في الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان.. إرادتنا لن تنكسر
بقلم | قاسم محمد لبوزة
ثلاثةُ أعوام من العدوان السعوديّ وأذنابه على اليمن.. وَالشعب اليمني العظيم المجاهد الصابر يقدم أروع ملاحم الصمود والتضحية..
ثلاثة أعوام ورجالنا المرابطون في ساحات الوغى ينكّلون بالعدو ويمرّغون أنوف المستكبرين.. ثلاثة أعوام من العدوان والقتل، ثلاثة أعوام من الظلم والتواطؤ الأممي، صب فيها العدوان السعوديّ على هذا الشعب من المحن والمؤامرات والأسلحة المحرّمة ما يبيدُ به أمة بأكملها.
بعد مرور ستة وثلاثين شهراً على بدء تحالف العدوان الذي شَنَّ حربَه البربرية على الشعب اليمني بغياً وعدواناً، متجاوزاً كُلَّ الشرائع والأخلاق السماوية والأعراف والتقاليد الأممية ولا زال شعب الكرامة والصمود يزخر بعنفوانه محتشداً رغم قساوة الوضع وشدّة الظروف المعيشية والاقتصادية التي يعانيها جراء العدوان والحصار، والخطوات التعسفية التي أقدمت عليها دول العدوان ومرتزقتهم لإلحاق أقصى الضرر بهذا الشعب والتي كانت خطوة نقل البنك هي رصاصة المستكبر الذي يظن أنه الرازق، والتي أفقدت الملايين من أبناء الشعب مصدر قوتهم وأدت إلى انقطاع الرواتب لما يقارب العام والنصف.
ثلاث أعوام تمر علينا وقد غادرنا عشرات الآلاف من الشهداء، فيما عشراتُ الآلاف من الإصابات والإعاقات مسجونة داخل أنين وآلام معاناتها، كما فقد الملايين مصادر رزقهم وقوتهم ومعيشتهم، كُلّ ذلك حصل على مرأى ومسمع من العالم الذي يتفرج بصمت مطبق والمعتدون يتجاوزون كُلّ الخطوط الحمراء والصفراء ودون رادع بل يمعنون في الجرم والإرهاب ليكشفَ العدوانُ سوءةَ الدول الغربية التي كانت تتستّر برعاية حقوق الإنْسَان وحرية واستقلال الشعوب..
اليومَ وأمامَ هذا الصلف المستمر تسقُطُ كُلّ الادّعاءات الإنْسَانية والأخلاقية التي تتشدّقُ بها تلك الدول المتواطِئة مع العدوان الذي تسلّم قيادته النظام السعوديّ ويقف وراءه الأمريكان والصهاينة بكل ما أوتوا من قوة ليجعلوا من النظام السعوديّ رأسَ حربة هذا العدوان، وليلصقوا تهمة الجريمة والإرهاب وسفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ بالعرب عبر ما سموه بالتحالف العربي، وما آل سعود وغيرهم ممن يعتدي على شعبنا إلا أذناب لأمريكا وأداة للصهاينة ينفّذون أجندتهم ويخدمون مشاريعهم الاستعمارية.
بعد مرور ثلاثة أعوام من العدوان العالمي على اليمن يرسم اليمنيون العظماء صوراً تلوّن الوجود بإشراقات العزة والكرامة من خلال ما تميز به اليمنيون من صمود وثبات وجهاد وإنفاق ومثابرة بشموخ يسامق قمم العزة والإباء.. وإلى جانبهم البطل اليمني المقاتل الشريف والمقدام الذي يتخطّى الصعابَ ويتفوَّقُ على آلة العدو العسكرية الحديثة التي جلبها من أكبر مصانع السلاح في العالم لتتحول إلى ركام أمام بسالة وشدة بأس أبطال الجيش واللجان الشعبية في ميدان أعظم المعارك دفاعاً عن الأرض والإنْسَان.
رجالٌ اجترحوا البطولاتِ الخارقةَ, وسجّلوا ملاحمَ من الصمود قَلَّ نظيرُها في تأريخ وحاضر الشعوب، أسقطت أوهام القوة, وغرور المعتدين المتكبرين, وفرضوا معادلات عسكرية وحربية جديدة وازنت قوة الإرَادَة بقوة العتاد والعدة، مدعومة بصمود أبناء الشعب العظيم الصابر المرابط.
