وأما بنعمة ربك فحدث ..
بقلم / حمير العزكي
لا شك أن نعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكن ماهي النعمة الأجل والأعظم والأسمى بين كل النعم؟ ولماذا دعانا القران الكريم الى الحديث عنه من خلال التوجيه الإلهي الى رسوله الأكرم صلوات الله عليه وآله بالحديث عنها بعد أن سرد عليه وذكره ببعض منها في سياق الآيات، والتوجيه من خلاله إلينا بتذكر نعمة الله علينا والحديث عنها؟؟
لا جدال في أن الهداية هي نعمة الله الأعظم والأسمى على الإنسان، الهداية بكل ركائزها الرئيسية والتي يأتي رسل الله وأنبياؤه صلواته وسلامه عليهم في مقدمتها ويأتي خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين صلوات الله عليه وآله في مقدمتهم بشخصيته المصطفاة على العالمين ورسالته المنتقاة من رسالات الأنبياء السابقين وكتاب في محتواه كلما تحتاجه البشرية إلى يوم الدين، ليمثل منهجه خلاصة لكل تجارب الأمم السابقة وخلاصا من كل ظلمها وظلماتها وبؤسها وأساها وغيها وتيهها ، كنموذج شامل ومتكامل لما يريده الله من خير ورحمة بالإنسانية تتجلى فيه قيمة نعمة الله العظيمة ومنحته السامية وتنبثق منه الطريقة إلى معرفة الله والطريق إليه.
ومن المحال المحال أن تجد مسلما لا يعرف هذه النعمة العظيمة ولا مسلما ينكر فضلها وأهميتها وبالذات حين يقرأ أو يسمع قول الله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ ولكن ماهي الثمرة من هذه المعرفة وهذا الإقرار ؟؟ الثمرة الطيبة النافعة للإنسان هي في ما أشار إليه الشهيد القائد رضوان الله عليه بقوله: من أهم الوسائل لمعرفة الله سبحانه وتعالى هو تذكر نعمه، نعمه الكثيرة، نعمة الهداية بكتابه الكريم وبالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين) وهي أعظم النعم.
لهذا جاءت الدعوة في الآية الكريمة إلى الحديث عن نعمة الله وتردادها والاحتفاء بها كشعيرة من شعائر الله بقوله تعالى { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } دعوة من الله العليم الحكيم إلى الحديث عن نعم الله لما لذلك الحديث من قيمة وأهمية ونتيجة مؤكدة فيها الخير والصلاح للإنسان، فمهما بلغت استفادة الإنسانية من نعم الله المختلفة اللامحدودة واللانهائية فإن استفادتها تظل ناقصة وقاصرة ومشمولة بالأخطاء والاشكالات ومكتظة بالبؤس والشقاء لأنها لم تكلل بأعظم وأجل النعم الإلهية التي جاء بها الرسل والأنبياء ولأنها لم تستقم في مسارهم الذي خطه الله بعلمه وحكمته وأراد من الإنسان السير فيه.
ولما كان الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم النعم الإلهية على البشرية باعتباره حلقة الوصل الأسمى بين البشر وأنبياء الله اجمعين ولما للحديث عن هذه النعمة الكبيرة من أهمية وقيمة وأثر ونتيجة ابتداء بالامتثال لأمر الله وانتهاء بالإقبال على رسول الله صلوات الله عليه وآله اهتماما واجلالا واقتداء واهتداء واحتفاء واحتفالا، فإن من الواجب المفروض علينا اليوم الحديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بدءا بمولده الشريف، مولد النعمة العظمى والأسمى.