الخبر وما وراء الخبر

جواب سؤالهم: من يقتل اليمنيين؟

83

بقلم / إبراهيم يحيى الديلمي

في السابق كان اليمنيون يقتلون قبل ثورات الربيع العربي تارة باغتيال وتارة أخرى بحوادث مرورية وفي الأغلب كانوا يقتلون بالآلاف في حروب عبثية تشن من قبل النظام الحاكم دون أي اكتراث بأرواح اليمنيين التي تزهق بدم بارد سواءً أكانت أرواح جنود أو مواطنين ومثال ذلك حرب صيف 94 التي شنت على الجنوب وحروب صعدة الست التي شنت على مكون أنصار الله.

بعد ذلك سادت نوعية جديدة وأسلوب خبيث لقتل اليمنيين وقتل غيرهم من شعوب المنطقة، هذا الأسلوب اعتمد على دعم الجماعات التكفيرية والدفع بها لارتكاب مجازرها الواحدة دون أخرى وحرف الأنظار عن العدو الحقيقي إسرائيل صوب عدو وهمي تتخذ منه الدول المعادية للإسلام أداة لتنفيذ مخططاتها، وعاملا مساعدا لنشر الفوضى وثقافة الكراهية والعنف والقتل في المجتمعات العربية والإسلامية تحت مظلة التعصب المذهبي وصولا إلى إضعافها وتفتيتها إلى دويلات متناحرة لعشرات السنين. حيث كانت آلة التكفير والإرهاب الوهابي المستأجر تقتل اليمنيين في كل غزواتها الإجرامية، جرى ذلك في السبعين وفي مستشفى العرضي وفي مساجد الحشحوش وبدر والبليلي والمؤيد، وفي مدن عدن والمكلا وأبين ولحج ورداع، وبالتزامن معها كنا نسمع عن تنفيذ عمليات اغتيال بشعة تطال رموزا وطنية.

كان البعض يتساءل بسذاجة ( من فعل هذا؟!) في الوقت الذي كان جواب سؤاله يمر من أمامه حين يقرأ منشورا في التويتر لتنظيم داعش يقر ويعترف فيه بتلك العمليات وتبنيه لها، أو يشاهد مقطع فيديو مصور وثق فيه الدواعش جرائمهم ببشاعة لانظير لها.

بالأمس قرأ المسلمون كتابا تحت عنوان “خيارات صعبة” وفيه تعترف مؤلفته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون بأن الإدارة الأمريكية هي من صنعت داعش، ثم جاء دونالد ترامب ليؤكد هذه الحقيقة في حملته الانتخابية.

استمرت الجماعات التكفيرية في إدارة عجلة القتل في اليمن وغيرها ولكن الدول الراعية لها سرعان ما غيرت منهجيتها وأساليبها الإرهابية في قتل اليمنيين من عمليات انتحارية – لم تعد مجدية خصوصا في ظل القبضة الأمنية الحديدية التي فرضتها اللجان الشعبية- إلى عدوان أمريكي صهيوني نفذته ومازالت تنفذه السعودية والإمارات، أظهر للعالم أجمع من هو القاتل الحقيقي لليمنيين وقاتل غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية.
ولعل هذا التغيير في استراتيجية تلك المنظومة الإرهابية قد اعتمد على قاعدة شراء الولاءات بالمال وفرض الاحتلال كوسيلة للإخضاع والإذلال، كما أنه أرغم تلك الجماعات المنظوية تحت لوائها إلى التحرك كمرتزقة وإلى اتخاذ وضعية المواجهة العسكرية المباشرة دون أن تكون لها عقيدة سامية تقاتل في سبيلها ماعدا عقيدة المال وكراهية الأخر التي أكدت أن المال والكراهية وحدهما هما المحرك الرئيسي لتلك الجماعات وأن الشعب والوطن ليس لهما وجود في قوائمها فهي بالمال تبيع الوطن وبالكراهية تقتل الشعب.

لقد كان لهذا العدوان دوره الكبير في كشف الحقائق للناس وفضح القاتل الحقيقي لليمنيين وذلك في ظل حالة مزرية من اللاوعي سادت لبعض الوقت ودفعت بالكثير إلى اتهام مكون أنصار الله بأنهم من يقتلون اليمنيين وذلك بعكس ما يزعم شعارهم، وهو الأمر الذي نفته شواهد الحال ومتغيرات المشهد السياسي العام في اليمن.

