الخبر وما وراء الخبر

يوم عاشوراء … ما أشبه اليوم بالبارحة

185

ذمار نيوز -مقالات 22-10-2015

بقلم / د. احمد حسين الديلمي

لفت نظري في الكلمة التي القاها مؤخراً قائد مسيرة الحق والبناء, السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ايده الله, عبارة جاء فيها “اذا ما خرجنا من هذه الحرب بتأمين مستقبل لأجيالنا القادمة فقط فهذا مكسب كبير جداً مهما كانت التضحيات”,

هذه العبارة جعلتني انظر بإمعان وتدقيق في ثورة كربلاء وفي يوم عاشوراء, ذلك اليوم الذي وقف فيه الامام ابا عبدالله الحسين عليه السلام بعزة وشموخ امام الظلم والجبروت, وكان يعلم تماماً حجم التضحيات التي سيقدمها, وهي طبعاً تضحيات جسيمة, فهل توجد تضحيات اعظم واكبر من النفس والاهل والولد,

لكن لأن الامام يرى بنورانية ربانية كان على يقين بالمكسب العظيم الذي سيحققه, فوقفته وتضحيته ليست من اجل تحقيق نصر زمني مؤقت او من اجل تحقيق مصلحة ذاتية, فالإمام كان يحمل في حينها امانة كبرى تستحق التضحية مهما كان الثمن,

وهي امانة مصير امة بكاملها, وهذا المصير قد لا يتحقق اليوم, لكنه وبتلك النورانية يضمن المستقبل للأجيال من بعده, لذلك كانت وقفته تلك من اجل الحق لله وفي سبيل الله, هدفها نصرة الدين واستمرارية للرسالة المحمدية التي جاء بها خير البرية محمد صلى الله عليه وآله, وقفته كانت وقفة حق امام الباطل واقامة العدل امام الظلم, فيها عزة وشموخ ترفض الظلم والخضوع, لهذا كان شعارها “هيهات منا الذلة”, وهكذا يوم عاشوراء هو اليوم أرسى فيه الامام دعائم الحق للأجيال من بعده,

واصبحت ثورة الحسين عليه السلام مصدر الهام لكل من ينشد الكرامة والعزة, اقوى سلاح للمؤمنين ضد الظالمين والفاسدين والخارجين عن الرسالة الصحيحة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله, صحيح ان الدعي ابن الدعي والذي حارب الله ورسوله وآل بيت النبي في كربلاء قد اعتقد انه عندما سفك الدماء الطاهرة للإمام الحسين واهل بيته انه قد حقق النصر, هذا النصر الوهمي المؤقت قد استمر لمدة اعوام, لكن ماذا حصل بعد ذلك, اضمحل النصر وانتهى الدعي وجبروته وظلمه وذكره حتى ان ذكر ففي زبالة التاريخ تلحقه السخرية واللعنات,

في المقابل ظلت راية الحسين عليه السلام خفاقة ومازالت وستستمر الى يوم الدين, فالتاريخ لا يرحم ولا يجامل او يحابي, فالعظماء يفتح لهم صفحاته البيضاء ليسجل اسمائهم بأحرف من نور يظل شعاعها الى ان يرث الله الارض ومن عليها, واكبر دليل على ذلك ان رفع شعار “هيهات منا الذلة” و “لبيك يا حسين” يكون لها وقع الصاعقة على المتغطرسين والظالمين والفاسدين والتي تصيبهم بالضيق والحقد والكراهية يسعون دائماً لاسكاتها وينفقون المليارات لمحاربتها بشتى الوسائل, سواءً كان عن طريق “القاعدة” واخواتها او بالوسائل الاخرى ..

وها نحن اذن نحتفل في هذه الايام بذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام والتي هي ذكرى في قلوبنا كل يوم وكل لحظة وانما نحييها اليوم لارتباط الحدث بهذا التاريخ, استشهاد الامام الحسين عليه السلام سيظل الالهام وثورة ستظل هي المنبع لكل ثورة امام الظلم ولانتصار الحق,

وما أشبه اليوم بالأمس, فها هو تحالف قوى الظلم والعدوان والاستعلاء على شعب اليمن وارضه الذي هدفه هو الوقوف ضد مطالب هذا الشعب الذي يريد العيش بعزة وكرامة مدافعاً عن الحق, يكفيه فخراً ان صموده قد اذهل العالم, فإيمانه القوي بالله يجعله واثقاً من تحقيق النصر ولو بعد حين,

كما قال قائد المسيرة “يكفينا ان نحقق انتصاراً لأجيالنا” عبارة لم تأتي من فراغ, بل هي استلهاماً من يوم عاشوراء, وكيف لا وتلك الكلمات نورها جاء من شعاع, ومهما قدمنا من تضحيات فأولادنا واحفادنا يستحقون مستقبل واعد,

عجزنا عن تحقيقه لأنفسنا, وهذا هو مكسب عظيم, اخيراً لك منا يا قائد المسيرة والحق والبناء كل الحب والتقدير والاجلال, يا من لنا كل الفخر انك قائدنا ومعلمنا فكلماتك التي تنفحنا بها بين الفينة والاخرى هي التي تمدنا بالقوة والصمود, ومادامت المسيرة انت قائدها وشعب اليمن هم انصارها فالنصر بأذن الله سيتحقق رغم انف الحاقدين والعملاء والخونة,

وعظم الله اجرنا في استشهاد الامام الحسين عليه السلام.