الخبر وما وراء الخبر

ما موقع تحالف العدوان في احداث عدن؟

46

بدأ تحالف العدوان السعودية بالتوسط بين الطرفين المتنازعين التابعين له في عدن، وهذه التسوية لا تتضمن إنهاء النزاع بشكل تام، فربما تؤدي إلى تمكين الإمارات في عدن سياسياً وعسكرياً، والإطاحة بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» التابع للإمارات وذلك لبدء مرحلة جديدة في الجنوب.

لم ينتظر «التحالف» أكثر للتدخل لوقف أسوأ اقتتال بين حلفائه وإعادة الهدوء إلى عدن، بعد معارك عنيفة ودموية استمرت ثلاثة أيام، بين المكونين التابعين له، حكومة الرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي والألوية التابعة لها من جهة، و«المجلس الانتقالي الجنوبي» التابع للإمارات من جهة ثانية، ما استدعى الأمم المتحدة وعواصم عالمية معنية، إلى إطلاق بيانات «القلق» والدعوة إلى نزع فتيل الأزمة.

وبالتزامن مع تلك الدعوات، جاء تحرك «التحالف» الفعلي، بإطلاق بيان جديد، إلحاقاً ببيان سبقه اكتفى بالدعوة إلى التهدئة، حذّر فيه من «إجراءات» قد يتخذها في عدن، إن لم تستجب الأطراف المتصارعة لدعوات التهدئة، لكن ذلك، كان بالنسبة إلى حكومة أحمد بن دغر متأخراً، إذ جاء بعد محاصرة «الانتقالي» القصر الرئاسي في معاشيق، حيث كان بن دغر وسبعة وزراء، في داخله، بحماية قوات سعودية، فيما سيطرت قوات «الانتقالي» على معظم مناطق المدينة.

موقف الرياض الذي تناغم مع التحركات العسكرية لـ«المجلس الانتقالي» بقيادة عيدروس الزبيدي، اعتبره مراقبون ضوءاً أخضر لتحركات الأخير، ما ينذر بمرحلة جديدة يريد «التحالف» تدشينها، من شأنها إعادة تشكيل الخريطة السياسية والعسكرية في عدن، باتفاق بين «الانتقالي» والرئيس المخلوع هادي.

ولتمرير الوساطة، شكّل «التحالف» «لجنة تهدئة» تابعة لجبهة الساحل الغربي بقيادة أبي زرعة المحرمي، التابع للسعودية، وقد بدأت، مهماتها على الأرض، بدأ ذلك، في انحسار الاشتباكات الدامية التي بدأت الأحد الماضي، وتسليم مقاتلي «الانتقالي» قاعدتين عسكريتين، كانوا قد سيطروا عليهما، كذلك أعادت البنوك والمتاجر فتح أبوابها أمس، واستؤنفت حركة المرور في الشوارع، بعد أيام قضاها الكثيرون داخل البيوت، هرباً من القتال، الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 35 مقاتلاً ومدنياً، بحسب الصليب الأحمر الدولي.

وساطة… بلا تسوية

انفراج الأزمة، وفقاً لبنود وساطة «التحالف»، جاءت بالتفاهم مع الرئيس المخلوع هادي، من شأنها أولاً، تنحي بن دغر وإعلان “حكومة جديدة”، على أن يمنح «المجلس الانتقالي» الرئاسة، متمثلة بعبد ربه منصور هادي، بعض الوقت لعملية تعيين “حكومة جديدة”، بالمتابعة مع «التحالف»، وأن يسمح «المجلس الانتقالي» “لحكومة بن دغر”، بتأديه مهماتها ابتداءً من يوم الأربعاء، حتى إعلان “الحكومة الجديدة” في أقرب وقت ممكن، بالتشاور مع «اللجنة الثلاثية»، وهي لجنة تشكلت العام الماضي، برئاسة مرتزقة العدوان، تضم الإمارات والسعودية، لحل ما تعرف بـ«معركة المطار» العام الماضي، التي سببت نشوب معارك عسكرية بين “حكومة” هادي المخلوع و«الانتقالي»، بعد رفض الأخير، هبوط طائرة للرئيس المخلوع هادي في مطار عدن في شباط/ فبراير الماضي، وشاركت فيها طائرات «أباتشي» إماراتية.

وينص اتفاق الوساطة ثانياً، وفقاً للمصادر، على أن تكون الحكومة الجديدة «حكومة كفاءات»، وهو ما طالب به رئيس «المجلس الانتقالي» عيدروس الزبيدي، أول من أمس، في تصريح على قناة «فرانس 24»، على أن «تنشغل الحكومة الجديدة بالجانب الخدمي والمعيشي فقط، بعيداً عن المكايدات السياسية، وعن أي ممارسات أو تصريحات مستفزة لشعب الجنوب».

وفي أثناء المعارك المحتدمة وسقوط «اللواء الرابع حماية رئاسية» بيد «الانتقالي»، كان قائد اللواء، العميد مهران القباطي، قد سحب كتائب تابعة له في جبهة البقع الشمالية، التابعة لمحافظة صعدة، على الحدود السعودية، لمواجهة قوات «الانتقالي» في عدن، الأمر الذي دفع قيادة «الانتقالي»، التي أكدت أنها ستسلم “حكومة” هادي المخلوع باقي الألوية، إلى التحفظ عن اسم القباطي. وفي ضوء ذلك، نص الاتفاق ثالثاً، «على تعيين قيادة من الحزام الأمني لمعسكرات الحرس، واستبعاد مهران القباطي (التابع للسعودية)، والقيادات السابقة لتلك المعسكرات»، على أن «تعمل القيادة الجديدة التابعة للحزام الأمني (التابع للإمارات)، على تسلّم تلك المعسكرات، وعودة قوات المقاومة الجنوبية إلى مواقعها»، التي سحبها القباطي من جبهة البقع الشمالية.

وتنص بنود الوساطة رابعاً، على نقل هذه الألوية إلى خارج عدن، وفق خطة مزمنة، لعدم حاجة المدينة لهذه الثكنات العسكرية، وإشراف تحالف العدوان على ذلك، ما يشي بأن «التحالف»، يسعى إلى تشكيل نواة جيش وطني جنوبي ذي مهمات أمنية وعسكرية محددة خارج عدن.