الخبر وما وراء الخبر

المقاطعة الاقتصادية.. سلاحٌ فعّالٌ في مواجهة الأعداء

552

15 عاماً هي المُــدَّةُ ما بين أول ظهور لهتاف الحرية، حيث دعا الشَّهِيْدُ القَائِدُ حسين بدرالدين الحوثي في آخر جُمُعة من شوال الموافق ١٧ /١ /٢٠٠٢م، طلابَه في قاعة مدرسة الإمام الهادي بمنطقة مران محافظة صعدة، إلى ترديد الشعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام)؛ لما يحمل في مضمونه الكثير من الدلالات والمنطلقات والأهداف.

وتساءل الشَّهِيْدُ القَائِدُ في محاضرته (الصرخة في وجه المستكبرين) قائلاً: أليست هذه صرخةً يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟..؛ ليجيب على التساؤل: “بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى”.

كان الشعار أحد المعالم الأساسية للمشروع القرآني النهضوي الثقافي الذي تحَـرّك به الشَّهِيْد القَائِد والذي يهدف إلى استنهاض الأُمَّـة لمواجهة التحديات الكبرى والمخاطر الجسيمة التي تهدد وجودها؛ نتيجة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية على الأُمَّـة العربية والإسْلَامية، وإلى جانبه مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية ونشر الوعي في أوساط الأُمَّـة كتحَـرّك عملي وفق خطوات متعددة.

كان الشَّهِيْدُ القَائِدُ بثقته الكبيرة بالله يعلم بأن مشروعه القرآني الثقافي والذي يعتبر “الشعار ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية” أحد معالمه الأساسية سيتجاوز كُلّ العوائق وينتشر في كُلّ المحافظات اليمنية وشبه الجزيرة العربية والعالم الإسْلَامي باعتباره جهاداً في سبيل الله، وسيصبح صرخة مدوية تنطلق من حناجر المظلومين والمستضعفين، تستنهض من خلالها كُلّ الأمم لتستيقظ من حالة السبات والغفلة.

إن شعار الصرخة يأتي كما وضّحه السيد حسين الحوثي، في محاضرته “الصرخة في وجه المستكبرين” انطلاقاً من المشروع القرآني العظيم، من واقع الشعور بالمسؤولية أمام الله، وفي واقعٍ سيءٍ ومريرٍ ومُخزٍ ومُهِين تعيشه أمتنا الإسْلَامية في المنطقة العربية والعالم عموماً، وفي وضعيةٍ خضع فيها المسلمون لهيمنةٍ مطلقةٍ لأمريكا وإسرائيل، وهذه الهيمنة التي من أُولَى نتائجها مسخ هوية الأُمَّـة، وطمس معالم دينها، والتأثير على أخلاقها، من نتائج هذه الهيمنة وهذه السيطرة وهذا الاستهداف أن تفقد الأُمَّـة استقلالها، وأن تخسر كرامتها، وأن تخسر هويتها أيضاً، استهداف كبير وشامل، هذا هو الواقع العربي أمام التحدي الأمريكي والإسرائيلي”.

 

بالمقاطعة منتجاتها نستطيع أن نضرب أمريكا في عقر دارها

حمل المشروع القرآني للشهيد القائد مساراتٍ عمليةً كانت الصرخة (اللهُ أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود – النصر للإسْلَام) أحدها، وإلى جانبه المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، والتي تعتبر حرباً اقتصادية على العدو في مواجهة إمكاناته الاقتصادية والمادية التي يتحَـرّك من خلالها في زعزعة واستقرار الأُمَّـة الإسْلَامية، والحث على مقاطعة تلك البضائع كواجب؛ لأن أموالنا هذه التي نستهلك البضائع الأمريكية بدفعها تعتبر إعانة لهم على الإسْلَام وعلى أبناء الإسْلَام.

وقد كان المشروع القرآني الثقافي النهضوي الذي تحَـرّك به الشَّهِيْد القَائِد بشعار الحرية ومقاطعة البضائع الأمريكية هو المشروع الذي نحتاج إليه كمسلمين؛ كون بقائنا في حالة الاستسلام والصمت تخدم الأعداء؛ ولأننا إذا تحَـرّكنا من خلال الثقافة القرآنية فسنكون متنورون؛ كونها تحمل رؤية شاملة متكاملة، تتناول الواقع وتتناول مشاكل الأُمَّـة وتتناول الأحداث وطبيعةَ الصراع وما تحتاج إليه الأُمَّـة في مواجهة هذا العدو.