بعد ثلاثة أعوام يخيب أمل المعتدين بعد أن فشلوا فشلاً ذريعاً رغم أنهم منذ بداية العدوان كانوا يحضّرون لمعركة فاصلة وكأنهم سيواجهون دولةً من الدول العظمى, لا مع دولة منهكة بالانقسامات السياسية, والأزمات الاقتصادية ودورات الصراع المتكررة.
لقد كان في ظن تحالُف العدوان حين أقدم على الحرب أن التفوق العسكري والوضع الهش للدولة اليمنية قادرٌ على تحقيق انتصار سهل وحاسم في غضون أسابيع إلى ثلاثة أشهر في أسوأ التقديرات باعتمادهم على استراتيجيات الحرب الأمريكية والصهيونية..
لكن فاتهم أن ثمة شعباً عظيماً شكّل بكل فئاته وشرائحه ومذاهبه وقواه الوطنية حائطَ صد فولاذي أحدث صدمةً عكسيةً لدى معسكر العدوان, وصخرة صلبة تحطمت عليها كُلّ أوهام القوة والتفوق العسكري, واستطاع اليمنيون بقوة إرادتهم وتوكلهم على الله وعدالة قضيتهم أن يبطلوا أحدث النظريات والاستراتيجيات الحربية، والآلة الجبّارة التي أفرغت من أجلها خزائن آل سعود وأن يفرضوا معادلة ردع وتكافؤ لم تكن في حُسبان العدو.
وبمقابل كُلّ ذلك استطاع شعبُنا اليمنيُّ العظيم أيضاً بتكاتف جهود أبنائه والوعي الذي حمله هذا الشعب أن يتجاوز الكثير من المحطات الخطيرة التي ترافقت مع هذا العدوان كان أبرزها المحطة الأشد والأخطر والتي بذل العدوان في سبيلها أقصى الطاقات وخسر من أجلها المليارات من الدولارات وهي تفكيك الجبهة الداخلية وتهيئة الساحة الداخلية للتمزق والتناحر ليسهل عليه تنفيذ مُخَطّطه الإجرامي في تمكين القاعدة وداعش وتسهيل احتلاله وغزوه لشعبنا, إلا أن هذه الورقة سقطت وإلى الأبد أمام وعي شعبنا اليمني وإدراك قواه السياسية لما يحاك ضد هذا الشعب، فكان الاتّفاق السياسي والتأريخي بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأَنْصَـار الله وشركائهم الذي توج في 28 من يوليو 2016 م بتشكيل المجلس السياسي الأعلى وعودة مجلس النواب للقيام بمهامه؛ باعتباره ممثل الشعب والسلطة التشريعية للبلاد.. كما استطاع شعبنا اليمني العظيم الخروج بإنجاز تأريخي بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني.. أبرز تجليات وعي هذا الشعب.. وقضى على آمال العدوان في تفتيت الجبهة الداخلية، وإبقاء وضع البلد مشلولاً إلا أن هذه الخطوات وهذه الإنجازات قضت على تلك المُخَطّطات التآمرية.
حتى ورقة ما تسمّيه السعوديّة وحلفاؤها “شرعية هادي” لم تعد تجدي بعد أن ظهَرَ جلياً أن العدوانَ يخفي وراءَها أَهْـدَافَه الحقيقية وأطماعه التفتيتية ونهب ثروات اليمنيين مع أن الشمسَ لا يمكن حجبها بغربال, فالعالَمُ يعرفُ أن هادي وشرعيته ليست أَكْثَــر من مشجب يعلق عليها العدوان مبرراته ليعيدَ اليمن إلى زمن الوصاية والهيمنة الأجنبية والدولية, رغم أنهم يدركون أن هادي هو المسئول الأول عن الدفع بهذه الأزمة إلى هذه المالات الكارثية التي دمرت اليمن.
