أي الميادين أولى؟!
بقلم / نوح جلاس
بعد مرور قرابة العامين والنصف من التآمر العالمي وما باينه من صمود أسطوري خالف كُلّ التوقعات، وذلك في ظل إيْمَان أَبْنَاء الشعب بمشروعية تحَرّكهم وضرورة مشروعهم في إنقاذ بقية الشعوب العالقة في أوحال المؤامرات السياسية والمستنقعات الإرهابية.
وكان شعبنا في الفترة الماضية قد عرف بوصلة التحَرّك الصحيح والمسؤول لمواجهة هذه المؤامرة وتحَرّك في جميع الميادين على اختلاف طبيعتها.
وفيها حاول العدو مراراً وتكراراً تغيير بوصلة تحَرّكه لإلهائه عن مواجهته، ويحصل على موضع قدم داخلية يتمكن من خلالها نخر الجبهة الداخلية واستساغة تمرير مشروعه الذي بدت نماذجه في المناطق الجنوبية رأي العين.
اليوم شعبنا على أعتاب مرحلة مفصلية تتطلب الاستفادة من ماضي الدروس واستلهام أسرار النصر من خلال العودة إلى أرشيف التضحيات والجهود التي بُذلت طيلة الفترة الماضية والتي كانت السبب الأول في استمرار صموده تحت وابل المؤامرات التي شنتها قوى الاستكبار وأذرعها المختلفة من جماعات وتنظيمات ومنظمات وغيرها.
فالغفلة عن التضحيات والدروس الماضية قد تنتج عنه ثماراً غير محمودة، ثمنها فقدان السيادة والعزة والكرامة.
اليوم هناك مناكفات شديدة اللهجة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الذي دعا إلى اجتماع جماهيري إلى ميدان السبعين احتفالاً بالذكرى الـ ٣٥ لتأسيسه، وبين مكوّن أَنْصَار الله الذي دعا فيه رئيس الثورية العليا إلى تجمعات في عدد من الساحات التي تقع في منافذ العاصمة وذلك لرفد الجبهات بالمال والرجال.
هنا لا نريد القول بأن دعوة المؤتمر كانت لإلهاء الرأي العام عن التوجه الصحيح الذي لابد أن يعطى له الأولوية وهي مواجهة العدوان، فلو تم استغلال هذا الخروج وتوظيفه بالشكل الصحيح لأعطى ثماره في نقل صورة عن لوحة الصمود اليمنية، وذلك عبر الهتافات المنددة لجرائم العدوان، أَوْ رفع شعارات السخط ضد دول الاستكبار، واستعراض صور جرائم العصر الشنيعة وبشائر النصر العظيمة، وغيرها من الجهود التعبوية في مواجهة العدوان، والابتعاد عن الاكتفاء بما يحقق مصلحة حزب بعينه.
وفي ظل انزعاج المؤتمر من دعوة رئيس الثورية العليا وكذلك انزعاج أَنْصَار الله من خروج المؤتمر، دعونا نقف بين هذين القوسين ونحدد لماذا ينزعج كُلّ طرف.
دعوة رئيس الثورية العليا ليست بالجديدة، بل سبقها العديد من التجمعات التي كانت كلها لرفد الجبهات، أما دعوة المؤتمر فيبدو أنها جديدة ولم يسبقها تحَرّك كهذا.
للحقيقة ما أزعج أَنْصَار الله من خروج المؤتمر هو توظيف هذا الخروج بالشكل الذي لا يخدم الجبهة الداخلية، فهناك ما يحاك في الخفايا لن تظهر ملامحه إلا في احتدام وتيرة التغيرات السياسية القادمة والتي ستحصل إذا لم يتم تلافي الوضع، وما أزعج الإخوة في المؤتمر من دعوة رئيس الثورية العليا هو اختيار توقيت هذا التجمع بالتزامن مع توقيت خروجهم لاحتفالهم بذكر تأسيس الحزب.
دعونا من المنزعجين في الطرفين ونسلط الضوء على الأولويات التي تحمل مصير شعب، بل مصير أمة.
كل المعادلات تقول أن مواجهة العدوان وتكريس كُلّ الجهود في مجابهته هي من الأولويات التي يجب أن يمشي في مسارها كُلّ أَبْنَاء الشعب، وذلك لتفادي خسارة المعركة وما يترتب عليها من وفاة للبلد وضياع للأمة.
أما الاحتفالات الحزبية فيبدو أنها ثانوية، ولا ننكر أن هناك احتفالات خَاصَّة يقيمها أَنْصَار الله، إلا أن توظيفها كلها كان في مواجهة تصعيد العدوان، وليس في الانسحاب من مترس المواجهة.
وفي حين يقول الإخوة في المؤتمر بأن خروجَهم سيكون في مواجهة العدوان، إذاً لماذا الانزعاج من دعوة رئيس الثورية العليا التي هي من أجل رفد الجبهات بالمال والرجال وذلك لمواجهة العدوان أيضاً؟
الشاهدُ في الموضوع أن هناك التباساتٍ قد تتضح في قادم الأَيَّام وتُخرِجُ للعلَن سر انزعاج الطرفين من بعضهما.