الخبر وما وراء الخبر

محمد بن سلمان.. هل يقود الأسرة السعودية والمملكة الوهابية الى الهاوية؟

113

بقلم / محمد المقالح

*المراهنة على امكانية حدوث انشقاق داخل الأسرة السعودية باتجاه احداث تغيير للنظام أو اصلاح فيه تبدو مراهنة غير واقعية أو صعبة جدا في أحسن الاحوال وبالضرورة لن يقود الاصلاح محمد بن سلمان كما يحاول أن يبدو منفتحا ولكن فارغا من أي مضمون وبلا سند ولا عماد.

*طوال قرابة المئة السنة التي توارث فيها ابن سعود واولاده من بعده شعوب الجزيرة كما يتوارثون مواشيهم واملاكهم الخاصة لم يخرج امير سعودي واحد ليقودوا تغييرا أو اصلاحا جديا من داخل الاسرة الحاكمة

* هذا لا يعني انه لم يوجد طوال فترة حكم ابن سعود وابنائه بدأ من سعود الابن الاكبر لعبد العزيز وانتهاء بسلمان الملك الحالي امراء منشقون او مصلحون بل وجدوا ولكن كحالات فردية انتهت بقتلهم او اقالتهم او نفيهم واعتقالهم كحالة بن نايف او تراجعهم كحالة مقرن ابن عبد العزيز بل ان سعود نفسه اول ملك بعد والده تم عزلة لمجرد انه حاول ان يخرج قيد انملة عما رسمه الامريكان والانجليز للنظام .

* في عهد سلمان وما يطلق عليه اليمنيون ابنه المهفوف محمد لم يحدث ان اعترض امراء سعوديون بهذا الحجم الكبير كما يعترضون اليوم قرار تولي محمد بن سلمان منصب ولاية العهد تمهيدا للوصول الى العرش

في هذا السياق تذكر بعض الروايات وتوكد بعض المؤشرات والاعتقالات الواسعة في صفوف الامراء الى انه لا يوجد أحد ممن يعتد به من امراء الاسرة السعودية راض أو مطمئن الى تولي محمد بن سلمان ولاية العهد تمهيدا لوصوله الى حكم المملكة الوهابية سوى والده سلمان بن عبد العزيز وتحديدا بعد ان اصيب الأخير بأمراض الشيخوخة (الزهيمر) واقتراب الاول من محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي .

وفي سياق الحديث عن الاعتراضات الواسعة في صفوف أسرة آل سعود على تولي بن سلمان الملك يقال ان كثيرا من الامراء الشباب من أولاد عمومته من يتمنى قتل بن سلمان وبعضهم حاول فعلا لتتخلص الاسرة والمملكة الوهابية برمتها من شر مستطير يخبئه لهما هذا الولد المراهق كما يعتقد معظمهم -وبعضهم يعتمد التنجيم والحسابات الفلكية – والذي لا يبدو فيه أي سمات للملك سوى التنفيذ الذليل وبلا تردد لكل ما يطلبه الرئيس الامريكي ترامب وابنته ايفانكا من المملكة.

ولكن هؤلاء الامراء الممتعضون من حكم بن سلمان يمنعهم اباؤهم من أي عمل انشقاقي ويحذرونهم بل ويعتقلونهم تخوفا من ان تودي خطوة من هذا النوع الى انقسام الاسرة ومن ثم سقوط حكم الاسرة بكاملة وهذا بيت القصيد.

*‏هذا التخوف الدايم والسيكلوجي لدى جميع الامراء الكبار والذي تحول الى فوبيا الخوف على وحدة اولاد ابن سعود هي التي مكنت اميرا مكروها مثل محمد بن سلمان الوصول الى هذا الموقع الخطير بنظر الجميع ولكنهم ينتظرون وصوله اليه بصورة قدرية دون أي تحرك لمنعه بصورة جدية.

*في الاسرة السعودية ‏كل امير سعودي غامر وتبلطج واظهر من نفسه قوة وطموحا للوصول الى العرش عادة ما يحصل على ما يريد وما يطمح اليه باعتباره ذي شوكة وغلبة وعليهم طاعته أيا كانت مؤهلاته للحكم الرشيد خوفا او تخوفا من اي انشقاق داخل الاسرة وهكذا وتحت هذا العنوان الدائم ( التخوف من الانقسام ) يضمن (المراهق) محمد بن سلمان حسب توصيف المعارض غانم الدوسري ولاء بقية امراء الاسرة ويحصل على مبايعتهم فورا ولو بتلك الطريقة المهينة التي بايعه فيها ولي العهد السابق محمد بن نايف في ساعة متأخرة من ليل اختفى بعدها ولم يظهر له اثر.

*‏لو أصر بن نايف على ممارسة سلطته كولي للعهد ورفض تدخلات بن سلمان في شؤون الدولة من وقت مبكر وقبل اعتقاله لما وصل الى المعتقل ولكان هو الولي وقبله كان من سيشغل المنصب نفسه الامير مقرن ابن عبد العزيز ولكن الاخير تراجع واستسلم والاول تردد وتخوف حتى تم اعتقاله.

