة رخيصة في متناول المحتل .

ملاحقات ومطاردات وترصد ومباشرة لإطلاق النار عبر مسدسات كاتمة تنزع حياة كل من يقف في وجه مشاريع المحتل أو يشكل خطرا عليها ، تفجير للمقابر والمنشأت وتهديدات لطلاب وطالبات الجامعات والخطباء وأئمة المساجد والنشطاء السياسيين والإعلاميين ، تفجيرات انتحارية وإرهابية ، واشتباكات وصراعات دامية تشهدها أحياء مدينة عدن من قبل مرتزقة و عملاء السعودية والإمارات يدفع أبناء عدن الأبرياء فاتورة هذا الإجرام والتوحش في عدن السلام , لم ينته الأمر عند هذا المستوى بل امتد ليدشن المحتل فتح سجونه ومعتقلاته السرية التي يمارس فيها أبشع أصناف التعذيب والوحشية ضد السجناء والناشطين دون تهم واضحة أو مبرر مقنع لتلك الممارسات التي وصفت بالشنيعة من قبل منظمات دولية .

على وقع هذه الأحداث وتطوراتها الدراماتيكية يقبع الجنوب اليوم تحت وطأة التدمير والتقسيم واستنزاف الطاقات البشرية وإفراغ الجنوب من محتواه الحضاري المسالم والمتمدن واستبداله بواقع يعزز من سطوة المحتل ويوسع نفوذه على حساب السيادة الوطنية من خلال تمكين مليشيا وجماعات مسلحة إرهابية تعبث بأمن واستقرار الجنوب وتمارس نشاطها المتطرف تحت غطاء ودعم سعودي إماراتي وتأييد أمريكي .

وبعد مرور أكثر من عامين على الاحتلال لعدن بدأت انعكاسات تلك ألممارسات الاستعمارية تتجلى مؤخرا على المستوى الشعبي والسياسي أيضاً وبصورة لافته، عقب تعري هذا المشروع الاستعماري وكشف حقيقته وزيف ادعائه , فحقيقة الاحتلال الإماراتي السعودي للجنوب لم يعد مصطلحاً سياسياً يردده البعض على المنابر الإعلامية بل أصبح اليوم ونتيجة للوعي الشعبي الجنوبي واقعاً يائساً ومرفوضاً يسعى الجنوبيون للتحرر منه وطرده إلى غير رجعة .

درة اليمن الباسمة – عدن – والتي باتت اليوم مرتعاً للعصابات الإرهابية وأزقة يباع في أروقتها الموت وسجناً كبيراً يحوي بداخله مظلومية جثمت على صدور أبناء عدن الأبرياء وإخوانهم من مختلف المحافظات ليس هذا فقط بل أن النهب المستمر والممنهج لمقدرات الجنوب وتبديد ثرواته وانتهاك السيادة الوطنية يعد من ابرز الأخطار التي يواجهها الجنوب نتيجة للاحتلال .

إن ما تعيشه المحافظات الجنوبية المحتلة ولاسيما عدن بالتزامن مع مرور ثلاثة أعوام للعدوان على بلادنا واحتلال الأراضي اليمنية يكشف بوضوح عن الفجوة التي تزداد اتساعا يوماً بعد يوم عن حقيقة الاحتلال وواقع المرتزقة والعملاء بعد أن وجدوا أنفسهم اليوم في مأزق كبير وبانت أكاذيبهم وزيف إدعاءاتهم الكاذبة في الترويج للمحتل ومساعدته في احتلال الأراضي اليمنية مقابل حفنة من المال وهو مادفع إلي تحول المشهد السياسي والشعبي الجنوبي نحو مناهضة المحتل ومطالبته بالرحيل عن الأراضي اليمنية , الأمر الذي تسبب بقيام المحتل بمواجهة تلك القوى بممارسات عدوانية تتطلب تدخل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية لإنقاذ أبناء عدن من وحشية المحتل وبطشه .

أن مايتعرض له اليوم أبناء عدن وإخوانهم في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة من ممارسات وانتهاكات تعسفية وإجرامية يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي ، وكافة القوى الوطنية في الشمال والجنوب فلا يمكن أن يشتكي جزء من الوطن ويتعرض لاحتلال ظالم دون أن يتداعى جميع اليمنيين للوقوف بوجه المحتل وإنقاذ إخوانهم من ظلم العدو وإجرامه .

أخيرا :

امنع مدائن اليمن كما وصفها بن خلدون تعيش مرحلة استثنائية وفاصلة يمارس فيها المحتل أبشع أصناف التدمير والإرهاب ما يجعل من عدن وموقعها الاستراتيجي الهام مرتعاً للقوى والجماعات المسلحة الإرهابية مالم يتحرك الشرفاء والعقلاء من أبناء الجنوب والشمال بكل جدية لوقف مسلسل الاحتلال الإرهابي وإلا فلن نجد عدن إلا بأيدي تلك القوى الإرهابية تعبث وتلعب كما تريد وتدير المشهد السياسي وتسيطر على زمام الأمور في عاصمة اليمن الاقتصادية ودرتها الثمينة.

محافظ محافظة عدن