بدون سفينة نوح.. البشر في محطة انتظار مواجهة طوفان الجحيم النووي والدمار الشامل
بقلم / صلاح القرشي
آخر الأخبار تقول إن الروس أعلنوا عن إنتاج صاروخ نووي قوته التدميرية تدمر دولة بحجم مساحة بريطانيا أسموه الشيطان، لماذا هذا التسابق في صنع الأسلحة الأكثر تدميرا؟ ألا يكفي ما نملكه وصنعناه نحن البشر من أسلحة نووية ودمار شامل ؟؟ ،
كل دولة تدعي انها ضد أمريكا وتطالب باسترجاع حقوقها منها وترفض ما قررته لها أمريكا من مصير، ووضع ، ودور ، وحجم سياسي في ظل النظام الدولي الراهن الذي تقوده ، وليس معها برنامج نووي وبرنامج لتطوير وصناعة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وبكل أنواعها ، اعلموا ومن المؤكد ان هذه الدولة وقيادتها تكذب على شعبها في هذا التوجه ، مهما ادعت وأعلنت عن معاداتها للأمريكان ، وأنها تكذب وليست جدية في استرجاع حقوقها أو الاستقلال بقرارها أو حماية نفوذها ومصالحها كما تريد ووفقا لقواعد القانون الدولي والتخلص من الهيمنة والتدخل الأمريكي في شؤونها ؟؟؟
** نحن نعيش في عصر القطب الأمريكي الواحد المهيمن على النظام الدولي (الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وكل المنظمات المتفرعة عنها) والتي كلها مسخرة لخدمة الإرادة الأمريكية المقررة ،
إن انتصار أمريكا في الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي إلى عدة دول هو من جعل أمريكا تصل إلى هذا الموقع وتتفرد في قيادة العالم كقطب واحد مقرر. في اي أزمة أو قضية دولية عندما تريد وتفرض رؤيتها في مواجهة الآخرين من الدول والشعوب في أي منطقة من العالم .
وبالتالي ستستمر هذه المنظمات الدولية المعبرة عن المجتمع الدولي ونظامه في سياستها التي تعكس الإرادة الأمريكية وما تقرره القوة الأعظم ( أمريكا ) ، وسوف تستمر في هذه السياسة الى حين الإطاحة بنظام القطب الواحد والانتقال إلى نظام دولي آخر يكون أكثر عدالة ومشاركة وتوازنا، وهو ما تحاول بقية الدول الكبرى في الوصول إليه ،
وقد انعكس ذلك في وجود أزمات دولية تعمل من خلالها هذه الدول على رفض ما تقرره أمريكا في إدارتها وفرض الحلول لها من خلال الإطاحة بنظام القطب الواحد بعد أن استفردت أمريكا في فرض إرادتها على حسم كثير من الأزمات لصالحها منفردة ومن خارج نطاق مجلس الأمن الدولي عندما اجتاحت العراق وغيرها من الأزمات ، والانتقال إلى نظام دولي متعدد الأقطاب.
إن الانتقال والتغير من نظام دولي إلى آخر إذا. ما حدث لن يكون سهلا ، فثمنه مرور البشرية بحرب عالمية ثالثة يكون من نتائجها تكون نظام دولي يعكس إرادة المنتصر أو المنتصرين في هذه الحرب ، وهذا ثمن باهظ تتجنبه كل الدول بما فيها الدول الكبرى، فهو بمثابة جحيم للبشرية. ،
وان أقصى ما تحاول الدول الكبرى دائمة العضوية. في مجلس الأمن اليوم وبقية الدول الرافضة للتفرد الأمريكي وخاصة التي لها طموحات كبيرة مثل روسيا والصين ان تصل إليه الآن في الوقت الحاضر، بان تضغط عبر هذه الأزمات والحروب المفتوحة لتعود بقوة للميدان وتحصيل هامش اكبر من المشاركة في الإدارة و تقاسم المصالح والمكاسب التي تسمح به أمريكا، ولكن بشرط ان لا يتجاوزوا الخطوط الحمراء. وهي الإطاحة بأمريكا والعودة إلى عالم متعدد الاقطاب ، وتمارس هذه الدول الكبرى هذه السياسية الحالية بحذر إزاء مختلف الأزمات الدولية حتى لا تنجر إلى الدخول في حرب عالمية ثالثة. نووية مع أمريكا التي وضعته أمريكا كشرط لهزيمتها وإسقاطها من الاستفراد في قيادة العالم , لاسيما ان هذه الدول تفهم حجم الصعوبة في التغير والانتقال ، مع الاستماتة الأمريكية في اتباع سياسة أكثر تشددا وتصلبا في رفض هذا السيناريو في مواجهة طموحات الدول. الكبرى ،
بل ان أمريكا تذهب في خياراتها إلى ابعد الحدود في سبيل المحافظة على بقائها متفردة في قيادة العالم بنظام دولي يحتكم لإرادتها وتفردها كقطب واحد يحكم العالم، ولن تقبل بأي هزيمة لها ، حتى لو استخدمت في سبيل ذلك كل الأسلحة التي تمتلكها بما فيها الأسلحة النووية ضد أي دولة تهددها أو تفجير حرب عالمية ثالثة، هكذا تبين ( بضم حرف التاء ) عقيدتها السياسية والعسكرية الاستراتيجية وخير شاهد في ذلك ضربها لليابان بالقنابل الذرية ، فأمريكا لا تتورع عن فعل أي شيء للحفاظ على موقعها الذي وصلت إليه ،
