عن العقيدة الجهادية لأنصار الله
بقلم | عباس الديلمي
كانت البداية في الأشهر الأولى على هذا العدوان التحالفي على اليمن عندما ذهبت إلى شقيقتي لعزائها بابنها الشهيد في إحدى الجبهات، حيث قالت لي – برباطة جاشن لم أكن أتوقعها – لقد استشهد في الجبهة خير له من أن يقتل في بيته وهو يرى من جاء لينكل بأبنائه وأسرته ومحارمه.
بعد ذلك كان للصدفة دورها فقد جمعتني بالشهيد البطل حسن عبدالله الملصي وسمعته يرد على من سأله: مع من صرت يا حسن؟ ويقول بكل ثقة: أنا مع الله، وكان للمصادفة دورها في جلوسي والحديث مع بعض الشباب الذين حملوا السلاح دفاعاً عن الوطن بعقيدة المسيرة القرآنية لـ”أنصار الله” وكيف وهبوا أرواحهم بعقيدة ترسخت في قلوبهم وهذا مما جعلني أرى في هذا التيار أو الجماعة “أنصار الله” ما يستحق التأمل في عقيدتهم الجهادية، وبما أوجزه مستهلاً بقولي وخاصة لمن يخالفني فيما رأيت: إن أخطأت فهذا رأي واجتهاد توصلت إليه”.
من حواري مع من ذكرت وجدت أن “الدين” إذا ما كان الاسم المختصر الجامع لكل ما يعبد الله به – وفقاً لأوامره وهديه – فإن الإيمان هو العقيدة التي ترسخ في القلوب والأفئدة كل القيم والمعاني النبيلة السامية التي جاء الدين بها حباً في الإنسان وإعلاء لشأنه في الكون ومن تلك القيم الحميدة والمعاني السامية الخير بمعانيه ، العدل، المساواة، الحرية، رفض الظلم والهيمنة والتجبر، رفض الخنوع والمذلة لغير الله، التحلي بالشجاعة والقوة والبسالة والإقدام حماية للدين والعقيدة، وذوداً عن كرامة وصون الوطن وكل ما أؤتمن عليه إنسان مؤمن .. ألخ.
هذا مما وجدته في تحاوري مع من ذكرت وجعلت منه مدخلاً لتفسير تلك البطولات والبسالات والإقدام على الموت بشجاعة وعن طيب خاطر، وما تميز به المجاهدون من أنصار الله وهم يواجهون عدواناً مكوناً من ثلاث إمبراطوريات هي إمبراطورات السلاح المدمر والمال النفطي والإعلام المتلاعب بالعقول، ولماذا بهروا حتى أعداءهم بهذا الصمود والبذل والتضحية .
وجدت في حواري معهم أنهم يحرصون على كسب محبة الله بصفات المؤمن القوي وإن المؤمن الضعيف هو من يتقاعس في الدفاع عن عقيدة من يفر من زحف من يجبن ومن يلين عزمه وإذا ما كان المؤمن القوي هو الأحب إلى الله فإن هذا الحب مقرون بالجهاد صفاً واحداً بقلب رجل واحد “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ” – سورة الصف – لاقتران حب الله بهذه الصفة القتالية رأينا فيهم ذلكم الترابط والتماسك الذي فشلت محاولات اختراقه..
ومن المفاهيم والقناعات الدينية التي تشكل العقيدة القتالية لدى أنصار الله أنهم حملوا السلاح دفاعاً عن وطن انتهكت فيه حتى الطفولة والتجمعات النسائية ودور العبادة.. إلخ لا من أجل شرعية مزعومة – ولكن من أجل الإبقاء على اليمن كحديقة خلفية لهم وإخضاعه للتبعية والهيمنة حتى على قراره الاقتصادي والسياسي ، ويرون في ذلك كفراً بحقوقهم في الحرية ونهج الحياة الذي يختارونه لهم ولأجيالهم، وهذا كفر وجب قتاله كونه لا يختلف عن كفر المشركين بكل ما جاءت به الرسالة المحمدية من كرامة وحرية ومساواة لبني البشر ومكارم بعث الرسول (ص) لاستكمال معناها وترسيخه كعقيدة.. وعليه فقد تمثلوا قول الله تعالى “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ” – 39 من سورة الفتح – وجعلوا من قتالهم وتصديهم لمن يكفر بحقوقهم الإنسانية في رتبة التصدي لمن كفر بإنسانية ومكارم الإسلام.. ونظروا إلى تحالف العدوان على اليمن الذي لا يبغي غير امتلاكه لقراره والسيادة على أرضه على انه لا يختلف عن تحالف الأحزاب في وجه رسول الله ودعوته ورسالته وإن في ذلك وعداً بنصرهم متمثلين قوله تعالى – وفقاً للرسالة القرآنية التي جعلوها منهجاً – ” وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ” – 22 سورة الأحزاب – تلك وقفة عابرة أمام العقيدة القتالية لأنصار الله تفسر بعضاً من اندفاعهم للجهاد وعشقهم للشهادة وإيمانهم بالنصر.