الخبر وما وراء الخبر

كلما يحصل في الدنيا من فساد واجرام ورائه أمريكا.

49

لاحظ هم في حملاتهم الدعائية أيضاً يحاولون أن يرسخوا شرعيات معينة في أذهاننا، عندما يأتي شخص من الأشخاص من الزعماء هؤلاء وهو ينطلق معهم بحسن نية, أو ينطلق معهم يقدم لهم خدمة: يكافح الإرهاب، فكافح في بلده إرهابيين اعتبروا عمله ذلك نفسه إدانة له، أي عملك هذا يشهد على أن هناك إرهاباً في بلدك  إذاً إذا كان هناك إرهاب في بلدك فإن الحلف الذي قام هو قام على أساس أن يعطي أمريكا الصلاحية الكاملة لتتولى هي ضرب الإرهاب، ومن رؤيتها هي؛ برؤيتها هي.

فعندما يقول هذا الرئيس أو ذلك الملك: لدينا إرهابيون ولكن نحن سنتكفل بهذه وهناك لدينا قضاء وهناك لدينا كل شيء. لا يمكن أن تنتهي المسألة إلى هذا النحو سيحاولون أن يدخلوا وبحجة أن يساعدوه في البداية أن يساعدوه على عمله، ثم يكثر الإرهاب حينئذٍ على أيديهم هم؛ لأنه ليست المشكلة لديهم هي قضية الإرهاب.

هناك يقال في واشنطن نفسها وفي نيويورك في المدن الأمريكية: المحلات التجارية الكبيرة تحتاج إلى أن يكون داخلها حرس جنود مسلحين بالأسلحة النارية؛ لأن هناك سطواً، هناك إرهاب داخل أمريكا نفسها على المحلات التجارية في وضح النهار.. فلماذا لم تُأمّن أصحاب تلك المحلات التجارية؟ لماذا تبحث عن واحد إرهابي هناك؛ يقال له إرهابي في اليمن أو في أي دولة إسلامية أخرى.

ليس هذا هو المقصود؛ هم يريدون أن يثبتوا وجودهم داخل هذه البلدان، وهذا ما رأيناه في أفغانستان.. أليست التعزيزات العسكرية ما تزال تتوافد على أفغانستان؟ وهم في البداية دخلوا بحجة أنهم يقدمون خدمة للأفغان.

إذاً فأنت عندما تريد أن تكسب رضاهم فتقول: أنا فعلاً لدي إرهابيين، ونحن عانينا من الإرهاب، ونحن سننطلق معكم لنكافح هذا الإرهاب. فبدلاً من أن يشكروك على ذلك إنهم من يعتبرون قولك ذلك وسيلة لأن يدخلوا إلى بلدك. وحينئذٍ سيحجونك بماذا؟. سيحجونك بالإتفاق الذي قد حصل من جانبك بالموافقة التي قد حصلت من جانبك على أن تكون أمريكا هي التي تتولى التحالف الدولي ضد الإرهاب.

هناك أصوات الآن تظهر لكن هل أمريكا تعتبرها، هناك من يقول: يجب أن يكون مكافحة الإرهاب عن طريق الأمم المتحدة، هناك من يقول: يجب أن تعتمد أمريكا على جوانب أخرى في مكافحة الإرهاب، لا يكون الحل العسكري لديها هو الحل الوحيد في هذا الجانب، هنـاك من يقول عبارات أخرى، لكن هل أمريكا تسمع لهم؟.  لا تسمع أبداً.

هي تنطلق فمتى قيل: إن هناك إرهاباً فهي من تمتلك الحق – من وجهة نظرها – أن تكافحه بالشكل الذي ترى، وهي لا تكافحه كإرهاب على أساس أنه يزعج الناس أو يزعج المواطنين الأمريكيين؛ إنما لأن هناك وسيلة تعتبره وسيلة للدخول إلى هذه البلدان.

هي لا تكتفي بالإستعمار، الهيمنة العالمية هذه التي تحصل بل تريد أن تصل إلى كل منطقة، وأن تهيمن على كل بلد من داخله.

