الخبر وما وراء الخبر

في ذكرى اغتيال وطن

50

بقلم / عبدالفتاح البنوس

إن حدثا أفضى إلى اغتيال شخصية وطنية فريدة بحجم الرئيس الراحل الشهيد إبراهيم محمد الحمدي هو بمثابة اغتيال لوطن بأكمله ، كيف لا وصاحب تلكم الشخصية كان يمثل الوطن ويجسد طموحات وتطلعات أبناء الشعب ، الذي أخلص لهم، وكان قريبا منهم ، متلمسا لهمومهم ومشاكلهم، مدافعا عن حقوقهم ، ومنتصرا للمظلومين منهم، فلم يكن الزعيم الراحل إبراهيم الحمدي شخصية عادية يمكن المرور على ذكرى وفاتها أو حادثة اغتيالها مرور الكرام ، فقد كان شخصية بحجم الوطن، وشكلت جريمة اغتياله فاجعة مؤلمة لكل اليمنيين الذين كان الرئيس الحمدي بالنسبة لهم المنقذ من أوضاع مريرة وظروف اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة والتعقيد، فكانت فترة حكمه التي امتدت للفترة من 13يونيو1974م إلى 11أكتوبر1977م من أزهى الحقب في تاريخ اليمن قياسا على ما كانت عليه الأوضاع في الدول المجاورة ، نتيجة حنكته القيادية ، وقدراته الإدارية ، ونزاهته ووطنيته ، التي جعلت منه حديث الشعب اليمني ، وكانت بصماته حاضرة وبقوة رغم قصر فترة حكمه .

هذه الروح الوطنية التي كان يمتلكها الزعيم الخالد في القلوب الشهيد إبراهيم الحمدي، والنظرة المستقبلية التي كان يتمتع بها أسهمت في خلق حالة من القلق لدى قوى التآمر والخيانة والعمالة والارتزاق بقيادة آل سعود، الذين كانوا يتابعون إنجازات الرئيس الحمدي، ويرصدون تحركاته ، ويحللون توجهاته، ويخشون على أنفسهم من نجاحه في بناء الدولة اليمنية ، وخصوصا بعد أن لمسوا فيه حرصه الشديد على تحقيق الوحدة اليمنية ، من خلال سلسلة من المباحثات مع القيادة في الشطر الجنوبي في حينه ، لاستكمال حلم كل اليمنيين بتحقيق الوحدة ، حيث بدأت مملكة الشر بحيك المؤامرات ضده، وجندت الكثير من الأذناب والعملاء لها في الداخل اليمني، لوأد مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة ، وإعاقة مسيرة التصحيح التي قادها الرئيس الحمدي، حيث نجحت المخابرات السعودية في إنفاذ مخطط شيطاني إجرامي يستهدف الرئيس الحمدي وشقيقه عبدالله الذي كان يمثل الجناح العسكري والذراع الأيمن للرئيس الحمدي، وفي الـ11من أكتوبر من العام 1977م منح آل سعود الضوء الأخضر لملحقهم العسكري في صنعاء صالح الهديان وفريق العملاء والخونة للإجهاز على الرئيس وشقيقه ضمن مخطط إجرامي لم يكن الرئيس وشقيقه يتوقعانه ، حيث تحولت مائدة الغداء التي دعيا إليها إلى فخ شيطاني يحمل بصمة اليهودية السعودية وأذنابها في الداخل اليمني، فأجهزوا عليهما بطريقة بشعة وعمدوا إلى محاولة التغطية على الجريمة وحرف أصابع الاتهام عنهم، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا ، وعرف الشعب هوية القتلة، والطرف الذي يقف خلفهم، وأدرك حجم المؤامرة التي تحاك ضده .

واليوم وفي ذكرى اغتيال الرئيس الحمدي تبرز أمامنا الكثير من الحقائق الماثلة للعيان والتي تبرز الخطر الذي يمثله آل سعود على اليمن واليمنيين ، الخطر الذي يتمثل في حقدهم وصلفهم وإجرامهم وتآمرهم الذي تجلى في أقذع صوره في مؤامرتهم ضد الرئيس الحمدي وتورطهم المباشر في جريمة اغتياله ، واليوم من خلال عدوانهم الهمجي الذي فاق كل التصورات وتجاوز كافة الحدود في الوحشية والإجرام، وهاهو التاريخ يعيد نفسه، فأعداء الأمس هم أعداء اليوم، وأذناب وعملاء ومرتزقة الأمس هم أذناب وعملاء ومرتزقة اليوم ، وهو ما يؤكد على أن آل سعود هم مصدر الخطر على اليمن واليمنيين خاصة وللعرب والمسلمين عامة ولا خلاص ولا استقرار للمنطقة إلا بزوالهم وتطهير البلاد من رجسهم وخبثهم وإجرامهم .

بالمختصر المفيد، اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي هو اغتيال للوطن، كل الشواهد تحكي ذلك وتؤكده، ووحدهم أولئك المرضى والمأزومون الذين لا يريدون تسليط الضوء على شخصية الرئيس الحمدي والإشادة بأدواره وإنجازاته، من باب الكيد السياسي والمصالح الحزبية الرخيصة .

رحم الله الشهيد الحمدي وطيب الله ثراه وأحسن الله مثواه وجعل الجنة سكناه ، ولعناتي على آل سعود وكل من تآمر على قتله من أحذية وقباقيب اللجنة الخاصة السعودية .

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .