لا طائفيةَ ولا سُلالية في إحياء يوم الغدير
بقلم / حسن الصعدي
الحديثُ عن يوم الغدير وإحياؤه لا علاقةَ له بدعاوى العنصرية والطائفية مطلقاً.. ولكن الأمرَ في الحقيقة أننا بحاجة ماسّة لتصحيح العلاقة بأهل البيت وفهم شخصية الإمام علي، فقد عملت السلطات الظالمة في تأريخها المليء بالعورات والمساوئ على إفساد هذه العلاقة من خلال التشويه وتزوير التأريخ والعبث بالروايات والحد من الاستفادة من القُرْآن وتحويله إلى نصوص جامدة تستخدم في المناسبات وللاستشفاء!!.
ولعل دعاوى الطائفية والعنصرية والسلالية والمذهبية التي تفتك بمجتمعاتنا هي ثمرة مساعي أولئك وعملهم الدؤوب على إبعاد الأُمَّـة عن كتابها وعن عترة نبيها صلى الله وسلم عليه وعلى آله.
إن العبثَ بالتأريخ والروايات والتفسير وما ظهر جلياً من انحرافِ الأُمَّـة عن قيم الدين ومفاهيمه الحقيقية وما وصلت إليه من ضعف وتراجع وانهزام وتفكك وما أفرزته الجماعات من توجهات شاذة تكفيرية وعدوانية وضحالة وانحطاط فكري وسطحية وتمسك بالقشور والمظاهر البعيدة عن جوهر الرسالة العظيمة، إن كُلّ ذلك ينبغي أن يدفعنا إلى البحث الجاد عن الأَسْبَاب بتجرد وإخلاص ونية صادقة وصولاً إلى الفهم السليم والمعالجة الجادة.
ومن غير الصواب بل ليس من المنطق ونحن في إطار سعينا للحق وللحقيقة أن نقعَ في شراك الساعين لبث الفُرقة وإثارة الفتن والصراعات تحت مسمى الطائفية والعنصرية وغيرها، فنستجيب لتلك الدعوات ونتخذ مواقفَ سلبيةً من كُلّ دعوة إلى قراءة جديدة للواقع لا تستبعدُ تأريخَ أهل البيت ولا سيما تراث وسيرة الإمام علي، فنكونُ بذلك قد حققنا مشروع الشيطان في العداوة والبغضاء والسوء والفحشاء والقول على الله بغير علم، ونكونُ بذلك قد قدمنا كذلك خدمة مجانية لأعدائنا وأعداء ديننا وأُمّتنا.
وإلا ما الذي يضيرُنا من التعرف على هذا الجانب المغيب عن عمد من تأريخنا وثقافتنا بتجرد واهتمام ونحن نسمع ليل نهار بحوار الأديان والشعوب والحضارات ودعوات الانفتاح على الآخر وحرية التفكير وغير ذلك مما يردد ولا نرى مفاعيله على الأرض إلا مشاريع صراع وقتل ودمار وتفتيت كما هو ماثل اليوم في طول وعرض البلدان العربية والإسْلَامية، وإلا استغلالا مقيتا لكل المؤسّسات الدولية وأَدَوَاتها؛ لفرض المزيد من السيطرة على الشعوب الفقيرة وإطباق الخناق عليها من قبل القوى الكبرى وكل ذلك باسم القانون الدولي والحقوق والحريات و… و… و…؟
إن النظرة الضيقة لتأريخ وسيرة الإمام علي هي دليلٌ واضحٌ على خلل كبير في منهج التفكير وأَدَوَات المعرفة لدى من يحمل هذه النظرة ويتعاطى من خلالها مع تأريخ كبير من العلم والفلسفة والحكمة ومعين من قيم الرحمة والإنْسَانية والعطاء وفيض من معاني الرجولة والشهامة والشجاعة والصدق والثبات.
إن هذه المناسبةَ فرصةٌ للمراجعة الحقيقية والصادقة وليست مدخلاً إلى تأجيج الصراع وتعميق الخلاف والفرقة بحال من الأحوال.