الخبر وما وراء الخبر

الفساد بعين الفاسد

99

بقلم / محمود العزي

لن تندهش عندما تسمع أن غالبية الشعب اليمني هو من تلك الطبقة المسحوقة التي تعاني الفقر وتواجه مشاق الحياة وآلامها بشكل يومي، وستضحك إذا ما سمعت أحداً يقول [الشعب شابع].
وقد لا تندهش إن كانت الأرقام التي يتداولها الشخص الواحد شهريا من هذه الطبقة لا تتجاوز الأربع والخمس خانات رياضياً وإن تجاوزها فقد يكون وصل لدرجة الرفاهية. أما إن تحدثت عن أرقام تتعدى السبع خانات فهي لا تكتب ولا تنطق!

ما يثير الاستغراب هو عندما يعيش في أوساط هذه البيئة من يمتلك أفخم الفلل – إن لم نقل القصور – ويملك أحدث السيارات والأراضي المنتشرة هنا وهناك ويتدفق المال منه يميناً وشمالاً وربما قد يشعر بالتواضع والغبن أمام من هم أغنى منه لذا يعمل فهو بجهد أكبر للحاق بموكب الثراء الفاحش وجنون العظمة. فيمضي ليجمع من هنا وهناك ويستحوذ على أموال وشركات وعقارات وبنوك ونفط ويقضي على موارد ومقدرات الدولة. وتظل حالة الثراء هذه تزداد لتزداد معها حالة الشعور بالفقر أمام من لا زالوا أغنى منه ويتواصل معها مشوار السرقة والفساد.

هذه الطبقة التي تربت في القصور على موارد الدولة وسرقتها لعشرات السنوات أصبحت ترى في ذلك أمرا عاديا وطبيعيا وحق قانوني، بل ولا تستحي عند أي توجه عملي لإصلاح الوضع بأن تنادي هي بوجود الفساد وسرقة الشعب والمال العام في إشارة منها لمن يسهرون على حماية الوطن ويسعون لإزالة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة ولو كانت صادقة في ادعاءها لوضعت كل الأدلة أمام القضاء الذي قاموا هم بتعطيله وباعتراف منهم.

الفساد بنظر هؤلاء هو منع المال العام من الذهاب لجيوب الفاسدين، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والاستفادة المثلى من الموارد المتاحة للدولة، ودعم الطبقة الفقيرة، ودعم المجهود الحربي.

الفساد بنظرهم هو التحرك ضد العدوان وتفعيل مؤسسات الدولة للقيام بواجبها، وتفعيل دور القضاء، وتفعيل الأجهزة الرقابية.

الفساد بنظر الفاسد هو الدور الناجح للجان الثورية في مهامها وفي تسليم المرتبات طيلة فترة استلامها للدولة، والتحرك العملي للمشرفين في الميدان ضد الفاسدين.

هذا هو الفساد بنظرهم، وهذا الواقع يشهد بذلك وبالتأكيد سيسعى الفاسد بأي وسيلة لعرقلة ما سبق وسيسعى بأي ثمن للحفاظ على رصيده الذي بناه من جهد وعرق الكادحين من أبناء شعبنا الذي اختاروا الطريق الصحيح في مواصلة ثورة 21 سبتمبر واجتثاث الفساد من جذورة.