الخبر وما وراء الخبر

الإخفاق السعودي يشق طريقه وقد يجر معه الخليج

138

ذمار نيوز | تقارير خاصة | 17 يوليو | المسيرة نت |إبراهيم الوادعي

يبدوا ان لعنة الحرب على اليمن بدأت تدرك السعودية وان قطار اخفاقاتها لا ينوي التوقف عند محطة بعينها، ففي بريطانيا لم يكن الحكم برفض إيقاف شحنات الأسلحة البريطانية للسعودية نهاية المطاف، فقد تحول رفض الدعوى ضد استمرار بيع السلاح البريطاني الى السعودية الى غضب شعبي تجاوز الحكومة البريطانية ليوجه الى المملكة التي تجهد منذ 2001م لدفع تهمة “الإرهاب” العالمي عنها، عبر عنه استطلاع أجرته صحيفة اندبندنت البريطانية.

وفي الاستطلاع اظهر الجمهور البريطاني “عدم ارتياح عميق للعلاقة الوثيقة بين بريطانيا وبين “الاستبداد” المتورط في حرب مدمرة في اليمن المجاور للسعودية” بحسب ما اوردته الاندبندنت، وتعتقد أغلبية ساحقة من الجمهور البريطاني أنه من الخطأ بالنسبة لبريطانيا أن تقدم أسلحة بمليارات الجنيهات إلى المملكة، 18 % من البريطانيين فقط يؤيدون بيع الأسلحة للسعودية، والمعارضة تضم قوى سياسية أيضا .

بل وبحسب الصحيفة البريطانية. يريد معظم الناس أيضاً من الحكومة الإفراج عن تقرير يشير إلى تمويل السعودية للتطرف “الإسلامي” في بريطانيا، حتى لو أضر بالعلاقات مع حليف رئيسي.

وتقول “إندبندنت” إنه يجب على بريطانيا إنهاء بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تتهم فيه البلاد بالذبح “واسع النطاق” للمدنيين في الحرب اليمنية.
ومنذ مارس آذار 2015، رخصت بريطانيا لبيع بما قيمته 3.3 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة، بما في ذلك 1.1 مليار تتعلق بالقنابل والصواريخ، وغيرها من المتفجرات.

وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي البحريني الدكتور سعيد الشهابي التقرير البريطاني الذي يدين السعودية متورطة فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، كون هذا التقرير يُجرم السعودية ويقول إنها “تمول مساجد ومراكز إسلامية تٌفرخ الإرهاب في بريطانيا”، وهو ما أوقع ماي في ورطة كبيرة ما بين الكشف عن التقرير وتحمل تبعاته أو إخفاءه ووضع مصداقية بريطانيا على “المحك”، فأصبحت الرياض بالنسبة لهم “كالعظم في الحلق” لا تستطيع بلعه ولا إخراجه.

وبالانتقال الى الجار القريب قطر حيث فتحت الرياض معركتها مع الدوحة، تبدوا خيارات الأخيرة ضحلة بعد تراجع الخيار العسكري وسحبه من التلويح، لكونه خارج الرغبة الامريكية والغربية ويتعدى مهام الرياض كشرطي للغرب في المنطقة الى جوار “إسرائيل “.

وزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين وقفت الى جوار قطر، وكذلك فعلت بريطانيا عسكريا حيث أجري جيشها تمرينا بحريا مع القوات القطرية، ولم تحصد الرياض سوى بضع تغريدات من الرئيس الأمريكي ترامب، وثناء من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ومن المؤكد ان الدوحة بعد الخروج من هذه الازمة لن تكون اقل قوة في مواجهة الرياض الخاسرة وسيصعب على الأخيرة تدجين خصومها الخليجيين فضلا عن الابعدين الذين استعرضت بهم الرياض قممها الثلاث امام ترامب وكاميرات الاعلام.

الازمة مع قطر قضت عمليا على مجلس التعاون الخليجي والذي قدمته الرياض للعالم الغربي على انه ماركة مسجلة باسمها وتوجه دوله كيفما تريد ، لكن الخزينة القطرية لن تكون بمنأى عن الاستحلاب بفعل الازمة مع الرياض ، وقد شاهدنا الصفقات التي هرعت الدوحة لابرامها مع الولايات المتحدة بشراء 72 طائرة حربية ، وصفقات اسلحة اخرى ، او تكاليف استقدام قوات للحماية خوفا من الجار السعودي ،

والى أمريكا فان أموال الرياض ووظائف ترامب عاجزة حتى للحظة عن جلب الحظ للاثنين معا فالتعظيم الذي حظي به الرئيس ترامب خلال زيارته الى السعودية لاأثر له في أمريكا، فقد سجل أدني شعبية له منذ توليه الرئاسة، ووفقا للصحافة الامريكية فإن نائب الرئيس الامريكي مايك بنس بدأ يتطلع الى شغر سدة الرئاسة وهو اخذ في الخروج من جلباب الرئيس المغضوب عليه ولم يعد يكيل المديح له كما كان عند اختيار ترامب له ليكون نائبا للرئيس.

