الخبر وما وراء الخبر

يجب أن تكون معاييرنا إلــهية

66

|| من هدي القرآن ||

يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية، هذه في هي حد ذاتها تستدعي لها وقتاً طويلاً نتفهم جميعاً كيف يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية في مختلف الأشياء حتى لا نخدع؛ لأن فرعون إنما خدع قومه في مواجهة موسى بمعايير مادية {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ. أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} مسكين {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}، أليست هذه كلها مظاهر مادية؟ أن يكون معه حاشية وخدم وموكب مثل ما معي يكون معه موكب من الملائكة, وأساور من ذهب وأشياء من هذه، هكذا يُخدع الناس دائماً بالمعايير المادية، التي هي في حد ذاتها لا يعطى إلا القليل منها على أيدي من يخدعون بها أو ينمقون أنفسهم أمامنا بالحديث عنها.

متى ما كانت المعايير التي نتعامل من خلالها مع الآخرين معايير إلهية فسيتحقق الكثير على يد من لديهم مبادئ إلهية مترسخة في أعماق نفوسهم، تجعل نفوسهم محطاً لأن يهتموا بالآخرين وإن لم يكن يعرفون الآخرين ولا يعرف الآخرون أسماءهم ولا أشكالهم. لاحظوا، الإمام علي هو آتى الزكاة وهو راكع؟ هل هو يتلفت إلى الفقير ويعرف من هو؟ أو الفقير نفسه يعرف من هو هذا؟. أليست هذه هي في حد ذاتها تبين لنا؛ لأنه أحياناً قد يقدم لك هذا خدمة لأنه يعرفك وتعرفه معرفة فيستحي منك أن تعرفه ثم لا يعطيك شيئاً، علي وهو أثناء الركوع ميزة أكثر من لو أعطاه وهو أثناء القيام، لو تعرّض له الفقير وهو أثناء القيام في الصلاة ربما لاتجه الفقير إليه لمعرفة ملامحه ربما يكون لديه شيء، أو ربما رأى الفقير فرأى حالته الرثّة فأشفق عليه .. لكن لا .. هو في حالة الركوع وعادة يكون الإنسان الذي يركع لا يبصر إلا الأرض، سمع بفقير يسأل، هذا الفقير لا يراه وهو لا يراه فيؤشر بيده إليه ليأخذه. هكذا يكون من نلحظ فيهم أن تكون نظرتنا إليهم من منطلق المعايير الإلهية, التكامل الإلهي من خلال ما ترسخ في نفوسهم من قيم الإسلام ومبادئه، هم من سيهتمون بمن لا يعرفهم ولا يعرفونه.

ألسنا نقول دائماً: أبحث لك عن وساطة؟ ما معنى وساطة؟ أي شخص يعرف فلاناً ويعرفه فلان، أليست هكذا؟. من أجل يمكن أن تحصل على كذا، يمكن أنه يسهل لك معاملة المشروع الفلاني، ابحث لك عن وسيط. ما معنى وسيط أليس معنى الوَسِيط أن هذا يعرف هذا؟ هي هذه.

الإمام الخميني اهتم بمن لا يعرفهم، وبمن لا يعرفون ربما إلا صوره بعدما صعد، اهتم بهم فملأ إيران بالمشاريع في مختلف المجالات، وأصبحت إيران تكاد أن تشرف على أن تكون دولة صناعية، أصبحت تنتج إلى مختلف البلدان إنتاجات كثيرة تصدر حتى السيارات، ترى شوارع [طهران] كلها سيارات من صناعة محلية لا ترى سيارات يابانية أو كورية إلا نادراً، ترى كل ذلك السيل الذي يظهر أمامك في الشوارع كله سيارات إيرانية، ونحن كنا نحرث زمان على إثنين أثوار وكان يقدم هذا المظهر مظهراً متخلفاً أمام الحرّاثة ثم نقص ثور ثم غاب الثور وطلع بدله حمار.

{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ثم هؤلاء على أيديهم هم .. لاحظوا، متى ما كانت قيادة الناس من هذا النوع فهم من يعرفون كيف يبنون الأمة لتصبح فعلاً أمة قوية. ما الذي يحصل في البلدان العربية؟ أليس الزعماء يقدمون أنفسهم هم – فقط – أمامنا كأقوياء، لكن لم يقدمونا كأمة قوية أمام الآخرين فلا يعملون أي عمل يسهم في أن نكون أمة قوية في مواجهة الآخرين.

إيران فتحت المعسكرات للتدريب رجالاً ونساء، اهتمت ببناء الاقتصاد في مختلف مجالاته، التعليم في مختلف مجالاته، احتاجوا ثورة علمية من جديد، ثورة من جديد بعدما انتصرت الثورة الإسلامية؛ ليعيدوا المناهج ويجعلوها بالشكل الذي يفيد.

نحن لا نجد في واقعنا أي شيء يؤهلنا لأن نكون أمة قوية في مواجهة الآخرين، أي نحن لا نجد من يبنينا بناءً لنكون حزب الله؛ لأنه من يمكن أن يبني أمة لتكون حزب الله التي تقهر الآخرين من أعدائها، إذا لم يكن هو ممن يمثل رقم واحد داخل ولاية الله ورسوله، ممن يمثل رقم واحد داخل حزب الله. أعضاء حزب الشيطان لا يمكن أن يبنوا أعضاءً في حزب الله، لا يمكن إنما يبني حزب الله من هو يحمل الأرقام الأولى في بطاقات حزب الله.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم.

سلسلة سورة المائدة الدرس الثاني

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.

بتاريخ: 14/ 1/2002م

اليمن – صعدة