وهذا يعني وبوضوح أن أمريكا غير مستعدة لتقبل أي ضغط حقيقي يؤدي بها إلى تقديم تنازل عن مركزها في التحكم بقيادة العالم من أي دولة أو عدة دول وتحت أي ظروف ما لم تتلق هزيمة نووية بحرب عالمية مدمرة.، وتخرج مهزومة ، وهذه يعد جحيم فعلي ينتظر البشرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة ،
إذا هذه هي المعادلة التي تفرضها أمريكا على كل دول العالم، وعلى كل دوله أو عدة دول ان تتجاوزها إذا ما أرادت ان تغير في الوضع الراهن لأي دولة أو منطقة، فعليها هذه الدول ان تتجاوزها إذا ما رفضت أن تقبل بما قررته أمريكا لها ولشعبها من مصير، سواء تظل دولة واحدة أو دولتين أو عدة دول، وما هو شكل النظام التي تحكم به ، وما تم تحديده مسبقا لمقدار قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والعلمية وخاصة في مجال امتلاك التكنولوجيا والبحث العلمي وغيرها، وبحيث لا تتعدى أو تتخطى الدور المرسوم لها من قبل أمريكا، وهي أيضا من تقرر اين تنتظم هذه الدولة الدول وتحت أي محور اقليمي أو دولي في نظامها العالمي الذي تديره في الوقت الحاضر. .، وللتوضيح أكثر سنسقط كل ما قلناه على الواقع بضرب عدد من الأمثلة.
***
المثال الكوري الشمالي
من المؤكد ان القادة في كوريا الشمالية يعلمون علم اليقين انه لا يمكن أن يصلوا إلى تحقيق أحلامهم في إعادة توحيد الكوريتين في دولة واحدة تحت قيادتهم الا بهزيمة أمريكا أو بقبولها ذلك وهي من المستحيل ان تقبل بذلك ،
لقد أقام الكوريون الشماليون نظاما هدفه وعقيدته السياسية العسكرية لقيادته وجيشه وشعبه في المقام الأول هو إعادة توحيد الكوريتين في دولة واحدة ، فكيف سيتسنى ذلك مع المعادلة الأمريكية السابق ذكرها وبوجود قواعد أمريكية وعشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين المتمركزين في كوريا الجنوبية ؟؟؟ ،
يعني هذا انه لا خيار أمام الكوريين الشماليين بتحقيق هدفهم إلا إلحاق الهزيمة العسكرية النووية بالولايات المتحدة الأمريكية ، وبدون هذا الشرط يستحيل عليهم استعادة توحيد الكوريتين تحت القيادة الحالية لكوريا الشمالية ، او على الأقل وصول كوريا الشمالية لتوازن ردع نووي حقيقي مع أمريكا. ،
لذلك تراقب اليوم كافة شعوب العالم الكوريين الشماليين وهم يعملون ليلا ونهارا على الوصول والقدرة على امتلاك الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية القادرة على إيصالها للمدن الأمريكية لأنهم يعرفون تماما أنهم بدون امتلاك الأسلحة النووية والدمار الشامل لن ينتصروا على أمريكا أو يجبروها على الرضوخ ، مهما امتلكوا من أسلحة تصل تعدادها لملايين الدبابات والطائرات وملايين المدافع والجنود، كل هذه الأسلحة لن تنفعهم باستعادة كوريا الجنوبية وتوحيد الكوريتين ،
والجدير بالذكر ان الصينيين في المقام الأول يدعمون نظام كوريا الشمالية ويحتفظون بعلاقات قوية معهم هم والروس ، ليستخدموها كورقة في علاقاتهم مع أمريكا في سبيل فرملة الأمريكيين والضغط عليهم.
لكن في المقابل ستسمح أمريكا بتوحيد الكوريتين في حالة واحدة فقط ، وهي أن يتم توحيد الكوريتين تحت هيمنتها وتحت نظام كوريا الجنوبية الموالي لها وطبعا بعد ان تقوم بتفكيك نظام كوريا الشمالية وتهزمه، كما حصل عند إعادة توحيد الألمانيتين الشرقية والغربية. .
**
المثال العربي الفلسطيني
وبالمثل فإن العرب لا يمكنهم تحرير القدس وفلسطين وطرد الكيان الإسرائيلي من فلسطين ، إلا عندما يستطيعون هزيمة أمريكا نفسها عسكريا بحرب نووية شاملة ، فالمشكلة ليست هزيمة إسرائيل فقط، أمريكا تفرض معادلتها هناك وتعتبر تهديد وجود الكيان الصهيوني تهديدا لأمنها القومي وقيادتها المنفردة للعالم.
يتبع…………….
كاتب سياسي يمني