استطاع الشعار والمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية أن يمثلا خطوةً عمليةً مهمة لمواجهة مشـروع التدجين وفرض حالة الولاء والتسليم المطلق لأمريكا والإذعان لها ولإسرائيل، وسَرعانَ ما ظهر الأثرُ الكبير للشعار وانزعاج الأمريكان والإسرائيليين منه والسعي في محاربته منذ أيامه الأولى.

 

مكاسب الشعار والمقاطعة

الشعار والمقاطعة لهما مكاسب كثيرة، ومن مكاسبهما الأولية هو توفر حالة من المنعة الداخلية، حالة من السخط والعداء تحمي الشعوب في الداخل من العمالة والارتهان للأعداء؛ لأن البيئة المعادية تخفف من العمالة والخيانة بشكل كبير، وهو العكس في البيئة الفارغة من أي نشاط مناهض للعدو تكون بيئة مشجعة للكثير من عديمي الضمير والإنسانية والمبادئ والوطنية.

حرص الشَّهِيْدُ القَائِدُ على ضرورة أن نصرُخَ بهذا الشعار وأن ينتشر في المناطق الأخرى، وأن تعيَ الشعوب ضرورة المقاطع للبضائع الأمريكية والإسرائيلي؛ لأننا من خلال هذا التحَـرّك سنترك سخطاً شعبياً شديداً ونقاطع بضائعهم؛ وبهذا نكون استطعنا أن نضرب أمريكا في عقر دارها، اقتصاديًّا، قبل أن تضربنا عسكريًّا، والاقتصادُ عند الأمريكيين مهم، يحسبون ألف حساب للدولار الواحد، فهؤلاء بإمكانهم أن يقاطعوا المنتجات الأمريكية، أَوْ مُنتجات الشـركات التي لها علاقة بالأمريكيين، وباليهود أَوْ بالحكومة الأمريكية نفسها، وحينئذ سيرون كم سيخسـرون؛ لأن مَن أصبح ممتلئاً سخطًا ضد أمريكا وضد إسرائيل أليس هو مَن سيستجيب للمقاطعة الاقتصادية؟ والمقاطعة الاقتصادية منهكة جدًّا.

 

المقاطعة.. سلاح فعّال بوجه المستكبرين

أثبتت المقاطعة على مر السنين بأنها أسلوبٌ نموذجيٌّ وسلاحٌ فعالٌ في مواجهة المشروع الأمريكي والإسرائيلي.

والمقاطعة (الاقتصادية) هي إيقاف التبادل السلعي والخدماتي بشكل كلي أَوْ جزئي مع العدو الأمريكي الإسرائيلي؛ بهدف التأثير عليه سياسياً أَوْ إضعافه عسكرياً واقتصادياً.

فالوضع القائم حالياً باليمن في ظل العدوان وما يترتب عليه من نتائج قاسية، نتيجة الاعتداءات والممارسات والتجاوزات الوحشية اللاأخلاقية من قبل العدوان الأمريكي السعودي الإسرائيلي يفرض علينا شرعية الدفاع بكافة الوسائل، منها النضالية التصعيدية (استمرار الفعاليات)، ومنها ما يُعرف بالدفاع اللاعنفي.

ولمقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية آثار سلبية على أمريكا وإسرائيل، وبدايتها مشجعة ومثمرة، وما زالت تلقي استجابة كبيرة بين جمهور المستهلكين المسلمين، كردة فعل طبيعية للسياسات الإجرامية التي تنتهجها أمريكا وإسرائيل وأدواتها في المنطقة.

وفي السنة الثالثة على التوالي من العدوان الأمريكي السعودي الإسرائيلي على الشعب اليمني تعتبر مقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية واجبة على كُلّ مواطن، ويجب علينا التخطيط الجيد لحملة مقاطعة واسعة، وذلك من خلال توعية المواطن نفسياً ووطنياً؛ لكي تكونَ مقاطعةُ منتجات الأعداء أسلوب ونهج حياة، إضافة إلى أن المقاطعة ستدعم وتشجّع الصناعات الوطنية والارتقاء بمواصفاتها؛ لكي ترقى وتحظى بثقة المستهلك في حال تصديرها بشرط مطابقتها للمواصفات والمقاييس الجيدة وتثبت قدرتها على المنافسة.

*صدى المسيرة