الخبر وما وراء الخبر

شاهد الصور | منزل طارق عفاش بصنعاء.. رفاهية على أنهار الدماء وانقاض البسطاء

509

ذمار نيوز | وكالة الصحافة اليمنية 18 ربيع أول 1439هـ الموافق 6 ديسمبر، 2017م

لم يتفاجأ سكان الحي السياسي باندلاع اشتباكات مسلحة بين مسلحي طارق صالح وقوات الأمن..
التحشيد للمسلحين والقناصين الى محيط منزل طارق عفاش بدأ منذ عدة أشهر.. سكان الحي تعرضوا للاستفزازات سيما المحسوبين منهم على انصارالله.. لكن المفاجأة أن يتجرد طارق ومسلحوه من القيم الأخلاقية والانسانية ويقتحمون المساكن الخالية من الرجال ليتهجموا على النساء ويحتجزونهن في غرفهن لاستخدامهن ورقة ابتزاز لرجالهن كي يسلموا أنفسهم للمليشيات أو يختطفون احدى النساء ، كما حدث مع بيت الهمداني القريب من منزل طارق عفاش.

ويسعون الى بناء رفاهيتهم في العيش على انقاض البسطاء وجرف البلاد في نهر من الدم المثخن بأنين المظلومين من سكان الحي.
(الحلقة القادمة ستتناول فيديو وتسجيلات لأسرة بيت الهمداني وما تعرضوا له من انتهاكات ولجوانب الاضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة من قبل المليشيات )

 

وكالة الصحافة اليمنية نزلت اليوم الى الحي السياسي بالعاصمة صنعاء حيث فتح عفاش جبهة مسلحة افتقدتها عامان
ونصف من العدوان وجبهات الدفاع عن الوطن ، ليشهر سلاح مجندي معسكر الملصي وقناصيه في وجه الدولة وشركائه السياسيين “الحوثيين”.
دارت المواجهات المسلحة لمدة ثلاثة أيام قبل ان تحسمها قوات الأمن يوم أمس معلنة مصرع طارق عفاش وتطهير المنطقة خاصة والعاصمة عامة.
منزل طارق عفاش يقع بين مجموعة من منازل المواطنين في الحي السياسي ، له عدة منافذ من الجهات الاربع غرباً يؤدي الى شارع بغداد من جوار بنك الأمل ، وشرقاً يؤدي الى جولة عمان ، أما من الشمال فيؤدي الى شارع الجزائر ، وجنوباً الى شارع الستين الجنوبي.
استحوذ طارق على الحارات والطرقات واغلقها بالحواجز الاسمنتية كشكل من اشكال الغطرسة والتعالي الميكافيللي على المجتمع ليخضع جميع السكان لطريق واحدة يسلكونها لا تلامس اسوار منزله ، ولتفتيشات دقيقة ورقابة مسلحة 24 ساعة.

 

بالقرب منه يقع منزل شقيقه محمد محمد صالح.. الأصح قصر..
من حيث الحجم والمساحة التي يحتلها من اراضي الدولة المنهوبة يعد قصر محمد صالح اكثر رفاهية كإمارة خليجية محاطة بالسياجات الخرسانية العالية يليها الى الداخل سياجاً حديدياً يرتفع قرابة ستة امتار. ويتعرض كل من يمر امامه لأذى ومسائلات وشكوك ومضايقات.
سكان الحارات كانوا متضايقين من غطرسة طارق وشقيقه وتعاملهم الاستبدادي مع المجتمع. تضايقهم في محله سيما بعد قيام المليشيا باقتحام جامع ابي عبيد المتاخم لمنزل طارق وعندما لم يعثروا على حوثيين بداخله اقتادوا حارس الجامع مكبلاً بالأغلال الحديدية ، ثم أعدموه رميا بالرصاص دون مبرر أو مشروعية. اضافة الى أعمى صومالي يرتاد الجامع باستمرار ليسأل الناس الصدقة. لايزال مصيره مجهولا حتى اليوم بعد تعرضه للاختطاف حسب تأكيدات بعض سكان الحارة شهود عيان لوكالة الصحافة اليمنية.
الشظايا وأغلفة الأعيرة النارية متناثرة في الشوارع المؤدية الى منزل طارق. كثير منها يتستر بأكوام من شظايا زجاجات نوافذ المنازل وواجهات المحلات التجارية التي دمرتها قناصات المليشيا.
تلمح من بعيد مبنى بنك الامل المرتفع قرابة 9 طابق لايزال الدخان يتصاعد منه لليوم الثالث على التوالي وقد تفحمت واجهاته الاربع تماما بفعل الاحتراق بعد ان استهدفه مسلحو عفاش بالأسلحة الثقيلة.
كانت التشديدات الأمنية حاجزاً يحول بين وصول الناس الى منزل طارق ، يخبرك احد افراد الأمن ” ممنوع الدخول ، منطقة احداثيات للطيران توقعوا قصف جوي بأي لحظة ونحن نحرص على سلامتكم فقط”..
لم نحتج لإبراز هويتنا.. سرعان ما تعرف أحد افراد الأمن على وجه احد فريق الوكالة ورحب به ، وارشدنا الى الطريق صوب منزل طارق.