قلنا في كلام سابق بأنه كان من المفترض أن أمريكا هي التي تشكر أولئك الذين تسميهم الآن إرهابيين؛ لأنهم هم من انطلقوا ليحاربوا الشيوعية في أفغانستان بأمر وتوجيه من أمريكا.. فلماذا تنظر إلى جنودها الذين خدموها وضحوا بدمائهم من أجلها، أو كان في الأخير، أصبح في الواقع تعود المصلحة إليها هي.. لماذا تعتبرهم إرهابيين، ثم تعتبر البلد الذي هم منه بلداً إرهابياً. هذا هو نفسه شاهد على هذه الآية.. هل هي رضيت عن أولئك؟ ونحن سمعنا بأنهم انطلقوا إلى أفغانستان بأمر من أمريكا.

الآن يحاولون أن يجعلوها إدانة على الدولة نفسها وعلى اليمن نفسه أنه انطلق منه إرهابيون إلى أفغانستان، وأن هناك يمنيون أيضاً كانوا مع طالبان وكانوا من المصنفين ضمن الإرهابيين.. ألم يعتبروا تلك الخدمة إدانة الآن، كما اعتبروا دعم السعودية للوهابيين في مختلف المناطق – وهو بالطبع كان في ظرف من الظروف برغبة أمريكا – هم من اعتبروها أيضاً إرهابية بذلك الدعم، أي لا يمكن أن يرضوا عنك بنفس الخدمة التي قدمتها لهم، وإن كنت جندياً من جنودهم لن يرضوا عنك، بل تجلى الأمر إلى أن تصبح تلك الخدمة هي إدانة ضدك.. إدانة ضدك.

كانت أمريكا حريصة جداً على أن تخرج روسيا من أفغانستان، وكان يهمها جداً وجود الإتحاد السوفيتي في أفغانستان.. فهؤلاء الذين انطلقوا كمجاهدين من هنا وهنا هم في الواقع قدموا لها خدمة، سواء شعروا أو لم يشعروا، وأن يتوافدوا من هنا ومن هنا إلى ذلك البلد، ونحن لم نرى أن هناك ما يسمح لهم ولغيرهم أن يتوافدوا على هذا النحو إلى فلسطين لمحاربة إسرائيل.. هل حصل مثل ذلك؟.

لأن كلما يحصل هنا في هذه الدنيا في البلدان التي تهيمن أمريكا عليها هو طبعاً بتوجيهات أمريكا وإيحاءات منها، أو رضا عنها بذلك التصرف باعتبارها ترى أنه يخدم مصالحها. هم قاتلوا، وفي الأخير خرجت روسيا من أفغانستان، وإذا بأولئك يصبحون فيما بعد إرهابيين.

اليمن الآن يعتبر مدان أنه انطلق منه شباب كثيرون، هم الآن يصنفون بأنهم إرهابيون، والبلد الذي هم فيه يعتبر بلد إرهابي، وأسامة أصله من اليمن! أصله من اليمن سيحاسبون اليمن على أن أصل أسامة من اليمن.

ونحن أحياناً نزيد عبارات تعطي توسعهم شرعية أكثر [مكافحة الإرهاب من جذوره واقتلاع جذوره، وتجفيف منابعه] هكذا سمعنا بالأمس عبارات من هـذه [اقتلاعه من جذوره] وأنت من يجب أن تنكر أن هنـاك إرهابيين أو من لا تسمح أبداً أن يقال لبلدك، أو أن يتجه أولئك لتصنيف بلدك كله بأنه بلد إرهابي على النحو الذي يريدون.

لاحظوا كيف عملت إيران، هي اتهمت بأن هناك اثنا عشر شخصاً دخلوا إيران من تنظيم القاعدة، الإيرانيون يعرفون أمريكا، ويعرفون أنهم لو قالوا فعلاً هناك أشخاص ونحن سننطلق، ونحن فعلاً معكم في مكافحة الإرهاب. أن هذا لا يرضي أمريكا، هي تريد أن تجعل إيران بلداً إرهابياً بهذا الشكل الذي تصنفه أو تطلقه الآن عليه إرهاب سواء كانوا أشخاصا من تنظيم القاعدة أو من طالبان، لتبرر لنفسها أن تضرب إيران، ثم ليتجه الإعلام ليقول إذاً فإيران بلد إرهابي هو داعم للإرهاب، إذاً هو منبع من منابع الإرهاب، إذاً للإرهاب جذور في إيران، وهكذا سيكون بالنسبة لليمن.