والجديد ايضا ان قانون جاستا والذي لم تستطع اموال الرياض الخائلة الغائه ، يستعد لسحب رجل الامارات في القضيه فقد اعلن محاموا الضحايا اعتزامهم ضم الامارات الى جانب السعودية في قوائم الاتهام برعاية الارهاب ودفع تعويضات لعائلات الضحايا عن هجوم 11 سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي ، كون 2 من المهاجمين يحملون الجنسية الاماراتية .

وبالعودة الى الداخل السعودي حيث ينشغل ال سعود بمعركة العرش الأهم بالنسبة إليهم من حضور قمة ال 20 في المانيا، وبعد ملحمة تقبيل محمد بن سلمان لقدم محمد بن نايف فان عزاء شقيق الملك سلمان المتوف أخير عبد الرحمن بن عيد العزيز اظهر حجم الانقسام الذي يعصف بالعائلة المالكة في السعودية والرفض الذي يلقاه نجل الملك المعين حديثا لمنصب ولي العهد حيث خلت القاعة من صور ولي العهد كما هو البرتوكول الى جانب صورة الملك الحالي والملك المؤسس للمملكة.

وداخليا أيضا فان الهجوم السعودي على العوامية وعلى مكون شعبي في المنطقة الشرقية له دلالة كبيرة بأن الاستقرار الداخلي للمملكة السعودي اضحى هشا امنيا وسياسيا حتى استدعى ذلك شن هجوم بتلك القسوة لتهدئة الداخل في ظل الإجراءات الاقتصادية التي تستثير قطاعات عريضة من مواطني المملكة وقد تدفع بهم الى ربيع عربي قد يتخذ طابعا سياسيا ويمتد ليطال الوضع الخليجي برمته مع استمرار الازمة الخليجية وعدم الوفاق الحاصل سياسيا في دول الخليج.

وثمة راي في المنطقة يرى بأن المملكة بعد عدوانها على اليمن وفي جميع الملفات التي فتحتها الرياض في المنطقة – وبغض النظر عن انفضاح أمر هذه الدول في دفاعها الزائق عن حقوق الانسان وتشدقها بالمعايير الدولية الإنسانية في الحروب ،غدت – الرياض – مطمعا للكثير من الدول التي تلعب مع الرياض لعبة العصا والجزرة ، لاستمرار تدفق المال السعودي الى خزائنها ،فهي تمد السعودية بما تحتاجه من الأسلحة لتفرغ حقدها على اليمنيين وفي ذات الوقت توثق لجرائم الرياض في اليمن ، وتعد التقارير بصلات السعودية بالإرهاب الدولي ونشره في عدد من الدول خاصة في القارة العجوز ، وبريطانيا واحدة من تلك الدول ، تعلن عن تقرير يهتم له البريطانيون يدين السعودية وتخفيه في أن واحد ، تبيع السعودية أسلحة وتتغاضى عن بتعبئة الشارع البريطاني ضد مبيعات هذه الأسلحة في ذات الوقت.

ومن جميع هذه الملفات الى جانب الإخفاقات السعودية في ملفات أخرى سوريا وليبيا يمكن استنتاج امرين اثنين ، الاول بان المملكة تعيش أزمة هاجس وجودي يقترب الى حد كبير مع الهاجس الصهيوني في فلسطين ويختلف معها في كونه مرتبط بالوظيفة المناطة بالحكم السعودي في المنطقة من قبل الغرب وفي المقدمة أمريكا وبريطانيا ، ويدفعها ذلك للتصرف بخلاف السياسة التي درجت عليها لعقود في التحفظ والاكتفاء بإدارة الحروب من وراء ستار عبر التنظيمات والاذرع المرتبطة بها ، ويتعزز هذا الهاجس بظل تنامي الدور الاماراتي وتقديم نفسه على كونه البديل الليبرالي العصري بعكس النظام السعودي لحماية المصالح الغربية والصهيونية وقد يجر هو الاخر نفسه الى ذات المستنقع وهو يتمدد عسكريا فوق حجمه وطاقته.

والامر الثاني هو ان الرياض المتهورة في اليمن والملجمة امام قطر والمستنزفة أمريكيا، وقعت في مستنقع كبير وصنعت كما من الاعداء يصعب حصرهم، وعند لحظة فارقة عند ان تفرغ خزائن الرياض، لن يجد أصدقاء السعودية بدا من المشاركة في حفلة الذبح للمملكة، كما فعلوا مع داعش وفي المقدمة أمريكا.