الخبر وما وراء الخبر

عظمة المملكة وكبرياؤها انتهى في اليمن

135

بقلم / زين العابدين عثمان

لقد كانت السياسةُ السعوديّة قبل أن تشن حربها على اليمن هي المهيمنة والسائدة، وكان القرار الملكي السعوديّ هو المتحكم والمسيطر على كُلّ قرارات أنظمة الخليج وأنظمة عربية أخرى، وكانت المملكة القوة الإقْليْمية لها الصلاحية لتأمر وتنهى وتفرض سياساتها الاحادية على تلك الأنظمة وكانت هي المتحكمة في سير العمليات السياسية حتى أنها وصلت لتغيير أنظمة واستبدالها بأنظمة أُخْـرَى تكون تحت عباءتها وسطوتها المهيمنة. وكان للمملكة أَيْضاً حيز وثقلٌ على الساحة الدولية حيث مثّلت بقوة المال والذهب الأسود دور الإمبراطورية الحاكمة والمتحكمة في كُلّ قضايا المنطقَة.

لكن كُلّ هذا الكبرياء والعظمة والجموح الصاخب للسعوديّة في المنطقَة والعالم توقّف وَتطاير إلى أجزاء متناثرة في يوم 26 مارس 2015 اليوم التي قررت المملكة خوضَ حربٍ مباشرة ضد اليمن.. اليوم الذي فيه نفخت المملكة صور حرب لم تتوقع تراتيلها وتضاريسها، حرب ظاهرُها سهلٌ وباطنها جحيم..

لقد أخطأت المملكة الحسابات في هذه الحرب، وهي إلى اليوم تدفع ثمن ذلك تلك الأخطاء الفادحة بغرقها في اليمن وانكسار كرامتها وعظمتها أمام دول المنطقَة والعالم.
خزيٌ كبيرٌ أصاب المملكة فعلاً في حربها على اليمن وانتكاسة مدوية لامبراطوريتها التي توضحت حقائقها على أنها من ورق ومعجون من الرخام.

لقد توقع المتوقعون والمراقبون في خضم أحداث الحرب على اليمن بأن تكون السعوديّة هي الغالبة والقاهرة وهي من تغزل مواويلها، وأن انهزامها هي على أيدي مقاتلي أَنْصَـار الله والجيش اليمني ضرب من المحال لكن أولئك المتوقعين لم يتوقعوا أن يكون العكس هو الصحيح وأن تصبح المملكة بدل المفترس ـــ طريدةً.

لقد مثّل انهزام المملكة وغرقها في اليمن بهذه السهولةِ والسرعة تغيراً صادماً للدول التي كانت معولةً عليها مثل إسرائيل وغيرها.. وأَصْبَحوا يرَون في المملكة في حالتها هذه بأن لا حولَ لها ولا قوة ولا يمكن الاعتماد عليها أَكْثَـر من هذا المستوى المشين.

وفي نفس الوقت مثّلت هزيمة المملكة باليمن لبعض الدول الخليجية التي تقبع تحت عباءتها وسياطها على أنها بوابه نحو التمرد والخروج من الوصاية والتبعية السعوديّة إلى الواجهة الدوليّة واستقلال القرار، وكان من ضمن هذه الدول المتربصة “دولة قطر” التي أشعلت فتيل تمردها على السعوديّة والأخيرة تعاني سكرات الغرق في مستنقع اليمن.

“قطر” التي لم تكن لتجرؤ على التفوه بكلمة واحدة على أختها الكبرى المملكة اليوم أَصْبَحت تمتلك صعيداً سياسياً وثقلاً ميدانياً مرموقاً في الساحة الإقْليْمية، بالإضافة إلى أنها أَصْبَحت تصارع المملكة وجهاً لوجه.. وكل هذا لم يكن ليحدُثَ لولا دخول المملكة في حرب غبية على اليمن.

إذن في الأخير يجب أن نهضم حقيقةً واحدةً، وهي أن السعوديّة اليوم لم تعد تلك السعوديّة التي كان لها السطوة السياسية والهيمنة على قرارات الأنظمة الخليجية والعربية فقد فضح العدوان قوتها الرخامية، وأَصْبَحت الدول التي ترزَحُ تحت عباءتها تنظر اليوم إلى باب التمرد ومصادمة المملكة، وربما في الأَيَّام القادمة سنشهد انتكاسة أَكْبَـر للمملكة، والسبب تمرد حلفائها.