الخبر وما وراء الخبر

نقـــــــد الجــمهوريــــــة

145

بقلم / الدكتور حسـن علـي مجلـي  أستاذ قانون – جامعة صنعاء
المستشار القانوني والمحامي لدى المحكمة العليا
عضو اتحاد المحامين العرب

نؤكد بادئ ذي بدء أننا نؤمن بالجمهورية بمعناها الديمقراطي والثوري نظاماً في اليمن ولا نقبل غيره.
ولذلك فإننا عندما ننتقد الجمهورية التي حكمت باسمها مراكز قوى الطغيان و الفساد والتبعية اليمن منذ عام 1962م، فإننا لا نستهدف من وراء ذلك المفاضلة بين شكلي الحكم الملكي والجمهوري ولكن الهدف والواجب معاً هو تفنيد وكشف الأسباب الحقيقية لموقف السلطات الحاكمة المتعاقبة منذ (انقلاب 26/9/1962م)، المتمثل في حماسها الزائف للشكل الجمهوري ودعوى الثورة.

لقد حرص القائمون على النظام السياسي في اليمن الى حد الهوس على الإعلان عن التمسك بالشكل الجمهوري للحكم وكيل المدائح له، ولعن الشكل الملكي له، وكيْل الاتهامات ضده، وإلصاق مختلف الصفات والألفاظ السلبية به، وفي هذين الموقفين المتضادين، لا يهتم المستفيدون من النظام السياسي الحالي بجوهر الحكم الجمهوري، وإنما يقتصر الاهتمام بالمظهر الخارجي له فقط.

ويهدف تصوير الصراع القائم الآن في اليمن بأنه بين الجمهورية والإمامة وبين الثورة والكهنوت وغير ذلك من التسميات ،ويهدف إلى تزييف الوعي والإيهام بصلاحية حكم العسكر والمشائخ وأعوانهم من كبار الرأسماليين الطفيليين واولادهم المتنفذين ، تحت مسمى (الجمهورية)، وهذا الوهم قد بدده منذ وقت طويل الحقائق الصارخة عن فساد وعجز وتبعية هذه القوى لأعداء اليمن التأريخيين، ومن ثم، عدم صلاحيتهم وفقدان مبررات حكمهم مطلقاً. والقول بغير ذلك هو ضلال سياسي وتضليل وتزييف وتزوير.

الحقيقة هي أن الحكم الجمهوري ومنذ إعلانه، واستناده إلى القوات المسلحة المصرية لم يكن منسجماً مع مضمونه، أي أنه لم يكن ديمقراطياً أو من الشعب ولا من أجله، بل كان استبدادياً فاسداً يخلط بين الوظيفة العامة والتجارة الخاصة وينـزع أصحابه من ضباط ومشائخ قبائل ورأسمالية طفيلية وأعوانهم من التكنوقراط وأشباه المثقفين، نحو تحقيق المكاسب الخاصة وتداول واحتكار وتوريث الحكم والمناصب بينهم وبإيجاز الاستبداد بالمواطن واستباحة الوطن وإباحته للأعداء الخارجيين وخاصة المملكة السعودية الوهابية.