الخبر وما وراء الخبر

النفس الطويل .. صواريخ باليستية بالجملة

202

بقلم / بندر الهتار

“نفسنا طويل وخياراتنا المتاحة كثيرة ومتعددة” جملة قالها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يوم الأربعاء الموافق 20 مايو 2015م أي في اليوم السادس والخمسين للعدوان.

هذ الجملة – التي سبقتها عبارة “لا قلق” طالما أننا سنتحرك بالشكل المطلوب – قد رسمت استراتيجية المواجهة للجيش واللجان الشعبية اعتمادا على مبدأ النفس الطويل وعدم التورط في ردود انفعالية، ما يعني أن الحكمة مع الشجاعة هي السمات الأبرز لخوض معركة بهذا الحجم من العدوانية.

القوة الصاروخية كجزء من استراتيجية النفس الطويل، كانت في بداية العدوان مدمرة بشكل كلي، ونسبة الاستفادة منها صفرية، وذلك بسبب المؤامرة التي استهدفت الجيش اليمني وأسلحته الاستراتيجية تحت عنوان ” إعادة هيكلة الجيش” بإشراف أمريكي مباشر حينها، وكان إتلاف الصواريخ الباليستية في أولوية تلك المؤامرة.

من هنا فإن غارات العدوان على مخازن الأسلحة في عطان ونقم في الأسابيع الأولى قد شجعت ناطق العدوان عسيري ليعلن عن تدمير كلي للصواريخ الباليستية، وعن إزالة خطرها.

لم تكن القوة الصاروخية في وارد الخوض في حرب بيانات تنفي وتتوعد، بل التزمت تطوير القدرات وتفعليها بعيدا عن الضجيج الإعلامي، وتم تصنيع صواريخ محلية بدأت بصاروخ الصرخة قصير المدى وصولا إلى صاروخ بركان المطور من سكود، الذي يتجاوز مداه 1000 كم.

بموازاة التطور السريع في الوصول إلى مديات بعيدة تحقيقا لاستراتيجية ما بعد الرياض وما بعد ما بعد الرياض، فإن المفاجأة الأخرى جاءت بإطلاق دفعة من صواريخ بركان-1 الباليستي إلى قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف، لتضع العدو أمام معادلة العدد.

هذا التطور على المستوى الاستراتيجي هو بمثابة شاهد آخر وقوي على فشل أهداف العدوان، وأن الرهان على عامل الوقت هو في صالح اليمن وليس العكس، وعلى السعودية أن توبخ نفسها على تمنياتها حينما كانت تراهن على أن المدن المهمة كـ “الرياض وجدة والطائف وينبع” ستبقى بعيدة عن مرمى النيران، ليتضح لها أن مرور الأيام يقرّب المسافات ولا يبعدها، كذلك فإن الرسالة الصاروخية هي بمثابة تحد واضح وصريح، والسعودية كانت تظن بأن عامين ونصف من العدوان والحصار المطبق سيدفع إلى الاستسلام وليس التحدي.

على المستوى العسكري، فإن إطلاق مجموعة من الصواريخ دفعة واحدة يؤكد أن المخزون الاستراتيجي في حالة جيدة هذا أولا، أما ثانيا، فإن اجتماع “المدى والدقة والكم” في المنظومة الباليستية يجعلها مصدر قلق دائم للعدوان، خاصة وأن مسار التطوير في تصاعد، وعلى عواصم أخرى كأبو ظبي أن تتحسس رأسها.

وللتعريج على فاعلية الصواريخ، فإن السعودية خلال الأشهر الماضية ظلت تكابر في وسائل الإعلام محاولة التقليل من أهميتها وفاعليتها، لكنها سرعان ما تنكشف وهي تستنجد بالأمم المتحدة تارة والدول الكبرى تارة أخرى للضغط على اليمن لتسليم مخزونه الصاروخي، ورأينا أن أول شروط الرياض في المفاوضات السياسية كان تسليم الصواريخ، كما استمعنا إلى المسؤولين الأمريكيين في الإدارة السابقة والحالية يركزون بشكل حثيث على هذه النقطة بالذات.

خلف كل هذه الحقائق هناك الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى نفسها المعني الأول بردع التطور الصاروخي لليمن، وفيما كان السعوديون والاماراتيون يكتفون بتهريج وسائل إعلامهم للتغطية على آثار تلك الصواريخ، فإن الأمريكيون يواكبون التطور باهتمام ودراسة عميقة، وهذا ما كشفه صاروخ بركان 2-H الذي ضرب مصافي النفط في ينبع، حيث أقر مسؤول في البنتاغون الأمريكي لـCNN بأن الصاروخ قطع مسافة تقترب من 1000 كم، وأن منظومة الدفاع الجوي “الباتريوت” عجزت عن التصدي له، مستطردا في الحديث عن الغموض الكبير الذي يلف المنظومات اليمنية.

فشلُ منظومة الباتريوت دفع النظام السعودي ليلهث خلف الإدارة الأمريكية لشراء منظومات “ثاد” الأكثر تطورا على مستوى العالم في اعتراض الصواريخ الباليستية، ما يعني أيضا أن السعودية باتت مقتنعة بأن المخزون الاستراتيجي اليمني لا يزال وافرا، وأن القوة الصاروخية باتت قادرة على إطلاق صواريخها فرادى أو جماعات.