بين يدي النبي والقائد
بقلم / هاشم أحمد شرف الدين
في العامِ الماضي شعر المشاركون في احتفال المولد النبوي بوُجُود السيد القائد، ترقَّبَ الجميعُ أن يفاجئهم بإطلالته المباشرة في مِنصَّة ميدان السبعين لإلقاء كلمته، لكن رُبَّما أن الدواعي الأمنية قد حالت دون ذلك، فأخذت طائراتُ العدوان تقصِفُ المنطقةَ الخلفيةَ للمنصة، بعددٍ من الغارات خلال الاحتفال وبعده غيظاً وحنقاً..
وها هي قبلَ أيام تقصِفُ المنصةَ دون أي مبرر، مما يجعلنا نثقُ بأنها محاولة استباقية بائسة للتضييق على احتفالنا القادم بالمولد، ومعها المحاولة الاستباقية البائسة الأُخْـرَى المتمثلة بالإعلان عن قرارها الباتِّ بالعزم على استهداف القائد شخصيًّا ووضع ملايين الدولارات كمكافأة للمتعاونين.
دعونا من هذا الكلام واعيروني انتباهكم لما سيأتي من فضلكم..
فمع كبر المسئولية وتعاظم الدور لم تعد كلمةٌ “واحدة” خلال مناسبة عيد المولد النبوي تكفي للتعريف برسالة الإسْلَام والغاية الإلهية من الأنبياء، ولهذا بدأ السيدُ القائدُ عبدُالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- سلسلة محاضرات تُعْنَى بإعادة “الناس” إلى الارتباط بخالقهم، والسَّيْر وفق منهجه الذي قدّمه لهم على أيدي أنبيائه..
ولعلَّها علامةٌ تستدعي الالتفاتَ لها باهتمام.. ألا وهي حرص هذا القائد الشاب على الاضطلاع بدور لم تعد توليه شخصياتٌ أُخْـرَى اهتماماً خاصاً، على الرغم من كونها تحتلُّ مراكزَ قياديةً على مستوى الأمة سياسياً ودينياً، ولدرجة يبدو فيها هذا القائدُ متفرداً بالحديث والحَثّ على تقديم تذكير عالمي برسالة الله والغاية من إرسال الرسل وربط خاتمهم محمد صلى الله وبارك عليه وعلى آله وسلم، بهم، وتقديمه النموذج الكامل الشامل للمنهج الإلهي الذي يكمُنُ فيه الخير للبشر عمومًا.
هو لا يشبه في هذا الوعاظَ أو الدعاةَ الذين يقومون بدور محدّد في إطار زماني مكاني محدد، وإنما هو يخاطِبُ البشريةَ في عصرِ المعلوماتية والاتصال والإعلام، مدركاً أن ملايينَ حول العالم ينصتون لكلماته، وغيرُهم يبحُثون عن تسجيلات لها على اليوتيوب، أو عن نصوصها، ويدرك أن مِن بين أولئك مَن لديهم اهتمامٌ استثنائيٌّ بما يقول، ومنهم المتطلعون الباحثون عن المنهج الإلهي، حيث الحق والخير، الذين يبحثون عن الله، محاولين الانعتاقَ والانتقالَ من ظلمات الباطل والشر إلى الله ونوره، أولئك الذين يجدون في كلمات هذا القائد ما يبدد الضباب عن الرسول الخاتم وما يدفع عنه كُلّ الإساءات والافتراءات، ويجدون صورةَ الإسْلَام الناصعة بصفائها وبهائها.
ولهذا لا يوفِّرُ هذا القائد فرصة مناسبة عيد المولد النبوي إلا وهو يكثّف رسائلَه حول ذلك، منافحاً عن دين الله وعن رسوله الطاهر المطهَّر واللذين يسعى الباطل بكل جهده لصرف الناس عنهما بأساليبَ متعددةٍ، أبرزها في الوقت المعاصر هو التشويه..
يقول للناس “للبشر” إننا نؤمنُ بالرسل والأنبياء جميعاً، والرسولُ محمد خاتمُهم..
يقول لهم: هذا هو الإسْلَام الإلهي الحقيقي وليس إسْلَام داعش والقاعدة، هذا هو الإسْلَام الذي فيه الخيرُ للبشر كُلّ البشر.
يقولُ هذا مِن قبل العدوان الأمريكي السعودي في كُلّ احتفال بالمولد النبوي، وها هو يقولُه اليومَ أَكْثَرَ من ذي قبلُ عبر سلسلة محاضرات، وهذا يعني أن قوى العدوان لم تتمكَّنْ من إغراقه في تفاصيلِ مواجهتها؛ ليغفلَ عن أداء أحد أهمِّ أدواره، بل ها هو يضاعِفُ جُهدَه في أدائه رغم العدوان.
العِبْرَةُ هنا هي هل نحن مستوعبون هذا الدورَ، وقَــدْرَ من يقوم به؟!.