التعليم في ذمار: أداء مشلول..وتحصيل غير مقبول..وسلبيات تقيد ضد مجهول.. “الشعب” تبحث عن حلول..وتتساءل: من المسؤول..؟؟
ذمار نيوز | تقرير/فؤاد الجنيد :صحيفة الشعب 17 ربيع ثاني 1439هـ الموافق 4 يناير، 2018م
الحلقة(1)
يعدّ التعليم من أهم ركائز المجتمعات، ومن أهم العوامل في نهضتها، بل هو عنصر الحياة في كل المجتمعات، فكل شرائح المجتمع، ومسمياته الوظيفيّة، يشغل التعليم حجر الأساس فيها، وأركانه الأساسيّة هم المعلمون، والفئة المستهدفة فيه الطلاب، فنهضة التعليم نهضة للمجتمع، ونهضة للأمّة معاً، ولن يفلح مجتمع، ولا أمّة جعلت التعليم في ذيل اهتماماتها. لا يمكننا الفصل بين الحديث عن التعليم وتوصيف حال المعلمين عن تقييم حال الطلاب.
*شعور الطلاب تجاه المدرسة*
يلاحظ بالاستقراء، أنّ هناك حالة نفور من الطلاب، ولا سيّما في المدارس الحكومية منها، ومظاهر هذا النفور تظهر جليّة من خلال ضعف تحصيلهم العلمي، وكذلك فرحتهم بالعطلة المدرسيّة، ويتعدى الأمر ذلك إلى تلهفهم اليومي لانتهاز أي فرصة تتعطل فيها الدراسة، سواء بسبب قصف الطيران، أو بسبب إضراب المعلمين النقابي، فهذا الأمر لا يمكن تفسيره إلا بأنّ المدرسة لم تعد صديقة للطالب كما ينبغي، وهذا التوصيف يفيدنا في وضع الحلول المناسبة التي سنشير إليها لاحقاً.
*أوضاع معلمي المدارس*
حال المدرسين في المدارس سواء في المدارس الحكوميّة أو الخاصة، أيضاً، لا يمكن توصيفه بأنّه إيجابي صرف، فالمدرسين في ذيل القافلة وظيفياً، يتمثل ذلك في الرواتب المتدنيّة التي يتقاضونها حسب قانون اجور الخدمة المدنية، فهي رواتب ضئيلة لا تؤسس لتكوين وبناء ما يحتاجه المدرس من سكن، وزواج، وبعض متطلبات العيش، ويعود سبب ذلك إلى وجود ظلم في معايير الرواتب والتوظيف في لوائح أنظمة الوزارة التراكمية، فالمعلم الذي يربّي، ويؤسس الجيل، ويبني الوطن ويبني السواعد التي تبني الوطن، فمن بين يديه كان الوزير، والرئيس، والمهندس، والجندي، والطبيب وغيرهم، وكل هذه المسميات الوظيفيّة، مهندسها الأول هو المعلّم، فلولاه لما كانوا أصلاً، فلمَ يجوع هو ويعاني، ويشبع هؤلاء، ويترقون، لمَ هناك مسميات وظيفية رواتبها في أعلى الهرم الوظيفي، في حين يقبع المعلم في آخره؟!.
*نصف راتب متقطع*
وبالرغم من معرفتنا بأن حقوق المعلم مهضومة اداريا وماليا، إلا أنها كانت مقبولة جدا مقارنة بما آلت إليه ظروف الحرب اللعينة والحصار الجائر، فقد تسببت تداعياتها الاقتصادية والمالية إلى انعدام السيولة، وفاقم الأمر نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن، وسيطرة مرتزقة الداخل والخارج على الموارد، وهذا بدوره تسبب في عجز حكومي عن صرف رواتب موظفي الدولة، ولم يكن المعلمين بمنأى عن هذه المعضلة فتضرروا أيضا من انقطاع الرواتب وقل جهدهم، ولم يشفع لهم نصف راتب متقطع بين الفينة والأخرى.
*سلال غذائية*
أستطاع مكتب التربية والتعليم بمديرية ذمار من تخفيف معاناة المعلمين في المديرية من خلال التنسيق مع منظمات وجهات خاصة لتوفير سلات غذائية مجانية للمعلمين والمعلمات على عدة مراحل بحيث تغطي كآفة المعلمين والاداريين والموجهين في المديرية. وقد عبر التربويون عن سعادتهم بمثل هذه الخطوات التي تخفف من معاناتهم، شاكرين مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية ذمار على استشعاره المسئولية وحرصه الدؤوب على عمل شيء للجبهة التعليمية.
*نظرة المجتمع لمؤسسة التعليم*
المجتمع المحلي من أولياء أمور، وشرائح مجتمعيّة، لم يعد التعليم لديهم هو الخيار، والمدرسة بالنسبة لمعظمهم، تمثل حاضنة لإيواء الطلاب وصرفهم عن البيوت، حتى أنّ هناك من تسأله عن ابنه في أيّ صف هو، فلا يجيبك، وسبب ذلك بكل تأكيد هو الحال الوظيفي الذي وصل إليه المدرس والذي يعبّر عن صورة سوداوية للتدريس، نتيجة للمعاناة التي لحقت به.
*اقتراحات لحل مشاكل التعليم*
للخروج من واقع التعليم المؤلم في محافظة ذمار وبقية المحافظات، كان لا بدّ من وضع أيدينا جيداً على الجرح، وذلك من خلال:
-إنصاف المعلّم، وظيفيّاً، فالمعلّم هو أساس العمليّة التعليميّة، ومتى تحقق له الأمن الاجتماعي، وتحققت له الكرامة الحقيقية، وشعر بالاستقرار النفسي، ولم يعد يقلق على وضعه الاقتصادي، والمعيشي، فإنّه سيبذل أقصى ما عنده، وستتغير نظرة النّاس للتعليم، فيهتمون حينئذٍ بتعليم أبنائهم، ومتابعتهم أكاديميّاً؛ لأنهم ينظرون بعين المصلحة على مستقبل أبنائهم، وسلك التعليم سيكون أفضلها بنظرهم.