فمن كان يقتل اليمنيين بالأمس ليس أنصار الله ومن شن وأيد العدوان اليوم ليس أنصار الله ومن تسبب فيه ليسوا هم، بدليل ما كشفه المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر بعد إعلان العدوان من واشنطن، في تصريح مفاده أن السعودية بتدشينها العدوان على اليمن إنما أرادت أن تجهض اتفاقا سياسيا كانت قد توصلت إليه القوى والمكونات السياسية في اليمن قبل ساعات قليلة من شن العدوان، وبعد مفاوضات ماراثونية طويلة جرت في فندق موفنبيك واستمرت لأشهر وذلك عقب فرض حالة فراغ سياسي متعمدة في البلاد، وكان من المفترض توقيع ذلك الاتفاق في صبيحة يوم الـ 26 من مارس 2015.

شنت السعودية عدوانها الهمجي على اليمن بذرائع واهية على رأسها استعادة الشرعية دون تخويل حتى من الشرعية نفسها، إذ أننا فوجئنا بعد أيام من شن العدوان بالفار هادي وهو يؤكد أنه لم يكن يعلم بعاصفة الحزم وأن السعودية ستشعل حرباً على اليمن.

وبتتبع يوميات العدوان بعد أكثر من تسعمائة يوم من بدايته نجد أن الهدف والسمة الطبيعية والأساسية له لم تكن تحرير اليمن واليمنيين وإنقاذهم من آلة القتل الحوثية المزعومة كما زعم نظام آل سعود، لم تكن إعادة الشرعية، إذ أن آلة العدوان والحصار البغي لم تخلف إلا بلدا منكوبا ومحتلا وشعبا مذبوحا تجاوزت المجازر التي أرتكبتها قوى العدوان فيه رقما قياسيا ومهولا لايصدق.

لقد شاهدنا المئات من المجازر التي ارتكبتها طائرات العدوان بسابق إصرار وترصد في الكثير من المدن والقرى اليمنية، كان معظم ضحاياها من النساء والأطفال، ووقعت كلها في الأسواق والأحياء السكنية وحتى في قاعات المناسبات والطرقات والمزارع وووإلخ.
شاهدنا تدميرا شاملا ومتعمدا للبنى التحتية في كل مجالات الحياة ودون مراعاة لأي حرمة نصت عليها القوانين الإنسانية وأخلاقيات الحرب.

شاهدنا مقاطع فيديو بشعة تظهر قيام الجماعات التكفيرية في تعز المسماة بالمقاومة بارتكاب عمليات قتل وسحل وصلب جماعي في تعز بحق أسرى يمنيين ينتمون للجيش واللجان الشعبية.

شاهدنا بأم أعيننا مشاهدا مصورة ومروعة لعمليات قتل جماعي نفذت بحق أسرى يمنيين من الجيش واللجان الشعبية في عدن كانوا منزوعي السلاح، مكبلين بالأغلال، وضعوا هناك على مسافة قريبة وضربوا بصلية من صواريخ الكاتيوشا ليتناثروا أشلاء.

لمسنا حصارا بريا وبحريا وجويا حرمنا بسببه من الغذاء والدواء وحق السفر إلى الخارج للعلاج، وأدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة وموت الآلاف.

شاهدنا مقطع فيديو مؤلم لأسير من الجيش واللجان يدفن حيا في تعز.. شهدنا تسليم قوى التأمر في الجنوب لسيدها الأمريكي وكيف أمست الأوضاع أكثر مأساوية فيه من أوضاع الشمال، سمعنا عن عمليات انتحارية واغتيالات وفوضى أمنية وسجون ومعتقلات إماراتية في الجنوب، وسمعنا عن إقامة قواعد إماراتية في ميون ونهب ثروات نادرة بالمكشوف من جزيرة سوقطرة.

عانينا ومازلنا نعاني من حرب اقتصادية قذرة كان السفير الأمريكي قد هدد بشنها علينا أثناء مفاوضات الكويت إن لم يعلن وفدنا الوطني الاستسلام الغير مشروط لقوى التحالف.

سمعنا عن دعوات ومبادرات مريضة من الداخل للاستسلام فصرخنا هيهات وصرخ الجنوب المحتل لاتستسلموا.

فمن يقتل اليمنيين ؟؟!