ماذا عمل الإيرانيون؟ انطلقوا هم وهددوا أمريكا وصرخوا في وجهها، وتحدوها وقالوا عليها أن تفهم أنه لن يكون أي ضربة من جانبها تمر دون رد فعل مباشر.

لكن ماذا؟ الموقف يختلف هنا في اليمن، والمفترض أننا هنا في اليمن يجب أن نتنبه سواء الرئيس أو الدولة أو المواطنين أنفسهم أن يتنبهوا إلى أنه يجب أن يتعاملوا مع أمريكا ومع الإعلام المضاد كما يتعامل إيران تماماً، وإلا فإذا أبدى الرئيس استعداده فإنه سيرى في كل أسبوع في كل شهر يرى أنه يصنف بلده ويصنف هو داعماً للإرهاب، وبالتالي فهو بسكوته، بل واستعداده لأن يعمل معهم إنما يمنحهم شرعية من وجهة نظرهم، إنما يشجعهم على أن يزيدوا؛ على المزيد حتى تطأ أقدامهم اليمن كما بلغنا فعلاً، ثم إذا ما دخلوا ولو مائة شخص سيأتي بعدها التعزيزات، سيأتي بعدها التعزيزات، وسيقدمون أنفسهم لليمنيين بأنهم إنما جاءوا ليخدموا اليمن! قد يقولون هكذا: ليساعدوا اليمن على مكافحة الإرهاب، كما جاء في السؤال بالأمس، هل أن اليمن بحاجة إلى مساعدة مثلاً اقتصادية أو عسكرية؟ هكذا مساعدة، يعني: في مكافحة الإرهاب.

لو قال الرئيس: لا. سيفرضون هم عليه، وسيرغمون اليمن على أن يقبل المساعدة؟، ما يسمى بالمساعدة سيرغمونك على قبولها؛ لأنك لم تقف في وجوههم من أول يوم، أنت كنت ترى أن السكوت يمكن أن يرضيهم،  أو أن إظهار استعدادك للتعاون معهم سيرضيهم. لا.

إن الله عندما يقول لنا أنهم أعداء إنه يريد منا أن نتعامل معهم كأعداء, وعدوك عدو من هذا النوع يجب أن تقف في وجهة حتى لا يفكر بأن يعمل ضدك أي عمل، فيراك أنت متأهب تماماً لمواجهته ولقطع يده.. هذا ما يجب أن يكون عليه اليمني، وإلا فسيرى علي عبد الله نفسه يقع في المأزق الذي فيه عرفات فعلاً.

هذا شاهد.. ألم نكن نسمع نحن الرئيس في مقابلات سابقة وفي لقاءات وفي تجمعات يظهر نفسه كشخص مستعد أن يكافح الإرهاب؟ إذاً فلماذا الدعايات ضد اليمن فليكتفوا بهذا الشخص الذي وعدهم أنه هو يستطيع. ونحن قلنا في المحاضرة في القاعة أنه في الواقع لو افترض أن هناك إرهابيين يضرون فعلاً بمصالح مشروعة لأمريكا فإن اليمن بدولته وقضائه يستطيع أن يحسم الموضوع دون أي تدخل أمريكي.. لكن هل يرضيهم هذا؟. لا يرضيهم.

إنه لا يهمهم مكافحة إرهاب، هم من يصدرون الإرهاب، وهم جذور الإرهاب، وهم منبع الإرهاب الأمريكيون أنفسهم. أمريكا هي الشيطان الأكبر – كما قال الإمام الخميني – هي من تثير الفتن وتثير القلاقل، ومن تصدر الإرهاب في العالم كله.. مَن وراء إسرائيل؟. أليست أمريكا وراء إسرائيل؟ ألم يظهر الرئيس الأمريكي بالشكل الصريح متعاطف مع إسرائيل، ويصنف الفلسطينيين المساكين المظلومين بأنهم إرهابيون.. هل هذه الدولة، أمريكا يصح أن تعطى هذا المقام وهذا المنصب أن تكون هي من يقود التحالف ضد الإرهاب، وهي من تدعم الإرهاب الكبير, تدعم إسرائيل؟ هل يثق بها العرب أنها ستكافح الإرهاب؟.

برنامج رجال الله اليومي.

السيد حسين بدر الدين الحوثي.

ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى صـ11 .12.