تراجع عربي عن مشروع يدين الاحتلال باليونسكو والسعودية تتخاذل وبن سلمان زار تل أبيب سرّاً
تراجعت في الآونة الأخيرة الدول العربية بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية عن طرح مشروع قرار في اليونسكو يدين الكيان الاسرائيلي، بشأن إجراءاته المنهجية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بحق التراث الفلسطيني.
وجاء التراجع العربي عن إدانة الاحتلال في اليونسكو (اللجنة الإدارية لمنظمة التعليم والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة) بوساطة أمريكية وتدخل غربي، وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية اليوم الأحد أن مشروع القرار ينص في الأساس على إدانة إسرائيل على سياستها في فلسطين.
ولسحب الشكوى العربية والفلسطينية تدخّل أيضا المبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط “جيسون غرينبلت”. وجرى الاتفاق في نهاية المطاف على سحب مشروع القرار ومشروع آخر، وتأجيل طرح هذه المشاريع لنصف عام قادم.
والمخزي في هذا النبأ أنه جاء على لسان موظف رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية حيث قال: إن الدول العربية قررت سحب المشاريع في أعقاب اتصالات دبلوماسية، جرت الأسبوع الماضي، بين رئيس اللجنة الإدارية لليونسكو مايكل ووربس، والسفير الإسرائيلي في هذه المنظمة كرمل شاما هكوهين، والسفير الأردني في اليونسكو مكرم قيسي، بمشاركة دول غربية على رأسها أمريكا.
وزعم المسؤول الصهيوني إنه تم التوصل إلى تفاهمات خلال هذه الاتصالات (مع بعض الدول العربية)، تقضي بأنه بدلا من التصويت على مشروعي قرار بخصوص القدس المحتلة والوضع في فلسطين المحتلة، قدمتهما المجموعة العربية، وصيغتهما مطابقة للقرارات التي صادقت عليها اليونسكو قبل ستة أشهر، فإن رئيس اللجنة الإدارية لليونسكو سيقدم اقتراحين لإرجاء التصويت على مشروعي القرار لستة أشهر، وسيتم التصويت على الاقتراحين بالإجماع من جانب الدول الـ56 الأعضاء في اللجنة الإدارية.
وهو الأمر الذي يقضي بتجميد حقوق الفلسطينيين في المنظمة الحقوقية، مقابل حصول كيان الاحتلال على الزمن المطلوب لاستكمال مشاريعه في الضفة الغربية.
ومايثير السخرية أن إسرائيل لم تلتزم بأي مقابل لقاء هذه التفاهمات، وإنه في موازاة الاتصالات حول إرجاء التصويت، علاوة على أن الاحتلال سعى لدى سفراء الدول الأعضاء من أجل ضمان ازدياد عدد الدول التي تعترض على القرارات ضد تل أبيب.
ومنذ نيسان/ أبريل عام 2013، ستكون هذه المرّة الأولى التي لن تطرح فيها مشاريع قرار تتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني للتصويت في اجتماع لإحدى لجان اليونسكو.
تخاذل سعودي
وفي سياق آخر لابد من التطرق الى التخاذل السعودي الذي بات واضحا أمام الجميع، وعلى وجه الخصوص ما حصل في مؤتمر صحفي عقد أمس السبت، عندما تهرّب السفير السعودي في الأمم المتحدة “عبد الله المعلمي” من سؤال وجّه له عن الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق الأطفال الفلسطينيين.
وبدا المسؤول السعودي مدهوشا للسؤال الذي طرح عليه، وظهرت أولى ردود الأفعال من أحد الجالسين في المؤتمر، الذي نصح السفير بأن الأفضل له أن ينسحب وينهي المؤتمر، وهو ما قام بفعله حقا، كيف لا وقد باتت الرياض وتل أبيب تربطهما صلة وثيقة ظهرت الى العلن خلال الأعوام السابقة.
إلا أن السفير المرتبك تمسّك بموقفه بحزم وأجاب متذرّعاً: لم أقم بدراسة هذا الجزء حتى أستطيع أن أعطيك عليه تعليقاً.
وأما الردّ العربي على هذا التخاذل من قبل السفير السعودي، ظهر واضحا على صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين وصفوا تصريح السفير السعوي بأنه بداية موفقة للتطبيع مع الاحتلال.
وماذكرناه أنفا يفرض علينا تناول ما أعلنه منتدى “السياسة الإسرائيلية” في نيويورك عن عقد مؤتمر لـ”أمن الشرق الأوسط”، في 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بمشاركة الرئيس الأسبق للاستخبارات السعودية الأمير “تركي الفيصل” والكاتب السعودي نواف العبيد، في نهاية الشهر الجاري.
وسيبحث “الفيصل”، و”العبيد”، إلى جانب جنرالات إسرائيليين متقاعدين، وفي مقدمتهم رئيس الموساد الأسبق “إفراييم هاليفي” وجميع المشاركين في الندوة برنامج إيران النووي، وعلاقات “إسرائيل” بالدول العربية، والحرب على تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى القضية الفلسطينية.
جدير بالذكر أن التقارب المشؤوم بين كيان الاحتلال والسعودية لم يكن وليد اليوم وإنما ظهر الى العلن خلال الأعوام السابقة، حيث كشفت صحيفة “ميكور ريشون” الإسرائيلية، في سبتمبر/أيلول 2017 أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قد زار إسرائيل الأسبوع الماضي سراً والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
* الوقت التحليلي