الخبر وما وراء الخبر

هل بدأ عصر الغاز الطبيعي؟

66

تضمن “أسبوع البترول الدولي” الذي انطلق، الثلاثاء، في لندن يوما كاملا مخصصا للغاز الطبيعي في أسواق تدل على تصاعد أهمية الغاز الطبيعي مقابل النفط في أسواق الطاقة العالمية.

ويأتي ذلك في وقت تتحدث فيه دوائر صناعة الطاقة عن احتمالات توسيع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لتضم أعضاء جدد أهمهم روسيا، أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي في العالم.

ويقول عدد من الخبراء المشاركين في مؤتمر لندن إنه قبل 2013 لم يكن الاهتمام بالغاز الطبيعي ملحوظا في الاجتماع الدوري للمنتجين والمصدرين وشركات الطاقة الكبرى ضمن أسبوع البترول الدولي، لكن مع اتجاه العالم للبحث عن مصادر الطاقة النظيفة يزيد الاهتمام بالغاز كمصدر طاقة أحفوري أقل ضررا بالبيئة من النفط.

وتتجه الشركات الكبرى للاستثمار في محطات تسييل الغاز الطبيعي لتسهل تجارته في براميل وناقلات وليس بالضرورة خطوط أنابيب قد لا تصل ما بين المنتجين وكافة أسواق الاستهلاك.

يذكر أنه منذ بدأ تراجع أسعار النفط في صيف 2014 لم تهتم الأخبار الاقتصادية بأسعار الغاز التي تضررت أيضا، لكن ذلك زاد من الطلب عليه وبناء محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز بدلا من الديزل (أحد مشتقات النفط).

تقدر وكالة الطاقة الدولية، التي تقدم المشورة في مجال الطاقة للدول الصناعية الكبرى، أنه إذا استمرت حكومات دول العالم في تبني سياسات اقتصادية تحافظ على البيئة فإن نصيب الغاز والطاقة المتجددة من إجمالي المعروض العالمي من الطاقة قد يصل إلى 54 بالمئة بحلول عام 2040 مقابل 36 بالمئة حاليا.

ومن المؤشرات على ذلك تقديرات كثير من الخبراء والمحللين في مجال الطاقة بأن قمة عصر النفط قد تنتهي في غضون السنوات المقبلة.

ويعزز ذلك أن شركات الطاقة الكبرى مثل “رويال دتش شل” و”بي بي” أصبحت تخصص قدرا أكبر من استثماراتها المستقبلية للغاز الطبيعي أكثر من النفط.

وحسب شركة استشارات الطاقة “وود ماكينزي” فإن الغاز الطبيعي يتجاوز النفط بنسبة 25 بالمئة بين الموارد غير المطورة بعد التي تنتظر الاستثمار فيها.

وكما نقلت صحيفة “الفاينانشيال تايمز” عن مدير المبيعات في شركة “إيني” سابقا والرئيس التنفيذي لشركة “سنام” الايطالية المتخصصة في البنية الأساسية لإنتاج الغاز الطبيعي، ماركو ألفيرا، فإن “طريقة التفكير تغيرت في الأشهر الاثني عشر الأخيرة وبدأت شركات النفط التقليدية تتحدث عن الغاز وطاقة المستقبل”.

لكن ما لم يحسم بعد في نقاش الخبراء والمحللين، ويسهم مؤتمر لندن في إلقاء الضوء عليه، هو ما إذا كان الغاز الطبيعي سيمثل مصدرا انتقاليا للطاقة ما بين عصر النفط وعصر الطاقة المتجددة أم أن عصر الغاز قد يستمر مع المصادر النظيفة كالشمس والرياح والطاقة النووية.

يبقى أن ما يجمع عليه كثير من الخبراء والمتخصصين أن أيام هيمنة النفط على قطاع الطاقة تتراجع لصالح الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة.

ولعل ذلك ما أعطى وقودا للحديث عن تشكيل سوق الطاقة، وخاصة منظمة أوبك، في ظل احتمالات انضمام روسيا إليها لتستعيد المنظمة أهميتها بوجود أكبر منتج للنفط (السعودية) وأكبر منتج للغاز (روسيا).

ويفسر ذلك اللغط الشديد في الأيام الأخيرة بشأن استكشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، والتعاون بين المنتجين لاستخدام قدرات تسييل الغاز في مصر، المعطلة منذ عام 2011 لتسهيل التصدير والتجارة على نطاق واسع للغاز الطبيعي المسال.

يذكر أنه بعد روسيا، تأتي إيران وقطر في الترتيب بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي – هذا قبل الاكتشافات الهائلة في شرق المتوسط.

وفي ظل تدهور قطاع الطاقة الإيراني على مدى عقدين، وعدم استعادته لعافيته بعد توقيع الاتفاق النووي قبل عامين، وأزمة قطر وعزلها لنفسها، تبدو خريطة الطاقة الغازية في طور تشكل جديد.

ومع انخفاض أسعار الغاز ستتجه دول أكثر لبناء محطات توليد كهرباء تعتمد عليه وربما تطور صناعات جديدة تعتمد على الغاز الطبيعي أكثر من النفط.

المصدر: المنار