كما أن التحدّي الاقتصادي الذي يراهن عليه العدوان في تركيع شعبنا وتحقيق ما لم يحقّقه بالخيار العسكري والأمني في محاولة منه للفتك بشعبنا ومجتمعنا فإنه سيتلاشى وسيسقط كغيره من التحديات وذلك من خلال توجيه سهام غضبنا إلى من كان السبب في الحصار والعدوان, من كان السبب في اتخاذ الخطوات السلبية بنقل البنك المركزي واستلام العملة المطبوعة وتوزيعها للقاعدة وداعش ومنعها عن أبناء الشعب المستحقين لها ومنع الرواتب من أجل الضغط على شعبنا في شماله وجنوبه وشرقه وغربه.
وَبالتالي على المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفث أن يستفيدَ من أخطاء سابقه ولد الشيخ الذي دأب على أن يحظى العدوان بغطاء أممي لتغطية العدوان من خلال القرار المشؤوم 2216 الذي جاء تلبية للرغبة الأمريكية والبريطانية والسعوديّة، وفي محاولة لتصوير الحرب العدوانية وكأنها لتنفيذ هذا القرار، وهي ليست أَكْثَــر من مغالطة مفضوحة مع أن قناعات المجتمع الدولي والأمم المتحدة اليوم ترى أن القرار 2216 لم يعد مبرراً وأن الزمن ومتغيرات الواقع قد تجاوزته.
ونحن كقوى نواجه العدوان لا نزال نمد أيدينا للسلام والحوار ولن نتوانى في الاستجابة لأية مبادرة تفضي إلى وقف العدوان ورفع الحصار والجلوس على طاولة الحوار المشرف الذي يضمن لشعبنا حريته واستقلاله ويحفظ تضحياته.
وعلى العدو أن يعي جيداً أننا لن نقبل أبداً أن تفرِضَ علينا الإملاءاتِ من أي طرف مهما كان حجم العدوان ومهما تحملنا في سبيل عزتنا وكرامتنا.
كما أجدها مناسبةً لتوجيه النصح لإخواني من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وأقول لهم كفى ما حل بإخوتكم الذين رمى بهم العدوان ومرتزقته إلى محارق الموت في نجران وجيزان وعسير وجبهات الساحل الغربي وحافظوا على ما تبقى من الرجال؛ لأن العدوان يريد إفراغ المحافظات الجنوبية والشرقية من رجالها الأشداء وإحلال عناصر القاعدة وداعش ومن ورائهم الأمريكان للسيطرة عليها واستغلال ثرواتها وخلق قطيعة بينها وبين المحافظات اليمنية الأُخْــرَى.
لكن ما نستطيع قوله إن المعركة لا زالت على أشدها وأن الحرب لن تضع أوزارها إلا بانتصار الحق والعدالة والمظلومية التي يمتلكها شعبنا ويفتقدها أعداؤنا”.
وختاماً:
كل التحية والاجلال للجيش واللجان الشعبية الذين يحل عليهم عامهم الرابع وهم في قمة عنفوانهم وصمودهم غير مبالين بضجيج العدوان وأبواقه.. كما هي تحية عرفان ووفاء للقوة الصاروخية ودائرة التصنيع العسكري في إنجازاتهم العظيمة رغم الصعوبات والتعقيدات إلا أنهم أثبتوا قوة وإرَادَة هذا الشعب الذي لا يمكن أن يساوم على عزته وكرامته.. وكل الثناء لقبائل اليمن الأبية التي قدمت ولا زالت تقدم قوافل العطاء من الرجال والمال وتحملت الثقل الأكبر في معركة الصمود ومثلت بحراً لا ينفد وسياجاً لا يخترق وطوق نجاة لهذا الشعب من بطش العدوان ومرتزقته على مختلف الجبهات.
كل الإجلال والتقدير، وكل الإجلال والإعظام لكل أسرة في هذا الشعب بذلت مالها ورجالها وقدمت خيرةَ أبنائها في سبيل الله والوطن، وكل التحية لكل أُمّ شهيد أَوْ مجاهد ولكل زوجة شهيد أَوْ مجاهد ولكل جريح بذل دمَه وقدّم من جسده في سبيل الدفاع عن الكرامة، ونسألُ اللهَ تعالى الرحمةَ للشهداء والشفاء للجرحى وأن يفكَّ أسْــرَ الأسرى وأن يعجّـلَ بالنصر العظيم لشعبنا، إنَّه القادرُ على كُلّ شيء.