خيارات الشعوب في مواجهة الهجمة الأمريكية الصهيونية
بقلم / صلاح القرشي
منذ وثيقة كامبل (رئيس وزراء بريطانيا 1907م) مرورا بتصريح كيسنجر وزير خارجية أمريكا السابق والسياسي المخضرم الأمريكي ذائع الصيت الذي قال إن السياسة الأمريكية والغربية. تجاه العرب يجب ان تقوم على عدم عودة عبدالناصر جديد ، وأيضا عندما قال يجب تفكيك العراق لان العراق فيه كل المؤهلات لقيام دولة عظمى تهدد الوجود الصهيوني والمصالح الغربية والأمريكية .
ومنذ اخراج مصر العروبة من معركة الصراع مع الكيان الصهيوني عبر عقد اتفاقية كامب ديفيد ، والغرب وبقيادة أمريكا وإسرائيل يمارسون سياسة الاحتواء للأمة العربية والإسلامية ، عبر مؤسساتها السياسية والاستخباراتية والثقافية والاقتصادية وغيرها.
لقد اضحت معظم الدول العربية إما محتلة أو مهيمنة عليها مباشرتا أو غير مباشرة من قبل الغرب بقيادة أمريكا وإسرائيل.، فلقد أصبحت كل مؤسسات الدولة وكل منظومات الدولة في الوطن العربي بما فيها الحزبية ومنظمات المجتمع المدني ومشايخ العشائر والقبائل والواجهات الاجتماعية ورجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والتجارية مخترقة من قبل الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والغربية ،حتى أن مفاصل السلطة في كل دولة أصبح مهيمن عليها أمريكيا وغربيا ،
حتى جيوش الدول العربية تم اختراقها وأصبح معظم الضباط يتم تأهيلهم أمريكيا. وتشرف على تدريبهم وتسليحهم أمريكا وعبر منح دراسية، وتم حرف العقيدة العسكرية للجيوش العربية وبما يتوافق مع المشروع الأمريكي، حتى شغلها الشاغل محاربة (ما يسمى الإرهاب) ، الإرهاب الذي تم بناء اعمدته ومنظوماته من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية، والذي تم استغلاله لشرعنة التدخلات العسكرية الأمريكية في الدول العربية.
لقد أقدمت أمريكا على تصفية القوى القومية واليسارية واستبدلتها بقوى تمثل الشكل فقط والاسم لكنها مخترقة ومسيرة أمريكيا وسعوديا ، وتم ضربها بواسطة الحركات والجماعات الدينية المخترقة أمريكيا وغربيا وتمت تصفية كل المناضلين والنخب والقامات التي يمكن ان يتوحد حولها الشعب العربي في كل الدول العربية ، وأصبح المجتمع العربي خالياً من أي قيادات وطنية أو دينية تستطيع ان توحد المجتمع حولها ضد السياسات الأمريكية .
حتى وصلت معظم الدول العربية بكل انظمتها وأحزابها وتجارها وكل نخبها وكل مفكريها وكل منظمات المجتمع المدني تسبح بحمد أمريكا والغرب ، وتم ضرب القيم الوطنية والدينية واستبدل الأعداء الرئيسيون للأمة أمريكا وإسرائيل والغرب بالعدو الإيراني.
وباتت الأمة العربية بمعظم دولها واهنة وضعيفة تسير (بضم التاء) من قبل البيت الأبيض ، وجاهزة لتنفيذ المشروع الأمريكي لتفكيكها وإعادة تقسيمها إلى كيانات صغيرة إثنية وطائفية ومذهبية ومناطقية، وخاصة بعد ان تم احتلال العراق واجتثاث جيشه ونظامه. ، وأصبحت الأمة مؤهلة لذلك المشروع ، وبحيث فقد الأمل في قيام أي نهضة أو مقاومة للأمة لتتدافع عن نفسها ، ولم يتبق لديها لتقف في وجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية سوى الجيش العربي السوري والنظام السوري .، ، والذي كانت الأمة. تعلم أن الدوائر الاستعمارية الاحتلالية الأمريكية والصهيونية. تعمل على خطط لتوفير هذا الجيش وهذا النظام ليلا ونهارا.