كان الاعلام يتداول تفجير المنزل.. لكن وجدناه سليماً ، اعترته خدوش بسيطة فقط..
طارق صالح كان حريصاً على سلامة منزله الخاص فقط. دفع بمقاتليه الى التمترس والتمركز في بيوت المواطنين والمؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لتكون هدفاً للأجهزة الامنية دون منزله. وذلك بالفعل ما لحظناه أن ممتلكات الآخرين كانت ضحية رخيصة القدر عند المليشيات.
يخبرنا أحد السكان كان يسير على عكازين ” بيوتنا اقتحمها مسلحو طارق بجلافة وغلظة واشهروا فينا السلاح وطردوا الناس من منازلهم ، ولما وصل الحوثيون وقوات الامن استأذنوا من كل من وجدوه من المواطنين بأن يقوموا بالتمشيط الناري على منازلهم التي يتمركز فيها المسلحون ، وتخاطبوا مع الملاك بأدب شديد”..
اقتربنا من بوابة المنزل وصمت العيون من حولنا يرصدنا بهدوء.
فناء المنزل لم يكن واسعاً بالقدر المتخيل لدى البعض. ربما يتسع موقفاً لسبع سيارات. في حين لم يتسع برفاهيته وبدرومه التي تكدست فيه الاموال الهائلة لأحد من سكان الحي.
قال احد السكان ” كانت تأتي سيارات محملة بالأسلحة تفرغ حمولاتها في منزل طارق ثم يعاد توزيعها للمسلحين ولمشائخ يأتون من خارج العاصمة”. لم يعرف المواطنون مصدر الأسلحة ، أو أين اتجهت بالتحديد.. علامات الاستفهام البريئة تطفح على صفحات وجوههم لتسبق تناهيد الحرقة على جبهات يرابط فيها الرجال الابطال منتظرين المدد بالسلاح والمقاتلين.

كان المواطن يحيى علي حسن الريمي “74 عاما” يصرخ بحرقة ” عشنا ثلاثة أيام رعب شديد ، ذقنا الموت ، وقعت لي جلطة ، وزوجتي العجوز تبولت بين ثيابها ، ليش يتقاتلوا فوق رؤوس المساكين ، كان يسيروا الجبهات او يتقاتلوا بعيد عننا ، من اين جاؤوا المسلحين هذولا”..
دلفنا الى صالة الاستقبال بالمنزل. مجلس استقبالي عربي رفاهي من المخمل الاحمر امام المدخل الرئيسي للمنزل مباشرة. لم نأبه له بفعل صدى الكلمات المحروقة التي تصاعدت من بين شفاه المواطنين والدموع تغرق وجوههم مستفزين عواطفنا بصدق آهاتهم. ” طارق صدمنا والله ، طلع مجرم ما رحم صغير ولا كبير وكان يشتي يحكمنا بهذه الوحشية ، الحمدلله الذي نجانا من شره ” .. وصاحب بقالة اشترينا منه بعض علب العصير يقول بفرح: ” ابني تحاصر ثلاثة أيام داخل البقالة يقتات البسكويت والعصير والماء فقط وكان افضل من غيره فبعض السكان تحاصروا وكادوا يموتوا جوع اذا احد فتح باب منزله ليخرج لشراء الخبز يتم قنصه من بيت طارق او من اي عمارة ثانية قريبة”..
كان احد افراد الأمن يقول : ” انتبهوا تتوهوا ، فالمنزل متاهة حقيقية ، سلالم عند كل مترين ثلاثة تؤدي الى مكان مختلف وأخرى تعيدك الى نفس النقطة”. ابتسامته شجعتنا على التقدم. كان ودوداً كسجية ثابته لدى مقاتلي انصارالله.
تجاوزنا صالة الاستقبال الى سلّم خلفي نقلنا الى الباحة الخلفية للمنزل. هناك شاهدنا فناء ضيقا فيه أرجوحات للاطفال وألعاب ترفيهية محدودة . وامتد على مساحة تزيد عن ثمانية متر مربع بدروم تحت الارض. قادتنا اليه سلالم اخرى ، الواجهة للمدخل كانت سلسلة من النوافير المرتبة بشكل أنيق على واجهة جدار حوش المنزل من الداخل. ” مرفق صورة” تهبط بتدرج في احجامها الى الاسفل باتجاه مدخل البدروم الذي لم يكن سوى النادي الصحي لطارق عفاش.

