المجلس الزيدي الإسلامي يعزي الأمة برحيل السيد العلامة الزاهد حمود بن عباس المؤيد
نعى المجلس الزيدي الإسلامي رحيل السيد العلامة الزاهد المجاهد العابد حمود بن عباس المؤيد، الذي وافته المنية في مدينة صنعاء يومنا هذا الاثنين 2 رجب 1439هـ عن عمرٍ ناهز الـ(103) عاما.
وأشار المجلس في بيان له إلى أن الفقيدُ قضى عُمرَه في تدريسِ العلم ونشرِه، وتحقيقه، وولي الإفتاء حتى شدَّ إليه المستفتون الرحال من كل حدبٍ وصوب، واشتهرت فتاواه في طول البلاد وعرضها.
وأشاد البيان بمأثر الراحل وذكراه العطرة وأخلاقه العظيمة، التي مارسها سلوكا وتطبيقا، ودعا إليها مفاهيم ونظرية، لافتا إلى أن الفقيد قد ضرب المثل الأعلى في الزهد والقناعة على نفسه، وفي الكرم والجود على سائر الناس.
وأشار إلى أن الراحل كان نموذجا يُحْتَذَى في تحرُّكه الواعي والفاعل، انطلاقا من الهُوِيَّة الإيمانية اليمانية، على طريقة أهل البيت عليهم السلام
وعبر المجلس الزيدي الإسلامي بقيادته وكوادره عن عظيم العزاء وجليل المواساة لذوي هذا العالم الرباني وأقاربه وطلابه وزملائه، وللأمة الإسلامية جمعا راجيا من الله أن يجبر مصاب الجميع، ويعظم أجرهم، ويكثر نوالهم، وأن يخلف عليهم بأحسن الخلافة.
وفيما يلي نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وإن أتى الدهرُ بالخطب الفادح، والحدَث الجلَل، القائل في محكم كتابه: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وصلِّ اللهم وسلِّم على مولانا وسيدنا محمد وآله الطاهرين، القائل في ما رواه الإمام الأعظم زيد بن علي عليهما السلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تعلَّموا العِلمَ قبلَ أن يُرْفَعَ، أما إني لا أقول لكم هكذا – وأرانا بيده-، ولكن يكون العالمُ في القبيلة، فيموت، فيذهب بعلمه، فيتِّخِذُ الناسُ رؤساء جُهالاً، فيُسألون فيقولون بالرأي، ويتركون الآثار والسنن، فيَضِلون ويُضِلون، وعند ذلك هلكت هذه الأمة)،، وبعد:
فإن المجلس الزيدي الإسلامي ينعى إلى الأمة اليمنية والعربية والإسلامية رحيل السيد العلامة الزاهد المجاهد العابد حمود بن عباس المؤيد، من ذرية الإمام المؤيد بالله محمد ابن الإمام المتوكل على الله إسماعيل ابن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد رضوان الله عليهم أجمعين، الذي وافته المنية في مدينة صنعاء حي الجراف في يومنا هذا الاثنين 2 رجب 1439هـ الموافق 19 مارس 2018م عن عمرٍ ناهز الـ(103) عاما، قضاها في طاعة الله، وفي دراسة العلم، والتدريس، والعبادة، والإحسان، والعظة والإرشاد والتوجيه، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
لقد خلَّف فينا الراحل العظيم ذكرى عطرة، وأخلاقا عظيمة، مارسها سلوكا وتطبيقا، ودعا إليها مفاهيم ونظرية، فقد ضرب المثل الأعلى في الزهد والقناعة على نفسه، وفي الكرم والجود على سائر الناس، وكان نموذجا يُحْتَذَى في تحرُّكه الواعي والفاعل، انطلاقا من الهُوِيَّة الإيمانية اليمانية، على طريقة أهل البيت عليهم السلام. وتميز بالإحسان، فكثيرة مبراته الخيرية التي عمل على إنشائها، مساجد ومدارس ومناهل مياه وغيرها، وترك للأمة وراءه أجمل درس وأعظم سلوك ألا وهو حسن الظن بالآخرين، في وقتٍ الأمة وعلماؤها جميعا أحوج ما يكونون إلى هذا الخلق الرفيع، فقد كان سلام الله عليه طيبَ القلب، نظيف النفس، جميلَ الروح، عفيفَ المقصد، لا يسيءُ بأحدٍ ظنا، ولا يتَّخِذ منه موقِفا، ما لم يَرَ خروجا صريحا، وإصرارا قبيحا.
لقد عظُمَ الله في عينه فصغُر ما دونه لديه، فكان لهِجا بذكر الله، والحث على تعظيمه وتوقيره وإجلاله والثقة به، في تدريسه، وفي خطبه الشافية، ومواعظه البالغة، وظل طوال دعوته إلى الله تلك الشخصية الجامعة للأمة، وذلك النموذجَ العمليَّ الذي اتفق عليه المختلفون، واطمأنَّ إلى منهجه المتنافِرون، فكان يحضرُ خُطَبَه ومواعظه أهلُ المذاهب والتيارات الدينية والسياسية والاجتماعية المتنوعة، ويرون فيه جميعا مثالَ العالم العامل، ونموذجَ المصلح الكامل.
قضى الفقيدُ عُمرَه في تدريسِ العلم ونشرِه، وتحقيقه، وولي الإفتاء حتى شدَّ إليه المستفتون الرحال من كل حدبٍ وصوب، واشتهرت فتاواه في طول البلاد وعرضها، فكانوا لا يرِدون إلا إلى علمِه النافع، ولا يُصدِرون إلا عن فتاواه الفاضلة والفاصلة، فرضي بها الساخطون، وأجمع عليها المختلِفون، وتتلمذ على يديه كثيرٌ من العلماء المعاصرين في صنعاء وغيرها، وكان ممن ساهم في مواجهة العقائد المنحرفة، والاتجاهات المضلِّلة، بضربِه نموذجًا علميا فريدا، من خلال أخلاقه العالية، وتطبيقه الدقيق، لتعاليم الدين وآداب العلم، وبقي مخلصا للعلم، ذا همة قعساء في مراجعته ومذاكرته وتدريسه.
إن المجلس الزيدي الإسلامي بقيادته وكوادره يعبِّر عن عظيم العزاء وجليل المواساة لذوي هذا العالم الرباني وأقاربه وطلابه وزملائه، ونرجو من الله أن يجبر مصاب الجميع، ويعظم أجرهم، ويكثر نوالهم، وأن يخلف عليهم بأحسن الخلافة.
المجلس إذ يعزِّي الأمة جميعا في رحيل هذا العالم الزاهد، يذكّر بما دأب على التذكير به، وهو خطورة الوضع العلمي القائم، حيث يغادر هؤلاء النجومُ خلفاءُ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وليس هناك من يسدُّ الفراغَ العلميَّ والروحيَّ الذي يتركونه، وفي هذا المقام نتذكَّر ما رواه الإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ الله تعالى لا يرفع العلم بقبض يقبضه، ولكن يقبض العلماء بعلمهم فيبقى الناس حيارى في الأرض، فعند ذلك لا يعبأ الله بهم شيئاً).
أخيرا نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن ينزل عليه الرحمة والغفران، وأن يقابله بالرضا والرضوان، وأن يسكنه في كريم الجنان، وأن يلحقنا وجميع المؤمنين بعده صالحين، وأن يخلف علينا بعلماء عاملين مجاهدين، إنه واسع الفضل، جزيل الإحسان.
صادر بصنعاء عن المجلس الزيدي الإسلامي
بتاريخ 2 رجب 1439هـ
الموافق 19/ 3/ 2018م