الأنا و الآخر..!
بقلم/ عبدالله علي صبري
ثمة قاعدتين تحكمان علاقة الأنا بالآخر ، الأولى تعاونية تشاركية ، والأخرى نافية وإقصائية. وقد كاد الشريكان أنصار الله والمؤتمر الشعبي أن ينزلقا الى العلاقة الثانية السلبية التي تتضخم فيها الأنا، فلا ترى في الآخر إلا العيوب والمثالب ، بل وقد تصل إلى حد التفكير في نفيه واستئصاله.
غير أن التفاهم الأخير قد أعاد ضبط بوصلة العلاقات التي يجب أن تحكم فرقاء العملية السياسية ما داموا متحدين في مواجهة العدوان والاستكبار ، وبهذا التفاهم انفتح باب الأمل في علاقة تشاركية تقوم على قاعدة (أنا والآخر)، حيث واو المعية هنا تعني أن علاقة الطرفين تتخذ سبيل المصير المشترك، فلا يخذلان بعضهما، ولا ينفرد طرف منهما بالتصرف في أمر من الأمور المشتركة بمعزل عن الآخر.
وهذه العلاقة لا تمنع احتفاظ كل طرف بخصوصيته ، فليس المطلوب أن تتماهى الأنا مع الآخر ، أو يندمج الآخر في الأنا ، كما قد يتوهم البعض!
إلا أن الخصوصية هنا يجب أن لا تتضخم إلى الحد الذي تتقوقع فيها على ذاتها، وتضرب من حولها سياج اللا النافية للآخر، فالعلاقة في اطار قاعدة (أنا لا الآخر) ذات طابع شمولي واستبدادي، يمقتها القرآن الكريم والفطرة الإنسانية ، والتعدد والتنوع دليل صحة وعافية ، خاصة إذا أحسنت الأنا فهم الآخر وتنازلت عن نرجسيتها ، وأدركت أن الحياة لا تستقيم في إطار لون واحد مهما كان هذا اللون جميلاً وجذاباً.
وهكذا فإن علاقة المؤتمر والأنصار في الإطار الوطني، يجب أن تكون تكاملية وتشاركية، ولا مانع أن تكون تنافسية إن لزم الأمر ، المهم أن لا تنتكس العلاقة وتصل حد الكراهية والبغضاء والعداوة والتفكير في إلغاء الآخر!
وبالطبع فما ينطبق على علاقة القطبين ، يصح أيضاً على علاقة بقية القوى والمكونات السياسية التي من حقها أن تتباين وتتصارع سياسياً وسلمياً في اطار الثوابت المتوافق عليها.. فالسلطة ومن يصل إليها زائلون، ويبقى الوطن “وتلك الأيام نداولها بين الناس”.
لقد عاش اليمنيون ظروفاَ صعبة في ظل العدوان ولكنهم انتصروا عليها بصمودهم وتكاتفهم.. ولم يفت في عضدهم سوى هذه الأزمة العابرة بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام ، وهو ما يحتم على قيادة القطبين تعزيز التفاهم بينهما على أرض الواقع ، والتفكير من الآن في تحالف استراتيجي لا يتموضع فقط في إطار مواجهة العدوان ، بل يتعداه الى التفكير في بناء الدولة من جديد، وترميم المشهد السياسي، من خلال الانفتاح أيضاً على بقية الأطراف والقوى السياسية ودعوتها للحوار والمصالحة الوطنية ، والتوافق معها مجدداً على خارطة طريق تضع حداً للصراع الداخلي والعدوان الخارجي ، وتفتح الباب أمام حياة جديدة، عنوانها الحرية والكرامة والاستقلال ، وقوامها الوحدة والديمقراطية والتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان.