1000 يوم من الانهيار الأمريكي السعودي في اليمن
بقلم / هاشم أحمد شرف الدين
مع مرور 600 يوم من العدوان الأمريكي السعودي وحلفائه على اليمن، وتحديدًا في 14- نوفمبر تشرين الثاني 2016م، كتبتُ مقالة بعنوان “600 يوم من الانكسار الأمريكي السعودي في اليمن”، ذكرت فيها أن العميلَ عبدربه هادي ما يزال يسكن بأحد (فنادق) آل سعود بالرياض مع مجموعة من العملاء أمثاله عاجزين عن العودة إلى اليمن والمكوث فيها.
وتحدثت عن تردّي الوضع الاقتصادي لمملكة آل سعود بشكل غير مسبوق، واضطرارها لدفع مليارات الدولارات لأمريكا في صفقات أسلحة فاشلة، كما تحدثت عن قانون “جاستا” الذي سنّته الإدارة الأمريكية لاستنزاف أموالها، كتعويضات لما يقال عن مشاركتها في أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وعن سقوط “الحزب الديمقراطي” الذي أدار العدوان على اليمن، وعن مجيئ “ترامب” رئيسًا أمريكيًا جديدًا متوعدًا النظام السعودي بالويل والثبور.
ووصفت الستمائة يوم تلك بأنها 600 يوم من الهزائم المتوالية للأمريكي والسعودي، وأنها 600 لعنة تلاحقهم منذ تورطوا في العدوان على اليمن، لعنات لم تكتف بإفشالهم في اليمن وحسب، بل أفشلت جميع مخططات تقسيم الدول العربية، وقضت على كُلّ فرص إحداث فتنة طائفية بين المسلمين.
أشرت إلى ما جرى في لبنان، حيث أعلن اللبنانيون أن لبنان بلد مقاومة، بوصول العماد ميشال عون “الحليف البارز لحزب الله” إلى كرسي رئاسة لبنان، رغما عن أنوف الأمريكي والسعودي والبريطاني.
وتحدثت عن بقاء العروبة في سورية وبقاء عرين أسدها، حيث انهارت كُلّ جهود أمريكا وآل سعود في إسقاط الرئيس الدكتور بشار الأسد.
أما عن العراق فأشرت إلى بدء العد التنازلي لاحتضار داعش بثبات متين وإرادَة لا تلين.
وأشرت إلى أن الأبرز من كُلّ ذلك هو ما يقابل مرور 600 يوم من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، ألا وهو تقديم الشعب اليمني أنموذج الصمود الأسطوري في وجه أعتى عدوان يستند إلى طغيان المال والسلاح.
وأكدت أننا -كيمنيين وعرب ومسلمين– نستطيع أن نقول: إننا برغم وحشية العدوان وشناعة الحصار إلا أننا عشنا 600 يوم من الانتصار، فيما عاش المعتدون 600 يوم من الفشل والانكسار، حيث لم يفوت أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية يَـوْمًا واحدًا منها دون توجيه الصفعات لوجوه المعتدين، الذين إن شاءوا مزيدًا فسيأتيهم المزيد، وحتى يوم القيامة.
فماذا عن أعدائنا وعنا الآن ونحن نعيش اليوم الألف من هذا العدوان على الشعب اليمني؟ هل بقيت الصورة على حالها أم تغيرت؟
واقع الحال يشير بوضوح إلى استمرار سلسلة الهزائم بحق أعدَاء العروبة والإسْلَام وعلى رأسهم الأمريكي والسعودي والإسرائيلي وحلفائهم، وعلى كُلّ المحاور.
لقد تلقى الأمريكي صفعة قوية على وجهه تمثلت بإحراز الانتصار على أداته الخطيرة “داعش” في العراق وسورية ولبنان، بما ينهي فصول أخطر مؤامرة استهدفت العرب والمسلمين.
وواجه مع الإسرائيلي -إزاءَ قرار ترامب الأحمق نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل- سخطًا دوليًا مثل إجماعًا عالميًا على رعونة هذين النظامين المتغطرسين من جهة، ومن جهة أخرى مثل فرصة لانتفاضة ثالثة للشعب الفلسطيني، وتحشيدا لهمم العرب والمسلمين في مواجهتهما دفاعا عن القضية الفلسطينية والحقوق العربية والإسْلَامية.
وخابت آمالُ الأعدَاء الأمريكان وآل سعود في لبنان مجدّدًا، بانتصار الحكمة اللبنانية على مخطط الفتنة الخطير الذي كان دفع إليه الرئيس سعد الحريري بتقديم استقالته من الرياض، ثم عودته إلى لبنان وتراجعه عنها.
أما النظامُ السعودي فقد وقع في مآزق كبيرة إن بتصدع العائلة المالكة، أَوْ باستنزاف مئات المليارات السعودية لصالح الأمريكي، أَوْ بصوره القبيحة التي ظهرت للعلَن كلاهثٍ وراء التطبيع مع العدو الصهيوني، أَوْ بروائح فساد بن سلمان النتنة التي فاحت وأَصْبَحت تزكم الأنوف، أَوْ بمقتل الآلاف من جنوده المعتدين، وخسارة أراضيه ومواقعه العسكرية أمام الجيش واللجان الشعبية اليمنيين.
فيما بدأ الإماراتي ينال ما يستحق من الضربات الصاروخية اليمنية المسددة التي تستهدف مناطق حيوية في عمق الإمارات، ما ينذر بانهيار اقتصادي وشيك مع استمرار تلك الضربات.
أما مرتزقة العدوان فهم ما يزالون في فنادق الرياض يقتاتون من دماء أبناء الشعب اليمني، يواصلون انحدارهم الأخلاقي، فلا يكاد يمر يوم دون تلقيهم الإهانات بدءً من منع رئيسهم هادي من العودة إلى عدن، مرورًا بإغلاق مقرات أحزابهم في المحافظات الجنوبية المحتلة، وصولًا إلى إسامتهم سوءَ العذاب في المعتقلات الإماراتية هناك.
فيما تمكن أَحْـــرَار الشعب اليمني من وأد فتنة خطيرة كان قد حاول إشعالها زعيم الميليشيات الإجْرَامية علي عبدالله صالح والذي تواطأ مع قوى العدوان بشكل واضح، مستهدفًا الشعب اليمني بطعنه في ظهره.
ومن كُلّ ذلك وبالنظر إلى فارق الإمْكَانات الهائل لصالح قوى العدوان فيمكننا التأكيد – كما قلنا في المقالة التي سلف الإشارة إليها – إن صمود اليمنيين 1000 يوم في وجه العد وأن لهو أَكْبَر انتصار يتم إحرازه في العصر الحالي بوجه قوى الاستكبار العالمي مالًا وسلاحًا، ويمثّل قدوة لكافة الشعوب التي تنشد حريتها واستقلال بلدانها والانعتاق من قبضة الدول الشريرة..
وستبقى المعادلةُ الآتيةُ ولن تتغير وهي أنَّ كُلّ يوم يضاف من هذا العدوان سيعني مزيدًا من الفشل الأمريكي السعودي ومزيدًا من الخسائر، فهذا الصمود الأسطوري – طوال هذه المدة – هو أَكْبَر حافز لليمنيين على الاستمرار في صمودهم بالتوكل على الله، والتوجه إليه، والثقة بنصره حتى إحراز النصر الكامل، وإن بعد ألف ألف يوم..