الخبر وما وراء الخبر

ولد الشيخ وآخر كذبة

57

بقلم / حسن زيد

كرّر الكثيرُ من الإخوة المتحاملين على أنصار الله إرسال مقطع من آخر إحاطة لممثل أمين عام المتحدة السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد والذي قال فيه بأنه قدم مقترح شامل للحل بالتوافق مع الأطراف المشاركة في المفاوضات إلّا أنه في الدقائق الأخيرة لم يوقَّع.

وعلى فرض أنه في حكايته روايته صادق فإنّه لم بِسْم الطرف الذي رفض التوقيع على المقترح الشامل لسبب بسيط وهو مراعاة وخداع أَيضاً لأولياء نعمته (قيادة السعودية).

ونحن نعلم أنه كان مقترحاً للحل رحّبت به القوى المشاركة في المفاوضات، ولكن حكومة فنادق الرياض عادت فرفضته وأصرت على تحويل مسار المفاوضات من البحث عن حل شامل إلى مسار جزئي أمني، وقد تكرّر نكوصُ وتراجع وفد حكومة الفنادق عمّا سبق لهم أن وافقوا عليه بمجرد تراخي الضغط الإقليمي والدولي عليهم وتم الاقتصار على مقترحات اقتصرت على الجانب الأمني والذي عنى في جوهره أن على أنصار الله إعلان الاستسلام والبدء بخطوات تنفيذ إعلان الاستسلام بتسليم الحديدة بل تهامة كلها للمجهول (كما جاء في آخر مقترحات ولد الشي الحديدة أولاً ومعها الانسحاب من مطار صنعاء ومحيطه ٤٠ كيلو متر مربع وتسليمها للوحدات التي كانت تسيطر عليها عسكرياً، وهي كما نعلم الفرقة أَوْ علي محسن تحديداً وتهامة كذلك وتحت إشراف ورقابة أممية في مقابل إعادَة فتح مطار صنعاء والسماح لميناء الحديدة بالعمل التجاري.

إن من يحاولون توظيفَ تصريح ولد الشيخ لتكريس اتّهام أنصار الله بأنهم من يرفضون الحل السياسي للصراع يبنون موقفَهم على أن ولدَ الشيخ كان محايداً ووسيطاً نزيهاً، ورغم أن هذا غير صحيح بالمرة، بل العكس افتقر عملُه للنزاهة حتى في خدمة السعودية وإخراجها من مستنقع الدم والدمار الذي تغرق فيه؛ لأن ولاءه كان أولاً وأخيراً لاستمرار عائدات وظيفته من بدلات سفر ولجان وووووو وهدايا ووووووإلخ؛ ولأن وقف العدوان والوصول لاتّفاق سياسي سيحد من العائدات وقد ينهي دوره، وشواهد ذلك كبيرة ومتواترة ومقنعة، أوضحها أنه هو الذي كان ينقض أي مشروع اتّفاق ويفتح مسارات أُخْــرَى، ويكفي أن نتذكرَ انقلابَه على نتائج مفاوضات الكويت التي كادت الأطراف أن توقعها لولا إجارة عيد الفطر، وتذرّع أَوْ برر انقلابه على نتائج المفاوضات بتلقيه وعداً من (زعيم المؤتمر الشعبي العام الذي التقاه في زيارته عقب اجازة العيد) بانه سيقنع أنصار الله بتقديم تنازلات أَكْثَر، وأن هذه التنازلات ضرورية لتمكين السلطة الانتقالية من عملها وَأَيضاً ستُجبِرُ أنصار الله في الأخير على الاستسلام المطلق؛ لأنها ستجفّف مصدر التمويل لديهم، وبالتالي ستحد من صمودهم، فلماذا انقلب ولد الشيخ على نتائج الكويت؟

ولماذا تجاهل موافقة أنصار الله على التعاطي الإيجابي مع خارطة الطريق التي صاغها مكتب ولد الشيخ ورفضها وفد حكومة الفنادق؟

ثم لماذا شن حملة على مبادرة كيري الرباعية (التي صاغتها دول تحالف العدوان الرئيسة؟) وشجّع حملة واسعة على أية مشاريع للحل لا تصدر عنه وتحت إشرافه؟

أجزم بأنه لعب درواً محورياً في إطالة أمَد العدوان والحصار بإيصاله رسائلَ مضللة للسلطة السعودية عند كُلّ محطة أبدت السعودية رغبتَها وتصميمَها على وقف عدوانها، وتتمثل هذه الرسائل بأن أنصار الله على وشك الاستسلام، وأن التيار الثالث أَوْ القوة الثالثة (القيادات العسكرية والأمنية والمؤتمر الشعبي العام على وشك امتلاك القوّة الكافية لإسقاط سلطة أنصار الله إن لم يقنعوهم بالقبول بالحل الذي يحقق للسعودية الانتصار الحاسم المبين.

ومجمل إحاطاته تعبّر عن ذلك بوضوح..

صحيحٌ أن الأمانةَ العامةَ للأمم المتحدة لا تملك القوة والسلطة لفرض حلول للمشكلات ولا تستطيع ولا تملك السلطة لوقف الحروب والنزعات ومبعوثوها أضعف منها بكثير وأقل سلطة، لكن المبعوث الأممي ومكتبَه يستطيعون تعقيد أي نزاع وتحويله إلى مصدر للإثراء من خلال تطويله وحرف المفاوضات عن المسارات المنتجة وإطالة مهامهم وعملهم من خلال تحريف رسائل الخصوم عند بعض وَأَيضاً لدى القوى الدولية الكبرى القادرة على فرض الحلول بقرارات من مجلس الأمن إن توافقت ولن تتوافق إلّا هدّد النزاعُ مصالحَها أَوْ الأمن والسلم أَوْ انعدمت مصالحُها من المشكلة.

وهذا للأسف لم يتحقق حتى الآن، فحتى روسيا تجدُ أن تمرغ أنف السعودية في اليمن وغرقها في مستنقع الدم اليمني فرصةً للتعجيل بتحقيقها نصر حاسم على قوى الإرهاب المدعومة من السعودية، بالإضَافَة إلى أن اليمن كلها باتت عقب سقوط المعسكر الشرقي مجال نفوذ أمريكا وأدواتها والحرب ستنتج واقعاً قد يمكّنها من العودة.

باختصار ولد الشيخ ليس نزيهاً ولَم يكن قط، وقد عمل على إعاقة وعرقلة المفاوضات ونقلها من مسار إلى آخر، وكذب على كُلّ الأطراف، وأن أنصار الله هم الطرف الوحيد الذي كان جاداً وصادقاً في البحث عن حل، وقدموا كُلّ التنازلات الموصلة إلى حل؛ لأنهم الطرفُ الوحيدُ الأساسي المتضرر من استمرار العدوان والحصار والمواجَهات الداخلية، ويلحق بهم الإصلاح إلّا أن قادتَه أسرى بيد التحالف وأحقادهم.

ولماذا لم يعلن ولد الشيخ المقترح الذي أشار إليه؟

وللحديث بقية..