حفيظ.. وعليم أيضاً
بقلم / حمود الأهنومي
لما عرض سيدُنا يوسفُ عليه السلام على عزيزِ مصر أن يتولَّى حكومة إنقاذ دولته من أزمة اقتصادية كانت تلوحُ في الأفق بتولي خزائن الدولة..
لم يقدِّم مؤهِّلاته لتلك المسؤولية بأنه نبي أو بأنه مؤمن فقط.
بل قال: (إني حفيظٌ عليم).
لم يقل: إني حفيظ فقط.
بل قال: عليم. أيضاً.
لماذا؟..
لأن إيمان (أبي ذر) وقوة تقواه لم تكن مؤهِّلاً كافياً لأن يتولى مسؤوليةً منعه منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان أصدق الناس لهجة وأصرحهم عبارة..
بل لا بد من العلم والمعرفة..
هناك الكثيرُ من القيادات في مناصبَ قيادية في الدولة ولكنهم للأسف قاصرون في إدارتها.
والدليل أننا انتظرنا من كثير منهم أن يتحركوا لإنجاز شيء منها في إطار عملهم..
ولكن لا حس ولا خبر حتى الساعة..
ألا يجدر بهم أن يسدوا ذلك النقص ويعملوا على معالجة ذلك الخلل في أدائهم..
بماذا؟..
باستشعار المسؤولية..
بالخوف من الله..
بسرعة المبادرة إلى التعلم..
تعلم كيف تكون ناجحاً وفاعلاً ومبدعاً..
بالانخراط في دورات إدارية متخصِّصة مثلاً وبطلب عقدها فوراً..
مَنْ يرفض هذه الفكرة وهو محتاجٌ إليها فهو متكبرٌ أو جاهل غبي لا يؤتَمَن على وظيفة عامة..
لمَ لا تُعقَدُ دورات تدريبية في مجالات الإدارة وحتى في التعريف بطبيعة الأعمال وتشعباتها وكيف يبدع المسؤول وكيف يرضي الله بشكل أفضل في عمله؟..
البعض من هؤلاء مطمئنٌ حيث يرى نفسه أنه أفضل من سلفه في العمل ولو بنسبة 10% إلى 30 أو 40%، وبالتالي فعليه سلام الله في الأولين والآخرين..
والحقيقة أنه..
إذا قارن رجلٌ منا نفسَه بمَنْ سبقه في ذلك العمل ورآها (نفسه) خيراً منه فعما قليل سيصير أسوأ منه..
قارِن نفَسك بما يجبُ عليك أن تقومَ به فقط، وبالشكل الذي يُرْضِي اللهَ عنك..
هل تؤدِّي أعمالَك كما ينبغي أم لا؟
هل يجوزُ لوكيل وزارة أن يبقى وكيلاً وهو لا يجيدُ كتابة تقرير مثلاً؟ أو إدارة اجتماع؟ أو إدارة حتى مكتبه؟ أو التعامل الناجح مع سكرتاريته؟ ثم لا يطلب العون من الله ويبكِّر لطلب العلم فيها في أقل الأحوال؟ هذا إذا لم يجبْ عليه أن يغادِر ذلك العمل فورا؟!!
وأخيراً..
حذارِ حذارِ حذارِ..
من الدورات والورش التدريبية النظرية إذا لم تستكمل بجانب تطبيقي..
أي دورة أو ورشة غير تطبيقية فهي فاشلة فاشلة فاشلة..
إنها المسؤولية التأريخية أيها الإخوة..
وإنه النجاحُ ورضوانُ الله.. أو الفشلُ وسخطُ الله..
اللهم قد بلّغت.. اللهم فاشهد..