وما أن أصبح حال الأمة في الدول العربية على هذا الوضع المزري ، لم يعد هناك خيار أمام الأمة إلا باجتراح الحلول لمواجهة اجتثاثها وإخضاعها وتغيير هويتها وتفتيتها ، وذلك باستخدام ما تبقى لها من قوة في سوريا وغيرها في دعم مخالب مقاومة ضد هذه الهجمة الغربية رغم ما وصلت إليه من ضعف وهيمنة واحتلال وتشظ واختراق استخباراتي وثقافي وقيمي لكل منظوماتها. …
إذا الأمة العربية لم تمت ولم تستسلم واجترحت حلولاً وخيارات لتدافع عن نفسها وتواجه أعداءها ، هذه الخيارات التي لم يكن يتصور عدوها انها ستنطلق منها وتستطيع الدفع بها بعد ان مارس إضعاف الأمة بكل الخطط طوال عشرات السنين في كل المجالات ، ولم يكن يتوقع ان تستطيع الأمة التخلص من كل القيود وتبرز لها مخالب قوية. لتدافع عن نفسها من جديد ، وهاهي الحرب جارية ومحتدمة وبشراسة بين الطرفين في الوقت الحاضر .
* على المستوى اليمني الأمة لم يكن لديها خيار في اليمن إلا بالدفع بحركة أنصار الله وثورة 21 سبتمبر لحماية بقائها وتاريخها والتصدي لعدوها الحقيقي أمريكا وإسرائيل وحكام السعودية والخليج والحركات والجماعات والأحزاب المتحالفة مع عدوها في الداخل اليمني ، وفي كل المنطقة العربية ، بعد ان وصلت الأوضاع في اليمن الى ما وصلت إليه. من هيمنة أمريكية وسعودية على الدولة اليمنية ، حتى أصبح الرئيس اليمني هادي آنذاك العوبة بيد السعودية ولا يستطيع اتخاذ قرار إلا بأمر السعودية ويشرف عليه عشرة من سفراء الدول الأجنبية على كل شاردة وواردة ، الى ان وصل الحال الى قيام حكومة المبادرة الخليجية في صنعاء هي وكثير من النخب السياسية بدعوة مجلس الأمن بوضع اليمن تحت البند السابع في سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات. الدولية ، والذي سارع في ذلك بكل امتنان وترحيب .
وأصبح الحال في اليمن تحت قبضتهم ، وبحيث استعبد الشعب اليمني وتم افقارة واضعافه وتهديد هويته وتفتيتت دولته والهيمنة على جغرافيته واحتلالها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وعبر استخدام الشرعية الدولية المهيمنة عليها أمريكيا بشرعنة كل هذه المشروعات الأمريكية والصهيونية تحت ما يسمى الشرق الأوسط الجديد ،
وما كان من الأمة إزاء ما وصل اليه الشعب اليمني في اليمن الا أن تبرز لهم مخلباً من مخالبها القوية تمثل في الدفع بحركة أنصار لله الى المشهد السياسي والعسكري لكي تكون رأس حربة في قيادة ثورة شعبية في 21 /9 /2014م لمواجهة هذا العدوان الأمريكي السعودي الخليجي الصهيوني ، ولم يكن لدى الأمة من خيار آخر غير التوكل على الله وهذا الخيار في اليمن.
مثلما لم تكن لدى الأمة في لبنان أي خيار آخر الا بخيار الدفع بحزب الله (المقاومة الإسلامية اللبنانية )، لكي تواجهه الهجمة الأمريكية الإسرائيلية الأوروبية وتحرر أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي والعمل على إيقاف استباحة لبنان وتدميره من قبل إسرائيل. وتتصدى للمشروع الأمريكي الشرق الأوسط الجديد الذي اعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس عام 2006م، بعد ان وصلت الأوضاع في لبنان الى ما وصلت إليه ، ولولا المقاومة اللبنانية ( حزب الله ) لكان لبنان وشعبه لايزال يطالب بخروج جيش الاحتلال الإسرائيلي من لبنان ولكانت مستوطناته وقطعان مستوطنيه يجثمون على ارض جنوب لبنان ومياهه الى اليوم.
إذاً كان لابد بل ومن الضروري وجود حزب الله والمقاومة الإسلامية اللبنانية كمخلب قوي تدافع عن نفسها الأمة في لبنان والشام وفي مواجهة إسرائيل ، ووجود حركة أنصار الله كمخلب قوي للأمة في اليمن لتدافع بها الأمة عن نفسها في شبه الجزيرة العربية ، بالإضافة الى الصمود والاستبسال بمخلبها القديم المتجذر للدعم والمواجهة الذي تمثل بالجيش العربي السوري البطل والنظام السوري ، لتشكل كل تلك المخالب محور المقاومة لينضم لهم مخلب عراقي وإن شاء الله تنمو للأمة مخالب قوية في كل الدول العربية وبالتلاحم والتعاون مع كل القوى الحرة في العالم .