صالة متسعة قليلاً يستلقي في وسطها مسبح واسع مزخرف وعلى قاعه نقشة جميلة لسمكتي دولفين.
مظاهر الترف والرفاهية المحجوبة عن عيون البسطاء الساكنين بالخارج كانت تلمع في كل جنبات المنزل. سلالم وصالات وحجرات ومطابخ ودورات مياه كلها مكسوة بالرخام.
أقلتنا سلالم الى الاعلى ، ثمة ممر ضيق مفتوحة على امتداد واجهته اليمنى عدة ابواب صغيرة ، الاولى خشبية تقود الى حجرة الساونة ، واربعة ابواب اخرى كل واحد منها يقودك الى حجرة حمام بخار مستقلة بذاتها.
شعرنا أننا بدأنا نتوه في المنزل فعلاً كما اخبرنا رجل الامن في البوابة.

كانت السلالم كثيرة منها ما يقودك الى اسفل ومنها ما يقودك الى اعلى.. وكل سلم يقودك اما الى مخزن للمفروشات ، او صالة فارغة واسعة تشكو ستائر نوافذها وحشة المكان.
تجولنا صعودا ونزولاً ، لم يلفت نظرنا شيء أكثر من باب غرفة نوم “طارق عفاش” مختلف عن كل الابواب بمقبضه الفضي العلوي ذي البصمة الأمنية. لتدخل تحتاج بصمة ابهام.
نظام امني حذر ومشدد لجأت له غرفة نوم طارق. ليس لأن ثمة سلالم داخلها احداها يقودك عبر ست درجات الى غرفة واسعة نصف دائرة جدرانها مغطاة بخشب الصندل تشكل دولاب ملابس طارق ، وتكتظ فيه علب أزرار الجاكيتات الخاصة به.
وسلالم أخرى تسلكها الى دورة المياه الواسعة التي لا تفهم سر تعدد المراحيض والمغاسل فيها. رغم ان دورة المياه دائما تكون للاستخدام الفردي خاصة في مجتمع اليمن المتحفظ جداً.

حجرة واحدة تطل على الشارع الرئيسي بنافذة مستطيلة واسعة ، غطى “طارق” أرضيتها بطربال ليستلقي عليه لمراقبة الحركة بالقناصة الخاصة به. كان حريصا على عدم اتساخ السجاد على امل البقاء لعقود زمنية قادمة.

قال شهود عيان من سكان الحارة ، عندما قدمت وساطة يوم الجمعة الماضية حرص طارق عفاش على اخراج من منزله اكياس كبيرة مملؤة بالعملة المحلية . فوجئ المجتمع انها موجودة في منزل هذا الرجل اوساطهم اذ كانوا يتوقعون أن تكون مثل هذه الاموال  يتم ايداعها في البنك المركزي اليمني لتوفير سيولة نقدية تساعد الدولة على صرف ولو نصف مرتب لشهر واحد على الاقل لا أنن تتكدس في بدروم نافذ يفتح معسكرات خارج سلطة وزارة الدفاع ثم يتم نقلها على عدد من السيارات إلى مكان مجهول..
… يتبع غداً ان شاءالله..