الخبر وما وراء الخبر

الشراكة بمفهومها الحقيقي، عودوا إليها

45

بقلم / طالب الحسني

الشراكة الوطنية، لا أحد كان يتداوَلُ هذا المصطلحَ ولا المفهومَ الذي يدُلُّ عليه، على مدى “القرون” الماضية في الحياة السياسية في اليمن، حتى 21 سبتمبر 2014 جاء أنصار الله، والسيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي تحديداً بهذا المصطلح من المدينة الفاضلة وأقحموه في حياتنا السياسية إلى جوار مصطلحاتنا التي تعوّدنا أن نعيشها باستمرار: الصراع، التنافس، المماحكات، المكائد السياسية، الانفراد بالحكم، العبث و… إلخ.

هذه حسنة كبيرة في وقتها، كان اليمن بحاجتها وكأن السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي بثورة 21 سبتمبر ألقى بحبل النجاة لليمن الذي كان يغرق وكان مشروع التقسيم والتفتيت والتجزئة يجري على قدم وساق.

الشراكة الوطنية كانت بديلاً لمصطلحات كثيرة هي مَن سبّبت الاحتقان والاقتتال والتدمير والارتهان ووضع اليمن في مهب التدخلات الإقليمية والدولية، وكانت بديلةً أيضاً للانفراد بالسطلة والاستقواء بها، وكانت وهذا هو الأهم طعنة في خاصرة المشروع الأمريكي الذي يعتمد على إذكاء الصراع بين المكونات الوطنية، إن لم يكن هذا البلد متعدد الأعراق والطوائف والإثنيات كاليمن، بحثوا له عن فوارقَ جهوية وسياسية وأذكوها، كان مفهوم الشراكة يعني أن نتشارَكَ في القرار في قيادة البلد، وأن نتشارك في الدفاع عنه أيضاً.

في ظل العدوان “الكوني” على اليمن ومؤامرات التفكيك من الداخل وتفخيخ أية تحالفات لمواجهة العدوان، كانت الشراكة هي الضامنة الكبيرة في استمرار الصمود، وصلابة الجبهة الداخلية، وَهذا ما كان يؤكد عليه قائد الثورة السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي باستمرار، ولم يسبق أن ألقى خطاباً في أية مناسبة كانت منذ بداية العدوان قبل أكثر من عامين ونصف عام دون أن يقصد هذا المصطلح ويأتي على ذكره ويذكّر الداخل والخارج به كمشروع إنقاذ.

اليوم وبعد هذا الصمود الأسطوري المشهود لليمن في مواجهة أعتى حرب خاضتها في التأريخ أمام تحالُفٍ دولي معلن، هناك مَن عاد ليشتغلّ على تخريب الشراكة الوطنية لمصلحة العدوان، على الرغم أن التكلفة الكبيرة في هذه المعركة يدفعها طرفٌ واحدٌ وهم أنصار الله بشهادة الجميع، ويريد لهذا البلد الذي تصدى للعدوان وانتصر عسكرياً وسياسياً ونجح في تجاوز الحصار والتدمير والحرب الاقتصادية والإعلامية، أن يتشظّى مجدداً، وأن تعود المماحكات والمكائد في صفه لمصلحة دول العدوان وتحالفها الذي تفكّك.

من يقوم بهذا الدور يقبض الثمن دون أي اعتبار لكل المكاسب الوطنية التي حقّقها اليمن في مواجهة العدوان والمصير الذي كان سيحدث لو خسر هذه الحرب، والجميعُ يدرك ماذا يعني أن يقعَ اليمنُ كله تحت الاحتلال والوصاية الخليجية والأمريكية.

الشراكة الوطنية التي يقصُدُها أنصار الله، بمفهومها الشامل، هي جزء من الانتصار، وهي مستمرة وستبقى متينة وقوية؛ لأنها جزء أساسي في مستقبل اليمن، والعالم اليوم أخفَقَ في إدارة الازمات؛ لأنه لا يجدُ فرقاءَ سياسيين يتمسكون بهذا المفهوم، وغالباً ما تصبح الشراكة والمصالحة الوطنية من الأمور التي من الصعب تحقيقها.

رهانُ العدوان الوحيد اليوم هو التفكّك من الداخل.. فهل يدرِكُ المؤتمرُ أو جزءٌ من قادة وأعضائه أنهم يقدمون هديةً كبيرةً للعدوان الذي يبحث عن منقذ؟!