الخبر وما وراء الخبر

السعودية و«إخوان» اليمن.. حلال في الرياض وحرام في الدوحة

52

ذمار نيوز | تقارير | العربي: 16 نوفمبر، 2017

لم يستغرق زهو نشطاء حزب «التّجمع اليمني للإصلاح» (أخوان اليمن) في صنعاء، بنبأ لقاء قياداتهم المقيمة في العاصمة السعودية الرياض، بولي العهد هناك، الأمير محمد بن سلمان، غير 30 دقيقة فقط، قبل أن يُحذف النبأ من صفحات وكالة الأنباء السعودية «واس»، وتتجاهله الصحف الصادرة اليوم التالي، في تطوّر دراماتيكي قطع على نشطاء «الإصلاح» جلسة زهوهم باللقاء الغامض، وارتفع معدّل حيرتهم حول مخرجات اللقاء وأسبابه، حتّى بدا أكثرهم دراية بالشّأن السياسي، كما لو أنّه يغرق في «بير من حلبة»، في ظل انعدام شبه تام للرّؤية، وحيرة مشوبة بالشّكوك والرّيبة.

ثمار اللقاء في موقع العروس

اللقاء الذي حضره أمين عام الحزب، عبدالوهاب الأنسي، وصفه رئيس الهيئة العليا بـ«التجمّع اليمني للإصلاح» محمد اليدومي، بأنّه «كان مثمراً وإيجابياً وبناء»، عمّقت نتائجه ميدانياً، حيرة وذهول نشطاء «الإصلاح» تحديداً في مدينة تعز، حينما تساقطت بعد يومين اثنين من اللقاء، صواريخ طيران «التحالف» الذي تقوده السعودية، على موقع لفصيل عسكري موالٍ للجماعة في منطقة العروس بمحيط جبل صبر.
مصادر سياسية مطّلعة، في دوائر هيئة «الإصلاح»، تحدّثت إلى «العربي»، دونما تفويض من قيادة حزبها، قائلةً إنّ اللقاء جاء بطلبٍ من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بهدف البحث عن تحقيق انتصارات عسكرية ميدانية، متحدّثةً عن رغبة سعودية في حسم عسكري سريع للقضية اليمنية.

فك ارتباط

وقالت المصادر في قيادة «الإصلاح» بصنعاء، إن «ابن سلمان اضطر للقاء قيادات الحزب المقيمة في الرياض، بعدما وصف بفتور في علاقة السعودية بقيادات الإصلاح في الداخل، وتحديداً تلك المعنية بالشأن العملياتي والقتالي»، والتي حسب المصادر، «علّقت بعض المهام الموكلة إليها، وأوقفت عمليات التنسيق المشترك مع السعودية احتجاجاً على موجة اعتقالات واغتيالات تطال نشطاء في الجماعة في محافظات جنوبية، وتتهم قوات موالية للإمارات بالوقوف ورائها»، وأفادت بأن «قيادات الداخل فكّت الإرتباط بقيادات الإصلاح في الرياض»، مؤكدةً أن «هذا هو سبب اللقاء باختصار، فيما لا تزال الرؤية حول مخرجاته ضبابية ويكتنفها الغموض».

ازدواجية سعودية مع «الإخوان»

وحول دلالة حذف خبر اللقاء رسمياً، تعتقد هذه المصادر أن السعودية «فعلت ذلك حتى لا يظهر أنها تعمل بخلاف مبادئها، وتجنباً لما يمكن اعتباره ازدواجية في موقف السعودية من جماعة الإخوان، وتحديداً في قضية الأزمة الخليجية والخلاف مع قطر، باعتبار جماعة الإخوان واحداً من عناصر تلك الأزمة»، وأضافت المصادر «معروف أن السعودية تعتبر استضافة قطر لقيادات من جماعة الإخوان تهمة توجب مقاطعة الأخيرة»، متسائلة عقب هذا اللقاء «كيف تكون استضافة الإخوان في قطر حرام وفي السعودية حلال!»

عاصفة تساؤلات مثيرة

ويثير حذف خبر اللقاء، تساؤلات الناشط في جماعة «الإصلاح»، خالد الآنسي، مخاطباً من قال إنهم «غرّتهم ابتسامة محمد بن سلمان، وكأنهم لم يروا كيف انقلب على كثير ممن كان يقبّل ركبهم وأياديهم وليس فقط ينحني و يبتسم لهم»، وأضاف متسائلاً «هل قيام وكالة الأنباء السعودية بحذف خبر لقاء محمد بن سلمان بقيادات الإصلاح بعد نصف ساعة من نشره، مؤشّر على حسن نيّة أم العكس؟»، وتابع الآنسي «هل وجدتم خبر اللقاء في أيّاً من صحف بن سلمان، و لو كخبر صغير في صفحة الوفيّات، مثلما وجدتم من قبل عشرات المقالات التي تحرض على الإصلاح وتشتم فيه»، وتعليقاً على اللقاء، يعتقد الآنسي أن السعودية «تتعاطى مع الإصلاح كما تعاطت من قبل قبيلة عبس مع عنترة بن شداد، تبحث عنه وتعترف به في أوقات الحرب وتتنكّر له وتتبرأ منه في أيّام السلم».

تكهنات وإفتراءات

سعودياً، يرى الكاتب والصحافي السعودي، جمال خاشقجي، أن «اجتماع ولي العهد السعودي بقيادات الإصلاح المقيمة بالرياض منذ بداية الأزمة هو الشيء الصحيح، فلا حل في اليمن بتهميشهم وهم قوّة شعبية معتبرة هناك»، على حدّ تعبيره. فيما رأى باسم عبدالرحيم، من قطاع شباب «الإصلاح»، أن اللقاء كشف عن ما وصفها «متانة العلاقة الإستراتيجية الوطيدة» التي قال إنها «تربط التجمع اليمني للإصلاح بالمملكة العربية السعودية منذ عقود»، معتقداً كذلك في حديث إلى «العربي» أن اللقاء «قطع كل التكهنات والإفتراءات التي تحاول الإصطياد في الماء العكر».

ترتيب لحسم عسكري

وتعليقاً على اللقاء يعتقد الناشط الإصلاحي، عبدالجبار غالب، من سكان صنعاء، أن «السعودية بدأت تتجه نحو الحسم العسكري، ولذلك قررت التشاور مع قيادات الإصلاح بهدف الترتيب لهذا الحسم»، ويرى غالب أن «الحسم العسكري بات ضرورة ملحّة يفرضها وضع اليمن الخطير، خاصة بعد تهديد صواريخ الحوثي الكبير لأمن المملكة والخليج».

«كرت» مؤجّل 

وفي تعليقها على اللقاء، تعتقد حنان العواضي، أن «السعودية أجّلت خطّتها باستبعاد الإصلاح من المشهد، كونه الوحيد الذي باستطاعته مواجهة المليشيات، إلى أن يزيل الخطر وتستخدم الإصلاح ككرت»، وتنصح العواضي قيادات الحزب قائلة «على اليدومي أن يتذكر ما قاله بأن الإصلاح ليس فأس أبو حدّين، فقد يتحول مجرفة أبو مجرش من حيث لا يعلم».