-وضع خطة متكاملة، لمتابعة الطلاب مدرسيا، ومتابعة ما وصلوا إليه من وضع، والعمل على علاجه، من خلال ورشات عمل، تجمع بين، المدرسين، وأولياء الأمور، والعاملين في وزارات التربية، ومديريات التربيّة والتعليم.
-أن يأخذ الإعلام بكل أنواعه، دوره في هذه المعالجة، بعمل الندوات، والبرامج التعليميّة اللازمة.
-قيام المساجد بجهد توعي وتعبوي، نحو النهوض بواقع التعليم، واستعادة دورها الأصيل في ذلك، وربط التعليم بالمسجد، بمعنى ربطه بتقوى الله وطاعته.
العمل الدؤوب، على جعل المدرسة الصديق الدائم للطالب، في مختلف مراحله التعليميّة.
*عن نظام التعليم اليمني*
منذ فتره ليست بالوجيزة بدأت المؤشرات الدالة على فشل نظامنا فى التعليم فى الظهور الى ان جاءت الأحداث الأخيرة لتنذر بتصدع هذا الهيكل وقرب انهياره. وبتدقيق النظر فى العوامل التى تؤدى لقيام الأنظمة التعليمية نجد ان أي نظام تعليمي يتشكل من ابنية تعليمية ومناهج وطلاب ومعلمين و ايديولوجية تحدد مساره، تتحد تلك العوامل معا لتفرز شكل وكيفية التعليم فى اى بلد من البلاد. والتعليم اليمني يتكون من ابنية تعليمية لا تنطبق عليها المواصفات القياسية، ومناهج عقيمة محتواها يعتمد على الحشو وطرق تدريس تقليدية ووسائل تعليمية قاصرة، وأساليب تقويم تقيس الحفظ والاستظهار ولا تقدم تغذية راجعة للطلاب. هؤلاء الطلاب الذين يحملون بداخلهم طموحات غالبا لا تتفق مع قدراتهم وإمكاناتهم دفعتهم لها أفكار افلاطونية تقدس العمل المكتبى وتنظر نظرة دونية للإعمال اليدوية والحرفية.
ويأتى المعلم ضمن تلك المنظومة بإمكانياته القاصرة وإعداده الغير كفء ليشكل عقبة أخرى في سبيل النهوض بالتعليم، فنجد طالبا يعد ليصبح معلم للغة الانجليزية لا يدخل معمل اللغة ليمارسها فعليا.
*تدخل الخارج في مناهج التعليم*
لا أحد ينكر كيف تم توجيه مناهج التعليم في اليمن حسب الهوى السياسي والايدولوجيا، وحجم التدخلات الخارجية وخصوصاً الأمريكية التي سيطرت على مناهجنا طيلة عقود، وكأنه حق مشروع لها فنجد موضوعات تحذف وأخرى تضاف وأخرى يجري عليها التعديل حتى تتناسب مع رغبات تلك الدول حسب مصالحها المستقبلية فتبدأ ببرمجة عقول النشىء لتحصل في النهاية على منتج صنع خصيصا ليحقق مطامحها، ولهذا نجد أن من الغريب منع بعض آيات القرآن الكريم التي تحث على الجهاد والمقاومة من العرض ضمن محتوى النصوص في اللغة العربية لصف من الصفوف.
ولنا أن نتخيل شكل هذا الفصل الدراسي، به طلاب يتأففون ومدرسون يتخاذلون عن اداء مهمتهم على أفضل وجه زاعمين بعدم جدوى ذلك ما دام الطالب قد درس المقرر خارج المدرسة فيتبعون طرق تعتمد فى المقام الأول على الإلقاء والتلقين غافلين دور المناقشة وطرق الاسكتشاف، وبالطبع تطبيق مثل هذه الطرق يساعد في الكشف عن قصور الإمكانات المادية داخل المدرسة.
*فوضى التعليم الخاص*
إحدى العراقيل أمام حصول أبناءنا على مستوى مميز من التعليم هى انقسامه إلى نظامين احدهما حكومي والآخر خاص، اسفرت عن ثنائية جديدة، أظهرت فروقا شاسعة بين النظامين. فنجد طالبا يجيد على الأقل لغتين اجنبيتين ويحسن إستخدام الحاسب الألى، ولديه قدر من الثقافة العامة يمارس الأنشطة الصفية والغير صفية، يجد الترفيه بصفة دورية وبالتأكيد ساعده على ذلك توفر المال. وآخر يترقب عقارب الساعة لانقضاء وقت الدراسة يجلس بجواره اثنين من زملائه ليقضون 45دقيقة من الاستماع، لا يسمع شيئا عن الرحلات التعليمية، بالكاد يعرف يكتب اسمه بالانجليزية، لم يتعرف على الحاسب الآلى إلا من خلال مقاهي الإنترنت التي يرتادها لممارسة العاب الكمبيوتر وزيارات مواقع الدردشة. إلا أن التعليم الخاص في ذمار أصبح وسيلة ربحية بحتة بعيدا عن المخرجات النوعية وجودة الخدمة التعليمية، ناهيك عن حجم الفساد المالي في المدارس الخاصة وتعسفاتها المتكررة على الطلاب وأولياء الأمور فيما يتعلق بالإقساط المالية، وهذا ما سنناقشه بالتفصيل في قضية العدد القادم في هذه الصفحة.