قانون اسرائيلي يضع أصحاب الأرض في خانة المتسللين
بعد مرور ست سنوات على القانون الاسرائيلي الجائر الذي يفرض الحبس لأي متسلل إلى الأراضي المحتلة لمدة ثلاث سنوات منذ اللحظة التي تدوس قدمه الأرض المحتلة، وتم تعديل القانون فيما بعد ليصبح سنة واحدة فقط، وفيما أكد بعض المحللين الاسرائيليين أن هذا القانون يستهدف الأفارقة الذين تسللوا إلى الأراضي المحتلة لكننا نجد الآن أن هذا القانون لم يكن يستهدف سوى الفلسطينيين العرب القاطنين داخل الأراضي المحتلة.
الفلسطينيون والأفارقة في نفس الميزان
مؤتمر حزب الليكود الأخير وبعد مشاورات عدّة أقرّ بداية هذا العام قانوناً يسعى الآن إلى فرضه على قائمة القوانين الإسرائيلية، حيث يسعى القانون إلى ضم كافة المستوطنات في الضفة الغربية “لإسرائيل”، حيث لا يستهدف هذا القانون ضم المستوطنات فقط، بل يتعداه إلى التأثير على الفلسطينيين والأفارقة المهاجرين أيضاً.
وزير الأمن الداخلي “جلعاد أردان” أحد قادة حزب الليكود المتشددين قام بنفسه بإجراء الدراسات اللازمة التي تمكّن من تحويل قرار “الليكود” الأخير إلى قانون يُشرّعه الكنيست، أو على أقل تقدير تعديل أحد القوانين الموجدة بما يتماها مع هذا التوجه، ليجد أردان في قانون منع التسلل ضالّته فيه، ويقول متابعون إنّ أردان عمل على تطوير أحد القوانين التي تتعلق بعمل وزارة الأمن الداخلي، وهو القانون الخاص بفرض العقوبات على المتسللين والمقيمين غير الشرعيين ومساعديهم.
ونقلت وسائل إعلامية عن أردان وهو المرشح لخلافة نتنياهو في قيادة الحزب تأكيده بأنّ العقوبات التي تُفرض على اللاجئين غير كافية ولا تعتبر ردعية بما يكفي، أردان يقترح قانونًا يشدد العقوبات على المتسللين والمقيمين غير الشرعيين، لكن أردان يقترح إضافة فقرة للقانون تصبح المستوطنات وأراضي الضفة من ضمن هذا القانون، وهو بهذا حسب ما يؤكد خبراء ساوى بين الفلسطينيين أصحاب الأرض، وبين اللاجئين القادمين من إفريقيا، كما أنّه يفرض قوانين دولة الاحتلال على المستوطنات التي تعتبرها “إسرائيل” نفسها محتلة.
منع تسلل فلسطيني
يؤكد خبراء أنّ من يعتقد أنّ القانون الإسرائيلي الخاص بمنع التسلل صدر في العام 2012 فهو مخطئ، مؤكدين أنّ هذا القانون صدر للمرة الأولى في العام 1954، وذلك ردّاً على محاولات اللاجئين في العودة إلى ديارهم.
ويؤكد مراقبون أنّ هذا القانون يمنع عودة أي فلسطيني أخرج من دياره خلال حرب عام 1948، الأمر الذي حرم مئات الآلاف من الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم، وبعد حرب 1973، أصدرت سلطات الإحتلال العسكرية عدداً من “أوامر منع التسلل” العسكرية التي تُجرم العودة، حيث تُطابق تلك الأوامر في مضمونها القانوني قانون عام 1954، الأمر الذي أغلق أيّ باب للعودة أمام الفلسطينيين المُهجَّرين سنة 1967.
ويؤكد مراقبون أنّ دولة الإحتلال سخَّرت نظامَها القانوني ومؤسساتها القانونية عامةً ومنذ نشأتها وحتى اليوم من أجل تطبيق سياسة تهويد الدولة، مع ابعاد أيّ فلسطيني عن تلك “الدولة الصافية”، الأمر الذي تسبب في التهجير الدائم للفلسطينيين من أراضيهم، وجعلهم عرضةً للسجن في حال حاولوا الاقتراب من تلك الأراضي.
الطرد أو السجن
وفيما يتعلق بالأفارقة اللاجئين إلى دولة الاحتلال والذين يُقدر عددهم بحوالي 60 ألف طالب لجوء، منهم 27 ألف طالب لجوء إرتيري وحوالي 8 آلاف سوداني، من ضمنهم أكثر من 2200 من إقليم دارفور في السودان، حيث قدم الكثير منهم طلبات لجوء لكن الرفض كان من نصيبها، وذلك وفقاً لبيانات سلطة السكان والهجرة العبرية.
وقالت صحيفة هآرتس العبرية إن المتسللين الذين يتمُّ ضبطهم سينقلون إلى “معتقل صحراوي” يُدعى “سهرونيم” ويقع بالقرب من معتقل النقب الصحراوي، حيث خضع سهرونيم في الأيام الأخيرة لأعمال تصليحات وتوسيعات أهلته لاستيعاب 5400 معتقل بدلاً من سعته الحالية والبالغة 2000 معتقل .
تجدر الإشارة إلى أنّ مسألتي “الأمن والاستيطان” في التفكير الإسرائيلي هي مسائل لا تقبل النقاش، حيث أنّ الأمن الذي توفره تلك المستوطنات للمستعمرات الإسرائيلية هو بالنسبة للساسة اليهود أمرٌ وجودي أكثر منه ضرورةٌ أمنية، لأنه ومن دون المستعمرات حسب خُبراء تصبح قوات الإحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية جيشاً أجنبياً يحكم شعباً فوق أرضه، ومن هنا تأتي أهمية قانون “منع التسلل” وخصوصاً بشقه المتعلق بالفلسطينيين، حيث أنّ وجودهم هناك من شأنه أن يُفرغ تلك المستوطنات من أهدافها، ويعود بها إلى أصلها الفلسطيني، الأمر الذي ترى فيه “إسرائيل” أمراً وجوديّاً بالنسبة لها، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ “إسرائيل” وباستثناء تلك المستوطنات المنتشرة على أراضي الـ 67 خصوصاً تُشكل العامل البشري الأقوى لمد السيطرة الإسرائيلية على باقي المناطق المحتلة.