كربلاءُ: الواقعةُ الاستثناء!
بقلم / علي المحطوري
ما من معركة قامت إلا وانتهت بانقشاع غُبارها ما عدا كربلاء فكأنها واقعةٌ للتو لم يمض عليها حينٌ من الدهر.
. ومردُّ ذلك يعودُ إلى ما مثّلته كربلاء من واقعة اصطرع فيها ليس الحق والباطل، بل الحق في أكمل صوره ومعانيه والباطل المغلف بالحق.
. فأعداءُ الحسين في كربلاء لم يكونوا من الكفار أو الملاحدة أو الغزاة والمحتلين، بل كانوا ممن تدثروا بالإسلام ولبسوه رداءً مقلوبا، سعيا لتدميره والقضاء عليه من الداخل، بعد أن نالتهم الهزيمةُ النكراء في المعارك زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخضعوا له وأسلموا ظاهرا وهم إنما استسلموا وبيتوا نيةَ الغدر، وتحينوا الفرصة للانقضاض على الإسلام باسم الإسلام..
وقد يقول قائل، ومثل ذلك الصراع قد حصل في زمن الإمام علي عليه السلام حين تصدى لفئات الناكثين والقاسطين والمارقين، وذلك تساؤل صحيح إنما لم يحصل في تلك المعارك ما حصل في كربلاء من حصار حتى العطش وإبادة شاملة لأهل الحق حتى حُزَّ رأس الحسين حزا، ونال القتل أطفالا رضعا، وأحرقت الخيم، وسُبيت النساء، في عمليةٍ وحشيةٍ موغلة كل الإيغال في التوحش، قصد عدو الله ورسولِه من ورائها القضاءَ المبرم على كل شيء يدل على أن الأرضَ أقلّت نبيا اسمه محمد بن عبدالله قام في مكة يوما، داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهاجر إلى المدينة، وعاد إلى مكة فاتحا حقبةً عنوانها التوحيد لله والتكريم للبشر.
. وكان سر الخلود الحسيني أن الحسين وأهله وصحبه وقفوا الموقفَ الذي لا يرى الحياة مع الظالمين إلا برما.. وانتصر الحسينُ بدمه أن ظل للأحرار على مدى الأزمان وقودا لثوراتهم دون خمود.
. ودار الزمنُ دورته، فإذا شعار الإسلام تتخذه أنظمةٌ وجماعات لتبرير هيمنتها وجرائمها ووحشيتها كما هو الحال مع نظام آل سعود وتفريعات وهابييه من قاعدة وداعش..الخ.
وخطورتهم كخطورة يزيد أنهم يضربون الإسلام من الداخل، ويبيعون الولاء باسم الإسلام لأمريكا وإسرائيل. وهذا وزير خارجية آل سعود يعلن من منبر الأمم المتحدة أنه “لم يعد من مبرر لاستمرار النزاع الفلسطيني الإسرائيلي” ممهدا بكلامه لتصفية القضية الفلسطينية، وما شن العدوان على اليمن إلا بغرض تسليم المنطقة كاملة لإسرائيل، وقبل الجبير كان المدعو عبد الرحمن السديس يتحدث من نيويورك بأن ملكه سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب “يقودان العالم نحو السلم والاستقرار.”
وهذا السديس يتكلم باعتباره الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومن ذلك الموقع يقدم الرئيس الأمريكي أنه ولي أمر المسلمين!!
فهل بعد ذلك من شواهد أكثر نصاعةً على أن مملكة آل سعود تنحرف بالإسلام إلى نقيضه ومحوه، وأنها ليست سوى أخطر طاعون ضرب الأمة وضعضع كيانها وهددها بالاندثار، وجعلها مسخرةً بين الأمم.
كما في صمود اليمن ما يتعدى مجرد التصدي للعدوان والحصار إلى أنه خوضٌ لمعركة الإسلام في عالميته ورسالته الخالدة، وأن على عاتق الشعب اليمني مسؤوليةٌ تاريخية تتصل برسالة الأنبياء والمرسلين، حتى لو كان من نبي أن يُبعث في هذا العصر لأخذ سلاحه وانطلق مناصرا لليمن في مواجهة العدوان الأعرابي والاستكبار العالمي.