الخبر وما وراء الخبر

اتقوا شر اليمن إذا غضب!

112

بقلم | عبدالله علي صبري

تعلن الأمم المتحدة عن أكبر كارثة إنْسَانية في العالم، بينما يتعامل العالم مع اليمن وكأنه يعيشُ حرباً عابرةً يمكن معالجة تداعياتها بتصريحات وتحَـرّكات محدودة يسمح بها الجلاد من باب ذر الرماد على العيون لا أكثر.

مرض الملاريا يزحف ويهدد حياة الآلاف من اليمنيين، ومن قبله “الكوليرا” وَ”الدفتيريا”، بينما اليمنيون وحدَهم مَن يواجه هذه الكارثة، التي غدت أشبه بحالة عقاب جماعي غير مسبوقة.. ومن لم يقتل بالقصف والغارات يموت جوعاً ومرضاً وحسرة!

هذا الاستخفاف العالمي باليمن ومأساته يضعنا أمام سؤال عريض يتعلق بـ “الأنسنة ” التي يفترض أن العالم المتحضر قد وصل إليها، وجعل منها مقياساً لتقدُّم هذه الأمة أَوْ تلك.

فحين يُفرَضُ حصارٌ شاملٌ على نحو ثلاثين مليون نسمة، ثم لا يتحَـرّك “الضمير الإنْسَاني” على نحو جاد؛ للحد من هذا الظلم والعدوان، والجريمة المكتملة الأركان، فهذا يعني أننا نعيش تحت قانون الغاب حيث البقاء للأقوى، وهذا يعني أن لا مناصَ أمام اليمنيين سوى المزيد من الصمود والتوحد والتصعيد في مختلف الجبهات، بما في ذلك جبهة باب المندب، حيث بالإمكان تهديدُ مصالح دول العدوان وإجبارهم على إيقاف الحرب ورفع الحصار، أما إنْ تمادوا في تصعيدهم وعدوانهم، فالنتيجةُ واحدةٌ، وما عساهم أن يفعلوا بشعبنا أكثرَ مما فعلوا!

لقد وضع الرئيسُ الصماد النقاطَ على الحروف في حديثه المتلفز مع نائب المبعوث الأممي إلى اليمن، بيد أن دولَ العدوان وقوى الاستكبار العالمي لم تفقه بعدُ مغزى الرسالة اليمنية، ولعلهم ينتظرون انهياراً شاملاً لشعب يقاوم العدوان منذ ثلاث سنوات وسط اختلال الموازين وتفاقم الصعاب والتحديات.

لن يدفع اليمنيون وحدَهم ثمنَ هذه الكارثة الإنْسَانية، ولا يزال في جُعبة الجيش واللجان الشعبية مفاجآتٌ قد تخلط الأوراقَ مجدداً، وتجعل العالم يهرع إلى الحل السياسي والإنْسَاني.

بل إن المؤشراتِ والمستجداتِ تؤكد أن العدوان على اليمن لن يقتصرَ خطرُه على اليمن أرضاً وإنْسَاناً، فرقعة النار تتمدد في منطقة الخليج العربي، والأزمة الخليجية مع قطر قد تخرج عن السيطرة، خاصة أن العقليةَ السعو إمارتية تتصرف بطريقة استعلائية مع دول الجوار وآخرها سلطنة عُمان التي يراد لها أن تدفعَ ثمنَ حيادها الإيجابي تجاه حروب المنطقة..

حتى الورقة الاقتصادية التي راهن عليها العدوان، فإنها قد ارتدت عليه وعلى مرتزقته، ما جعل السعودية مضطرةً للإعلان عن وديعة لدعم الاقتصاد اليمني، في مفارقة لا تحدُثُ إلا مع العدوان الهمجي، الذي يقتل اليمنيين ثم يعلن عن حملة مساعدات لإنقاذهم.. يدمر الاقتصاد، ثم يتدخل للحِفاظ على قيمة العملة المحلية!!

هذا التخبط يؤكد مجدداً أن الحربَ على اليمن ترتدُّ بالسلب على تحالف العدوان، الذي إنْ لم يستفدْ من الدعوات الإنْسَانية لإيقاف هذه الحرب العبثية، فإنه لن يحتملَ خطواتٍ استراتيجيةً للجيش واللجان والشعبية..

إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، فاتقوا شرَّ اليمن إذا غضب!