الخبر وما وراء الخبر

من هم الذين يخشون ملازم الشهيد القائد السيد حسين الحوثي، ولماذا يرتعبون منها؟

134

بقلم / عبدالرحمن اللاحجي

في الواقع هناك شرطان أساسيان ينبغي توفرهما في أي ثورة (حقيقية) هادفة، وبغض النظر عن نجاح هذه الثورة(وهو الأغلب) او فشلها في تحقيق أهدافها المؤملة ، فإن هذان الشرطان لا زمان لانطلاقها من نقطة الصفر:

الشرط الأول :منظومة فكرية ثقافية معاصرة تسيطر عليها فكرة الخلاص من خطر ما، تكون منبثقة من صميم قيم المجتمع، وأعرافه وعقيدته وعلى حسب قوة هذه المنظومة ومرونتها وواقعيتها تتغير اتجاهات المجتمع نحو الظفر بتلك الأهداف، او بعضها، او قد لا تظفر بشئ خصوصا ان كانت هذه المنظومة ضعيفة لا تقوى على الصمود والتحدي امام الأخطار الحتمية.

الشرط الثاني : قيادة هرمية واعية تضمن عملية الضبط والسيطرة وتجيد المناورة السياسية وتتسم بالفعالية والارادة القوية وباختصار موجز: كل ما يتعلق بامور القيادة .

دعونا من فضلكم نعود للشرط الأول فهو محور حديثنا في هذه المقالة البيّنة ولنترك الشرط الثاني لمناسبات اخرى .

المعروف عن المنظومة الفكرية لثورة ما، انها تشوّه، وتحارب فكريا في مراحلها المبكرة وذلك كي لا تتمكن هذه الافكار من النفاذ الى أدمغة المجتمع الغارق في السبات فتوقظه وتغير اتجاهه، وهذا ما لم يحدث مع المنظومة الفكرية للثورة اليمنية الخالدة ، نقصد مع (الملازم ) .

لم يحدث ان تعرضت الملازم للتشويه لأنه لا يوجد أساسا ما يجعلها كذلك ( مشوهة)، ولم يحدث ان حوربت فكريا لأن المفكرون والباحثون وأصحاب الشأن يقفون عاجزين امام اسطرها الواضحة دون ان يتبادر الى أذهانهم مجرد كلمة (ناقدة) او حتى عابرة سبيل .

انهم يجدون كل ما فيها (صواباً)، و(حقائق) لذلك يفضلون الهرب والتواري تارة، والظهور بألسنة خافتة ومستحية تُحذر من (مُفردة) الملازم تارة اخرى .

من هنا وأمام كل تلك الحصافة والدقة والواقعية التي انفردت بها هذه المنظومة الحضارية المتكاملة، كان لزاماً على تلك العاهات المريضة المليئة بأوساخ التأريخ وأوبئة الحضارات ان تعمد الى قمعها واستئصالها . القمع الذي لا يبقي لها اثراً لا في (الورق)، ولا حتى في عقول قارئيها ومعتنقيها .

لقد تعرضت الملازم، ومعتنقي الملازم، لعملية استئصال ممنهجة لم تتعرض لها أي منظومة فكرية في التأريخ .

وكان ذلك بهدف الحيلولة دون وصولها الى السواد الاعظم من ابناء مجتمعنا التائه (في ذلك الوقت)، لكن: ومع كل ذلك القمع المُدقع والمحو الممنهج هاهي وصلت الينا (كما ولدت)، واصبحت في متناول شريحة واسعة من ابناء (عالمنا الواسع ).

ومن الواضح بان الانتصار الساحق الذي توجت به الملازم في نهاية المطاف كان هو السبب الخفي الذي جعل تلك (العاهات) تخشاها منذ البداية، وتضرب لها ألف حساب .

وبمعنى اوضح : لو لم تكن هذه المنظومة فعّالة ، ومؤثرة، وهادفة، ومعاصرة ، وسليمة، وقادرة على انتاج عقول ثورية حضارية معاصرة غير تلك العقول الضحلة التي حاول الاستعمار انتاجها، لما خشاها احد، ولما آمن بها أحد، ولما وجدت طريقها للنور، ولدُفنت في مراحلها المُبكرة .

ان هذا هو المنطق بعينه، عندما تتعرض مجموعة (ملازم) لكل ذلك التوحش ولفترة تزيد عن ثمان سنوات تقريباً ثم تتربع بعد تلك المدة الطويلة وتسود على مختلف الثقافات الاخرى وتصبح لسان حال المجتمع فان ذلك دلالة دامغة على علوّها واكتمال افكارها.

وما من شك عن ان العموميات التي اطلقناها على هذه الملازم ليست كافية للاجابة عن سؤالنا وحتى تكون كذلك فان الامر يتطلب الغوص في اعماقها وسبر اغوارها . ذلك الغوص الهادئ الذي يجعل الباحث اكثر نباهة وقدرة على استخراج اللآلئ والمرجان من اعماق بحر (الملازم) الزاخر .

ان المفكرون والمثقفون والقادة العرب والمسلمون على اختلاف ايدلوجياتهم، وجنسياتهم، واذواق كتاباتهم، وبلاغة مؤلفاتهم وكثرتها ، ودقتها لم يتمكنوا من صناعة ثورة فكرية (حقيقية) على النحو الذي صنعته الملازم .

نقول ذلك ونحن نعي جيدا ما نقول … اذا كانت عشرات الالاف من الكتب والمجلدات والاطروحات العالمية قد اوجدت مجتمعات عربية واسلامية مكبلة وضعيفة لا تملك قوت يومها،ولا تستطيع الوقوف امام اعدائها لمدة اسبوع واحد، فإن بضعة ملازم قرآنية مجمعة قد اوجدت مجتمعا يمنياً قويا لا يستهان به .

لقد احدثت هذه المنظومة المذهلة نقلة نوعية شاملة في نمط تفكير المجتمع، وغيّرت اتجاهه (تماما) ..ذلك الاتجاه الحضاري الفعّال الذي يجعل الفرد يُنتج، ويبتكر، ويتفنن في ابداعاته وميولاته المختلفة .

وفي لحظة حرب كونية … ان المجتمع الذي تمكّن من صناعة منظومته الدفاعية الخاصة ابتداء من خرطوشة البندقة وانتهاء بصاروخ باليستي يصل مداه لأكثر من 2000 كيلو متر ( حيث لا يزال يخفي في جعبته الكثير ) ، وخلال فترة قياسية لا تتعدى ال 3 سنوات وهو يعاني من حصار مطبق ، وعدوان لأكثر من
20 دولة بترسانتها التكنولوجية
والاقتصادية الضخمة لهو مجتمع جدير بحرف انظار العالم نحو ثقافته.