حركة أنصار الله في اليمن وزعيمها السيد الحوثي تعرض المساعدة العسكرية لحزب الله والمقاومة الفلسطينية ما دلالة هذا العرض؟ ولماذا في هذا التوقيت وقبل أن تنتهي عاصفة الحزم ؟
في خطابه الأخير عرض السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي زعيم حركة أنصار الله اليمنية جهوزية الحركة وحلفاءها لتقديم المساعدات والمقاتلين لحزب الله اللبناني ولحركات المقاومة الفلسطينية في أي وقت وفي ظل هذه الظروف أيضا ، هذا العرض ليس مجرد استعراض إعلامي فحركته التي نشأت منذ أكثر من 25 عاما وخاضت حروبا كثيرة وتصاعدت قوتها العسكرية والشعبية على مدى الاعوام الماضية وساهمت كثير من الأوضاع في المنطقة والعالم في بروزها كقوة عسكرية وسياسية أولا في اليمن وثانيا وبفعل فشل ما يسمى التحالف العربي الذي تقوده السعودية لأن تصبح الحركة قوة إقليمية جنوب السعودية وفي البلد الذي يتطلع شعبه (30 مليونا ) بعد خروجه من الوصاية السعودية والخليجية التي استمرت عقود من الزمن لأن يصبح له دورا اقليميا مستقبلا وأن يعود إلى موقعه الطبيعي التاريخي
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قال: إنه جاهز لتسيير مقاتلين والمساعدة في مواجهة التصعيد الإسرائيلي وتحدي الظروف التي يتعرض لها اليمن والعدوان المتواصل منذ مارس 2015 والحصار البري والبحري والجوي، ودعا الشعب اليمني للخروج اليوم الجمعة في تظاهرة كبرى في العاصمة صنعاء تنديدا بالتصعيد الذي يقوم به كيان العدو الاسرائيلي ويستهدف الأقصى في ظل صمت عربي وإسلامي وفي ظل هرولة عدد من الدول العربية ومن بينها السعودية إلى التطبيع مع الكيان وتصنيف من يقاوم غطرسة اسرائيل ضمن قوائم الأرهاب، هذه الدعوة تحمل الكثير من الدلالات على مستوى قوة المعنويات والثقة بتجاوز هذه الحرب الطويلة على اليمن وعلى مستوى الإعلان الصريح بأن اليمن باتت ضمن المحور الذي يرفض الهيمنة الأمريكية ويقاوم مشروعها الذي أثبتت العقود والسنوات الماضية انه لم يصدر للمنطقة العربية والاسلامية سوى التدمير والتقسيم والتفتيت والمؤامرات على جيوشها ومقدراتها ، وما يؤكد هذه الدلالة أن السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قال أيضا في خطابه بمناسبة تحرير الموصل ، الخطاب كان في 11 يوليو الجاري ، قال أن على كيان العدو الإسرائيلي أن يدرك أن أي مواجهة قادمة لن تكون مع حزب الله والنظام السوري والمقاومة الفلسطينية فحسب بل سيكون هنك عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من المقاتلين من مختلف الدول ومن بينها اليمن ، هذه التصريحات سواء كانت تصريحات السيد حسن نصر الله أو تصريحات السيد عبد الملك الحوثي ، تعد تطورا كبيرا لمكونات طحنتها الحروب وقامت من تحت الأنقاض وبدأت في بدايات نشأتها بمجاميع صغيرة وأسلحة فردية وهي الأن قوى كبيرة وتمتلك ترسانة كبيرة من السلاح وخبرة طويلة وكبيرة من القتال ، عدا عن خلفياتها الفكرية التي تؤمن بأن مواجهة المشروع الأمريكي عسكريا في المنطقة هي الحل وهي الطريق الأمثل ، ولا يمكن أن تختفي بسهولة وينمحي وجودها ، لن أنظر هنا لهذه المكونات لكن ما يمكن الثقة به كثيرا أن هذا التطور في الخطاب والتعاون والتنسيق ليس استعراضيا على الإطلاق
ما يتبادر إلى الأذهان وفور هذا الخطاب أعني خطاب السيد عبد الملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله، هي القوة الفعلية التي تمتلكها الحركة وفي هذه الظروف بالتحديد وفي ظل العمليات العسكرية التي تقوم بها مع الجيش اليمني في مواجهة العدوان السعودي والتي ربما تتجاوز الـ 50 جبهة في الداخل وعلى الحدود مع السعودية، وتمكنت رغم الفارق الكبير في الإمكانيات بينها وبين التحالف أن تصمد وأن تواجه وتمنع القوات التابعة للتحالف من أي تقدم عسكري ميداني على مدى عامين ونصف، وهذه المعادلة تكشف قدرات عسكرية كبيرة وتتضاعف نتيجة أن هناك إقبالا كبيرا على الانضمام للمعسكرات المفتوحة في أكثر من محافظة يمنية من أبناء القبائل اليمنية، ومن نافل القول أن العدوان ساهم في تضخم حركة أنصار الله عسكريا ومنحها زخما كبيرا بسبب تعاطف القبائل اليمنية لها، بعد أن شعر مشائخها وزعمائها أن السعودية مست الكرامة وتعالت وأعلنت الحرب دون أي مبرر مقبول، فكل الذرائع التي ساقها التحالف لتبرير العدوان لم تقنع أحدا على الإطلاق وهذا أيضا أحد اسباب هزيمة السعودية في اليمن.
تفكك ما يسمى التحالف العربي والأزمة الخليجية التي تذهب إلى التصعيد، والنفقات الباهضة التي تنفقها السعودية 6 مليار دولار شهريا دون أي تقدم ميداني تحرزه، والإرباك الداخلي السعودي والتي باتت الصحف الغربية كل يوم تطالعنا بجديده، تجعل من عاصفة الحزم أمام طريق مسدود، والحسم العسكري في اليمن كما كانت تريد السعودية والتخلص من حركة أنصار الله الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، باتت مستحيلة، ومستحيل أيضا عودة اليمن إلى الحاضنة السعودية، والوصاية الخيليجية وهذا يعني أن اليمن بات في مربع المقاومة والممانعة وحليف رئيسي لها، شاءت واشنطن والرياض وحلفاؤهم أم كرهوا.
الكاتب طالب الحسني – نقلا عن رأي اليوم