ملعونين أينما ثُقفوا
بقلم | عبدالوهاب المحبشي
ما هي اللعنة؟
حين يقول الله سبحانه: (فأولئك عليهم لعنة…)
وَحين تلاحق الإنْسَان لعنةٌ.. ماذا يحصل له؟
لعنة عقوق الوالدين مثلاً..
ألا تبقى حياته مليئةً بالنكد؟
ألا يعيشُ حالةً من عقوق الأولاد؟
كذلك الأمر بالنسبة لأهل الفجور
تلاحقهم لعنة أفعالهم في أهلهم..
نسمع عن لعنة الفراعنة فما هي؟
يقال إن كُلَّ مَن يحفر في مقابر الفراعنة بحثاً عن الكنوز تلاحقُه لعنةٌ.. كيف؟
تحدُثُ له نكباتٌ متوالية!
وَهناك قصصٌ كثيرة لمستكشفين من الغرب وَمستشرقين..
كذلك يحصل لكل من أيّد ظالماً مع علمه بظلمه سيلحقُه بطشُ هذا الظالم نفسه..
تلاحقُه لعنةُ المظلومين قبل أن تلحقَ الظالمَ نفسَه..
ما هي اللعنة؟
هل هي الطردُ من الرحمة؟
هل هي شتم وسبٌّ مجرَّدٌ؟
أعتقد هناك معنى أدقّ..
إنَّ معنى اللعنة هي عقوبةٌ بنقيض قصد من أصيب بها..
فمن صمت أَوْ أيَّـدَ باطلاً لأجل غرض فاللعنةُ التي تُصيبُه هي فواتُ الغرض الذي هدف لتحقيقه وَفواتُ الأساس الذي أسّسه له..
بمعنى إذا أراد تحقيقَ ربح فاللعنة التي ستلاحقُه هي فواتُ الربح وَخسارةُ رأس المال..
هذا في الدنيا..
أمّا في الآخرة فاللعنة تعني النارَ والعياذ بالله.
في الدنيا كان الشيطانُ يريدُ المكانة فخسر مكانتَه السابقة وَما طمح إليه وَأصبح أحقرَ ما خلق الله..
هذه هي اللعنة..
عمر بن سعد لأجل ولاية الري قتل الحسين فلم يحصل عليها وَلم يتولَّ أية ولاية أَوْ منصب أبداً وَتبرّأت منه كُلُّ سلطة؛ لكي لا تلحقها لعنةُ القبول به حتى قُتل..
هذه هي اللعنة..
اللعنة تتجلى حالياً في مصير أيدي ملطخة بالدماء، وَكروش متخمة بأموال الشعب، وَوجوه مطاطية مكسوة بملامح اللؤم والكذب وَتعدد الأقنعة، وَمواقف مستعدة للتقلب بحسب حسابات الانتهازية والمصالح.
مصيرٌ يختصرُ اللعنةَ حين تلاحق أحدَهم فلا يجد مَن يقبلُ به.
وَمهما كان آخرون عملاء وَخونة لكن..
لكن اللعنة تبدأ بمَن يمارس الخيانة من موقع الوطنية وَيتقمَّص ثوبَ الشرف ليمارِسَ أقذرَ أدوار العار..
لماذا؟
لأن الخونةَ مهما كانوا ملعونين لكن مَن يضيفُ ممارسةَ الكذب إلى جانب الخيانة هو أجدرُ بأن تلحقَه اللعنة ولا تمهله..
مثلاً..
حين يقول لك ولدُك بأنك مرتزِقٌ وبيّاع وطن..! ألا تشعُرُ بأن اللعنةَ تلاحِقُك أكثرَ من خوَنة الإخوان الذين لا أعتقدُ أنهم سيسمعون من أَوْ لادهم ما سمعت؟!
ألا تشعُرُ بالخزي؟
تشعر أن لعنة زليخة حين نطق بفضيحتها طفل كـ(شاهد من أهلها) قد تجلت في غاندي ليلعن أباه.
هذه هي اللعنة..
لعنةُ الكذب في ادّعاء البطولة وَالوطنية حين تلاحقُ أحدَهم لن تقبل به بلادٌ وَلن يفرح به أحد..
(ألا لعنةُ الله على الكاذبين).
حين تلاحقك اللعنة ستفشَلُ في كُلّ مساعيك لا محالة..
وَحين نهتف.. اللعنة على اليهود.. نحن نهتف لهم بالفشل في الدنيا وَالعذاب الإلهي في الآخرة..
حين تلاحق اللعنة أحداً عليه أن يتوبَ وَأن يعتبرَ..
عليه أن يشعرَ بالذنب وَأن يراجعَ الحساب..
لنفهم كيف تكون اللعنة..!
علينا أن نتابعَ خطَّ سير ناقة البسوس الذي أشعل فتنة الخيانة ونجا بجلده لنعرفَ كيف تكون اللعنة..
(مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا) والعياذُ بالله.