الخبر وما وراء الخبر

عدن.. ثلاثة أعوام في سجون الاحتلال السرّية

64

: إبراهيم السراجي:

عاد ناشطٌ من أبناء عدن يُدْعَى “عيدروس الزهر” إلى مدينته قبل أيام بعد عامَين من مغادرتها إثر وقوعها تحت الاحتلال السعوديّ الإماراتي قبل أكثر من عامين، مسجلاً انطباعه الأول بأن الوضع في عدن يبدو وكأن الحربَ وضعت أوزارَها قبل أسبوع فقط، وعلاوة على ذلك باتت تدار بسياسة “فرّق تسُدْ”، في وقت كانت بعثة الصليب الأحمر الدولي في عدن تنشر صورة لامرأة مسنة تتقاسم مع رجل آخر مسن طعامَها في أحد أرصفة المدينة، وتشير اللجنة إلى أن نسبةَ الفقر في اليمن زادت منذ بدء العدوان إلى العام الماضي 12%.

واحتاج الناشط الزهر ليومين فقط على وصوله عدن ليقول عبر صفحته بموقع الفيسبوك إن “الوضع في عدن حالياً وكأن الحرب وضعت أوزارها قبل أسبوع. ليس هناك أي تغير وليس هناك أية تنمية، وليس هناك أي تقدم بل وضعٌ مأساوي واقتصاد متدهور”.

ويضيف أنه “باتت البلاد تدار بسياسة فرق تسد” وطرفَا الاحتلال السعوديّة والإمارات وفقاً للناشط الزهر لا يوجد بينهما خلافات كما يشاع بل “كل طرف يمارس دوراً مجهولاً لكي يبقي على الصراع قائماً”.

من جانب آخر، وعن يوميات عدن الواقعة تحت الاحتلال منذ أكثر من عامين، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عدن إنه “قبل بدء النزاع في 2015 كان يعاني نصف الشعب اليمني من الفقر وفي 2017 وصلت هذه النسبة إلى 62% حسب البنك الدولي”، وهي النسبة التي تضاعفت خلال العام الجاري وفقاً لبيان مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن الذي قال إن عددَ اليمنيين المحتاجين للمساعدة بلغ 22.2 مليون بزيادة 3.4 مليون عن العام الماضي”.

اللجنة أوردت تلك المعلومة في معرض تعليقها عبر موقعها الرسمي على صورة لامرأة مسنة في عدن تتقاسم طعامها مع رجل مسن وفقير مثلها وقال اللجنة إنه “في أحد أحياء عدن قررت هذه المرأة أن تشارك هذا الرجل طعامها الشحيح في المقام الأول”.

ووفقاً لمراقبين، فإن تحالف العدوان لا يتحمل فقط مسؤولية ارتفاع نسبة الفقر في اليمن خلال العدوان والحصار، بل يتحمل مسؤولية وجود 50% من الشعب اليمني كانوا تحت خط الفقر خلال فترة ما قبل العدوان حيث كان النظام السعوديّ يهيمن على القرار في اليمن والاقتصاد ويدير البلاد عبر عملائه الذين يحاول اليوم إعادتهم.

من جانب آخر، وفيما تستسلم عدن للمسلسل اليومي للتفجيرات الانتحارية والاغتيالات التي بلغت وفق إحصائية أكثر من 1500 حالة اغتيال منذ وقوعها تحت الاحتلال، فإن جوانب أُخْـرَى من معاناة أبناء عدن لا توجد لها روافع إعلامية، حيث بات اعتيادياً العثور على جثث مواطنين في ضواحي وأحياء عدن، وعلى سبيل المثال عثر مواطنون، أمس الأحد، على جثة مواطن يُدعى “مروان الصبيحي” بالقُرب من منطقة بير أحمد وعليها آثار إطلاق نار.

ويجد أبناءُ عدن أنفسهم اليوم بعد قرابة ثلاثة أعوام ضحية للاحتلال وضحية لعملائه الذين يتواطأون معه من خلال تنفيذ أوامره أَوْ التغطية على جرائم الاحتلال. وفيما تؤكد التقارير الدولية وجود معتقلات سرية في عدن وحضرموت تُمارَسُ فيها أنواع التعذيب ويديرها الاحتلال الإماراتي، إلا أن حكومة الفار هادي وما يسمى المجلس الانتقالي يبرِّئون الاحتلال وينكرون وجود تلك السجون، إلا أن قلةً من الوسائل الإعلامية التي تنقل الوقفات اليومية لأمهات المعتقلين في سجون الإمارات السرية في عدن.

وشهدت عدن، أمس الأحد، وقفةً احتجاجيةً لأمهات المعتقلين في سجون الاحتلال السرية رافعاتٍ لافتاتٍ كُتبت عليها عباراتٌ متعددةٌ أظهرت أن الاحتلال أوصلهن لمرحلة يأس، فإحدى الأمهات رفعت لافتة كتب عليها “أريد رؤيةَ ولدي” هي عبارة عكست أن طموحَ تلك الأُمّ لم يعد بإطلاق سراح ابنها المعتقل بل تطمَحُ لمجرد رؤيته فقط داخل المعتقل ولا تجد من يستجيب لها.

وقفةٌ أمهات معتقلي عدن جاءت بعد يومَين فقط من وقفة مماثلة لأمهات المعتقلين في سجون الاحتلال في حضرموت، يطالبن بإطلاق سراح أبنائهن الذين يتعرضون للتعذيب لفترات بين العام والعامين أَوْ عدة شهور.

يومياتُ الجنوب في ظل الاحتلال تشبه إلى حد كبير مأساة المعتقلين في السجون السرّية، فنادراً ما يتناول الإعلامُ المآسيَ التي يعاني منها أبناء مدينة عدن التي باتت هي الأُخْـرَى في سجن الاحتلال.

المسيرة