*‏من هنا تبقى المراهنة على انشقاق جدي للاصلاح داخل الاسرة الحاكمة احتمال ضئيل ويحتاج الى أمير شاب ومغامر وطموح وذو شوكة وهذا ما لا يمتلكه متعب ابن عبد الله قائد الحرس الوطني ا

متعب ابن عبد الله ابن عبد العزيز الذي عمل والده الملك عبد الله على محاولة ضمان بقائه في سدة التوازنات داخل الاسرة سيبقى مسلوب الارادة وينتظر بصورة قدرية مصيره حتى يقال أو يعتقل بالرغم انه يملك أكبر قوة ضاربة هي الحرس الوطني وبامكانها قلب الطاولة الى جانبه راسا على عقب ويصبح بن سلمان لا هو في المعتقل.

ولكن الرجل أي متعب شخصية باهتة ومترددة ويريد من الاخرين ان ينصبوه دون أي جهد من قبله وهذا مستحيل ولذلك فهو ينتظر مصير محمد بن نايف واخرين سبقوه وبصورة قدرية ولا حول له ولا قوة !

* الاكيد وامام كل هذا ان ‏الشعب في الحجاز ونجد والجنوب والشرقية يرفضون حكم الاسرة السعودية اليوم بطريقة التملك السابقة ويرفضون بشيء من القرف تولي بن سلمان الملك بصورة خاصة ولكن سواء به أو بدونه فقد حان الوقت للتغيير في الجزيرة وفي المملكة الداعشية السعودية عموما وبعد سقوط هيبة الدولة “الشخصية” والمتخلفة بظهور بن سلمان وبتزامن ظهوره مع العدوان على اليمن كعنوان للحرب على اليمن ولكن اليمن لم ترفعه الى سدة الحكم عبر نصر سريع كان يتوقعه بل قادته وشعبها العظيم المقاتل والصامد الى الفشل والغرق في المستنقع وزادت من تراكم عناوين الفشل والخيبة في شخصيته بل واسقطت هيبته وهيبة جيشه الفرار مما وفر فرصة اضافية وكبيرة وغير مسبوقة لدى الشعب لمزيد من الجرأة على النظام وعلى تحديه بل والعمل على اسقاطه .

وبفشل كل اهدف الحرب على اليمن غير المبررة سوى محاولة الوصول بأجنحة طائراتها الحديثة سريعا الى منصب هادم المملكة لم يبق من بن سلمان فيها سوى حاجة الامريكان والصهاينة له ولبن زايد لينفذا مؤامرة تقسيم المنطقة واقامة حلف مع اسرائيل لحرب ايران ومحور المقاومة وهي حرب باتت وشيكة ستكون نهايتها – ان وقعت – سقوط الحلف وراس حربته السعودية نفسها.

*‏يبقى ان نقول وبعيدا عن الحرب الاقليمية التي يخططون لها بعد فشل السعودية في اليمن فان المؤكد في كل الاحوال ان التغيير في المملكة والحراك الاكثر تأثيرا لتغييرها أو اسقاطها سيبدأ بل قد بدا من منطقة نجد نفسها ومن ثقافة نجد وعقيدتها الوهابية وما اعتقال رجال دين من المدرسة الوهابية مقابل السماح للمرأة بقيادة السيارة الا احدى اهم مؤشرات خارطة الصراع في الاشهر ولا أقول السنوات القليلة القادمة.

اعتقال رجال الدين ونشطاء من ناحية وأعمال أمنية وارهابية في المقابل ستكون عناوين الاحداث القادمة من المملكة وعنوان المعركة القادمة بين سلطة بن سلمان الترفيهية الترامبية الأيفانكية وسلطة العقيدة الوهابية الاخوانية من جهة أخرى.

*‏وواضح ومؤشرات كثيرة توكده انه سينحاز في هذه المعركة الى جانب رجال الدين الجهاديين جزء كبير من الحرس والجيش وبعض الامراء وكلما وسعت المباحث قاعدة الاعتقالات في صفوف الجهاديين زادت قاعده القاعدة والجماعات المتطرفة ضد بن سلمان وبني سعود عموما.

* وحسب بعض الآراء والتقارير فإن بن سلمان في هذه الحرب الحالية والقادمة سيسعى للتقرب من الشيعة في الشرقية واسماعيلية نجران وصوفية الحجاز وبل ومحاولة الاقتراب من زيدية اليمن نفسها ان امكن ولو تكتيكيا -ولكنه لن يحصل على ولاء ولن يكسب اعداء سابقين كأصدقاء بقدر ما سيخسر اصدقاء وحلفاء كثيرين بدون صداقتهم ما كان للمملكة ان تبقى حتى الان بل ان خسارة هؤلاء الحلفاء الكثر في الداخل هو ما سيسرع من عملية الوصول الى الهاوية الحتمية لبن سلمان ومملكته.

*‏والخلاصة سلطة آل سعود القوية سقطت في وعي مجتمعها ولم يتبق سوى سقوطها في واقع مجتمعها والمسالة مسالة وقت والسؤال هل من مغامر من الامراء الشباب لانقاذها؟

‏الجواب لا ولا قرب لعم !