الخبر وما وراء الخبر

ترامب وسياسة تحويل العالم إلى “بقرة حلوب”

84

الوقت التحليلي- وصل رجل الأعمال والملياردير الأمريكي، دونالد ترامب إلى سدة الحكم في 20 يناير 2017، جالبا معه عقليته التجارية في إدارة البيت الأبيض جاعلا من هذا البيت مكتبا عقاريا لادارة أزمات بلاده من خلال تصدير الأزمات إلى بقية شعوب العالم وفي حال قامت هذه الدول بتقديم أي اعتراض على السياسة الأمريكية الجديدة القديمة لا يتوانى ترامب بتهديدها على الهواء مباشرة والأمثلة كثيرة في هذا الإطار.

ومن يدقق بالفترة الحالية التي يتولى فيها ترامب منصب رئاسة الولايات المتحدة يجد أن جميع المستجدات السياسية والعسكرية في المنطقة والعالم أجمع تحمل أبعاد اقتصادية، حتى أن تأزيم الأوضاع في المنطقة والعالم يعود لاسباب اقتصادية.

واليوم نجد أن ترامب يمضي في هذه السياسة قاطعا أشواطا كبيرة عن الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، ليعلن مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس دونالد ترامب شارفت على استكمال خطة جديدة شعارها “اشتر المنتج الأمريكي” تطالب الملحقين العسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين بالمساعدة في الترويج لصفقات في الخارج لصناعة السلاح الأمريكية بمليارات الدولارات، بحسب رويترز.

الخطة الجديدة ستجعل من موظفي السفارات فريق مبيعات للشركات الدفاعية وأن يتحدثوا نيابة عنها، وهذا الأمر يعد تغيير كبير في السياسة الأمريكية التي وعد ترامب بأنه سيغيرها للأفضل وسيعمل على إتاحة الوظائف في الولايات المتحدة وذلك ببيع المزيد من السلع والخدمات في الخارج من أجل خفض العجز التجاري الأمريكي الذي بلغ أعلى مستوياته منذ ست سنوات مسجلا 50 مليار دولار.

هذه السياسة مضى فيها ترامب منذ توليه منصب الرئاسة، حيث عمل على إيهام دول ما في المنطقة بأن دول مجاورة لها تمثل لها تهديد كبير أو يعمل على إخافتها منها وإظهارها على أنها “بعبع” يريد الإنقضاض عليها، ومثال ذلك السعودية التي حرص ترامب على إقامة أفضل العلاقات معها علما أنها تملك سجل ضعيف جدا في مجال حقوق الإنسان إلا أنه عقد معها صفقات أسحلة وصلت قيمتها إلى 400 مليار دولار واصفا إياها بأنها بقرة حلوب يجب استغلالها قدر الإمكان، من خلال تسليحها وإجبارها على شراء أسلحة لمواجهة “الخطر الإيراني” كما تدعي واشنطن بهدف استنزاف المملكة ماديا، علما أن المملكة نفسها لاتملك قوة بشرية لتشغيل كل هذه الأسلحة التي تبيعها إياها واشنطن.

الأمر الثاني ورغم كل الانتهاكات التي قامت بها الرياض في اليمن من تدمير وتخريب واستهداف للأبرياء لم تحرك الولايات المتحدة الامريكية ساكنا، بالعكس من صالحها أن تستمر السعودية باستنزاف اليمن لأن هذا الأمر يضمن لها مبيع المزيد من الأسلحة.

وصفقات الأسلحة لا تقتصر على السعودية فقط ففي أقل من 10 أشهر مضت من العام الماضي 2017، كانت كفيلة بتسجيل 11 صفقة تسليح ضخمة لدول الخليج الست؛ “السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، عُمان”.

وستنفق الإمارات 3,5 مليار دولار لشراء 27 مروحية هجومية من طراز “أباتشي آي أتش-64 إي” بالإضافة إلى معدات دعم، مصنعة من قبل “بوينغ” و”لوكهيد مارتن”، أما قطر، فطلبت ثماني طائرات شحن عسكرين من طراز “سي-17” إلى جانب محركات احتياطية، في عقدين تبلغ قيمتهما 781 مليون دولار.

وتعد الولايات المتحدة الامريكية أكبر دول العالم إنتاجا وتصديرا وامتلاكا للسلاح والتي وصلت الموازنة العسكرية لها إلى 620 مليار دولار سنويا وهو يعد أكبر من تخصيص 15 دولة لميزانيات السلاح، وأكثر الدول مستوردة للأسلحة بالشرق الأوسط هي المملكة العربية السعودية، ولكن غير مسموح للسعودية أن تنتقي ماتريده من الأسلحة خاصة إذا كان ماتريد شرائه يضر بأمن حليفتها “اسرائيل”.

تصدير الأزمات

أفضل حل لدى واشنطن لكي تضمن استمرار تدفق بيع السلاح للعالم هو تأزيم الأوضاع في الشرق والغرب وإثارة الفتن والنعرات بين مختلف الدول وداخل الدول نفسها، ورأينا هذا المثال واضحا بين السعودية وقطر، حيث أزمت واشنطن الأمور بينهما ليبدأ سباق التسلح لدى البلدين الجارين، الأمر نفسه حدث في آسيا، حيث أرعبت واشنطن كل من كوريا الجنوبية واليابان من كوريا الشمالية وأظهرتها بأنها تمثل تهديد للعالم أجمع لضمان عقد صفقات أسلحة مع كلا البلدين وهذا ما حصل، فخلال زيارته الأخير لليابان قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن اليابان بإمكانها إسقاط الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية “في الجو” باستخدام معدات عسكرية من الولايات المتحدة، واضاف ترامب حينها أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي”سيشتري كميات كبيرة من المعدات العسكرية” من الولايات المتحدة.

ولكي يظهر تضامنه مع الحلفاء لابد من ان يهاجم ترامب، كوريا الشمالية بين الفينة والأخرى، وهذا ما فعله في أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مهددا “بتدمير كوريا الشمالية بالكامل… إذا اضطرت الولايات المتحدة للدفاع عن نفسها أو عن حلفائها”.

ولم يكتفي بهذا ترامب فقد هدد أعضاء حلف الناتو مرارا وتكرارا، معتبرا أن بلاده تقدم الدعم لبعض الدول دون أن تدفع هذه الدول أي مبلغ مادي، وأوضح ترامب في كلمة سابقة له أنه يرفض أن تحمي الولايات المتحدة الأمريكية دولاً أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا تدفع ثمن تكاليف عضوية الحلف.

في المقابل اعتبر أعضاء الحلف ان القرار الأخير لترامب بشأن القدس يشكل تهديدا كبيرا لوجود الحلف ككل، حيث قال خبراء ألمان وأروبيين بأن سياسة ترامب تجاه الصراع القائم منذ عقود بالشرق الأوسط يهدد أوروبا بطوفان جديد من اللاجئين وينذر بانفراط عقد حلف شمال الأطلسي” الناتو”.