الخبر وما وراء الخبر

عاصفة الحزم الروسية نحو اليمن

98

ذمار نيوز -متابعات 18-10-2015

منذُ دخولِ القوات الروسية الى الميدان السوري وخريطة السياسة في المنطقة تعيدُ رَسْمَ أُسُسِها من جديد استناداً إلى المتغير الكبير، وهو إصرارُ روسيا على البت بقضية الإرهاب في سورية، وما يتبع هذا من قرار استكمال الحملة نحو العراق، وربما أينما استدعت الحاجة؛ لأنّ هذا الإصرار نابعٌ من عدم مساومة روسيا على فسح المجال أمام الإرهاب للوصول الى شوارعها.

وبما أنّ القرارَ قد اتخذ مباغتةً فإنّ الولايات المتحدة الأميركية وجدت نفسَها أمام مأزق ترتيب وتسيير ملفات الحلفاء التي ازدادت تعقيداً، فأصبحت واشنطن أمام أمرين شديدي الحرج، وهي غير قادرة على تجاهلهما.

أولاً: لأنّ الولايات المتحدة الأميركية فقدت قدرتها على فرض نفسها كحاضنة للحلفاء وكمنقذ وعنصر حاسم في مسارات واتجاهات المنطقة، وبالتالي فإذا كانت هي رأس حرب الحلف وقد باغتتها الخطوة الروسية حتى لمست المنطقة إرباك المسؤولين الأميركيين بتصريحاتهم المتناقضة تماماً بين داعمين للخطوة الروسية بمكافحة الإرهاب وبين رافضين حتى لاستقبال وفود روسية من أجل الحلّ السياسي، وبالتالي فإنّ واشنطن تظهر لأول مرة قائدة حلف عاجزة أمام قوة عظمى دخلت ملعبها.

ثانياً: أحرجت الولايات المتحدة بنسف تصريحاتها التي توالت لسنوات في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، فقد أثبتت النتائج الفورية والسريعة للضربات الروسية في سورية التي طالت أوكار الإرهابيين أنها أنجح وأكثر فعالية، وبالتالي كشفت زيف النيات الأميركية بخطة المكافحة الأولى التي كان من الممكن أن تكون تدخلاً مباشراً بعناوين عدة والثانية التي تحوّلت إلى حلف دولي يكافح الإرهاب ففشل.

دخول روسيا والقوى الحليفة معاً بالتوقيت المناسب خلط الأوراق في المنطقة وإذ يحضر الملف اليمني كأحد أبرز الملفات وأدقّها، وهو واقع اليوم تحت هذا التأثير مباشرة، فالسعودية التي أيقنت بفشل خطتها في سورية، والتي تحاول اليوم حماية ما تبقى من نفوذ او مناطق بيد المسلحين التابعين لها عرفت ما هو أهمّ من ذلك، وهو فقدان سورية كورقة ضغط في اليمن، وفي هذا الإطار فإنّ أيّ تهديد وتلويح سعودي برفع الورقة السورية أمام أيّ طاولة مفاوضات لم تعد مؤثرة. ولقد لوحظ توجّه المسؤولين السعوديين نحو موسكو ولقاؤهم القادة الروس، ما يدل أن الملف اليمني أولاً وأخيراً بالنسبة للسعوديين هو أولوية أينما حلوا. وهناك أتاهم الجواب على عاصفة الحزم الروسية فعلاً التي وضعت الملف اليمني أمام واقع جديد.

تعرف السعوديةُ جيداً أنّ المفاوضات اليوم ربما تكون لمصلحتها من أجل فرض الحلول في اليمن أكثر من أي وقت مضى، وإلا فإنها مع تقدّم روسيا وانتصارها، ومع بدء رسم مصير سورية نحو التعافي المتوقع، فإنّ الضغط على حلفاء سورية في اليمن بات أقلّ تأثيراً أيضاً، وبالتالي قد يتوجهون نحو فرض شروطهم بدلاً من وقف الحرب بشروط أو حلول وسطية.

عاصفةُ الحزم الروسية تنشُرُ رسائلها السياسية في أرجاء المنطقة كافة بلسان حال «هيا إلى الحلول السياسية وطاولة المفاوضات». وقد أُعذر من أنذر من انتصارات مدوية تفرض صيغة غالب ومغلوب لا يريد أحد الوصول اليها من أجل حفظ توازنات المنطقة وحساسياتها.