الخبر وما وراء الخبر

انتفاضةُ القدس مستمرّة: «الجبّارين» في الأقصى

255

استيقظت مدينة القدس المحتلة، أمس، على تنفيذ ثلاثة شبان، من أم الفحم في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، عملية فدائية ضد شرطة العدو داخل حرم المسجد الأقصى. أسفرت العملية عن مقتل شرطيين إسرائيليين، واستشهاد الشبان الثلاثة، وهم: محمد حامد جبارين (19 عاماً)، محمد أحمد جبارين (29 عاماً) ومحمد مفضل جبارين (19 عاماً).

جاءت العملية لتكسر حالة الهدوء التي عاشتها مدينة القدس بعد انخفاض وتيرة العمليات الفدائية فيها، ووسط حالة قدّرت فيها قيادات العدو الأمنية أن «انتفاضة القدس» قد انتهت. كما أكدت «عملية الأقصى»، أمس، أنه برغم انخفاض وتيرة العمل الفدائي في القدس والضفة المحتلة، فإن الانتفاضة لا تزال مستمرة ولن تتوقف في القريب العاجل.

على الصعيد نفسه، وجهت العملية ضربة جديدة لأجهزة العدو الأمنية والاستخبارية، إذ قالت شرطة العدو في بيان، إن «الشبان الثلاثة لا يوجد عنهم أي ملف أمني لدى الشاباك»، ما يعني أنهم كانوا خارج دائرة الرصد. ووفق المتحدث باسم الشرطة، ميكي روزنفيلد، فإن «الشرطيين القتيلين هما هايل ستاوي (30 عاماً) من سكان بلدة المغار، وكميل شنان (22 عاماً) من بلدة حرفيش». كما قالت إن الشهداء الثلاثة «أطلقوا النار على أفراد الشرطة عند إحدى بوابات المسجد… وهربوا إلى داخله بعدما طاردتهم الشرطة وأطلقت عليهم النار، ما أدى إلى مقتلهم».

وفي أعقاب العملية، اتخذت حكومة العدو سلسلة إجراءات جديدة رداً على إطلاق النار؛ منها منع الصلاة في الأقصى، وإغلاق أبواب المسجد حتى إشعار آخر، وهو إجراء لم تتخذه سلطات العدو منذ احتلال القدس عام ١٩٦٧. وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير جندلمان، إن «رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد جلسة مشاورات أمنية مع عدد من الوزراء ومسؤولي الأجهزة الأمنية، لتقييم الموقف بعد عملية القدس». وأشار إلى أن نتنياهو «أوعز لقوات الأمن بتفكيك بيوت العزاء لمنفذي عملية إطلاق النار»، مضيفاً أنه «وفقاً لجلسة تقييم موقف، ستعقد الأحد المقبل، بين نتنياهو ووزراء ومسؤولي الأجهزة الأمنية، سيتقرر متى ستفتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين».

في المقابل، قال وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة، عدنان الحسيني، إن «اتصالات تجرى من أجل الضغط على إسرائيل للتراجع عن قرار إغلاق المسجد الأقصى»، محذراً من أننا «نسمع تصريحات من مسؤولين إسرائيليين عن نية فرض إجراءات جديدة، وهذا أمر مستهجن ومرفوض». كذلك طالب الأردن، “إسرائيل”، بفتح الأقصى أمام المصلين وتجنب أي إجراءات من شأنها تغيير الوضع التاريخي القائم. ولفت المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، في بيان إلى أن «الحكومة أجرت اتصالات مكثفة للضغط من أجل إعادة فتح الأقصى فوراً».

أيضاً، أعربت الخارجية المصرية عن «قلق مصر البالغ تجاه أحداث العنف التي شهدتها ساحة المسجد الأقصى صباح يوم الجمعة»، محذرة في بيان أمس، من «خطورة تداعيات مثل تلك الأحداث والإجراءات على تقويض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لتشجيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على استئناف المفاوضات وإحياء عملية السلام». وأضاف البيان أن على جميع الأطراف «ضبط النفس وعدم الانزلاق إلى حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد، أو اتخاذ إجراءات تؤثر في حرية ممارسة الشعائر الدينية في المسجد الأقصى بما يؤدى إلى تأجيج مشاعر الاحتقان».

وفي تداعيات العملية، جاء إعلان جيش العدو الإسرائيلي أن قائد الجبهة الوسطى في الجيش، روني نوما، أوعز إلى قوات الاحتلال في الضفة برفع مستوى جاهزيتها واحتمال اندلاع مواجهات في أعقاب العملية. كما وصف قائد الشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، العملية، بأنها «حدث حساس ينطوي على أهمية على المستوى السياسي والدولي»، فيما قال وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان، إن «منفذي العملية تجاوزوا خطوطاً حمراً».

وللمرة الأولى، ونزولاً عند رغبة الأميركيين في إدانة العمليات الفدائية، اتصل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وعبّر في اتصاله عن رفضه وإدانته عملية إطلاق النار في الأقصى. ووفق وكالة «وفا» الرسمية، «عبّر الرئيس، عن رفضه الشديد، وإدانته للحادث الذي جرى في المسجد الأقصى المبارك، كما أكد رفضه لأي أحداث عنف من أي جهة كانت، وخاصة في دور العبادة». كما طالب عباس بإلغاء إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الأقصى أمام المصلين، محذراً من «تداعيات هذه الإجراءات أو استغلالها من أي جهة كانت لتغيير الوضع الديني والتاريخي للأماكن المقدسة».

لكن إردان اتهم عباس بأنه يحرض الفلسطينيين، وأن العملية اليوم هي نتيجة لتحريضه. وقال: «ينبغي أن نتذكر أننا نقول على مدار أشهر طويلة إنه يوجد تحريض، وليس في شبكات التواصل الاجتماعي فقط وإنما بصورة رسمية… وفيما أبو مازن يدعو الجمهور إلى الدفاع عن جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، ويقول إن أرجل اليهود تدنس جبل الهيكل، وتوجد لذلك تبعات ومن الجائز جداً أننا شاهدنا نتائجها صباح اليوم (أمس)، وندعو الجميع إلى التصرف باعتدال».

وفي وقت لاحق مساء، اقتحمت شرطة العدو خيم العزاء في حيّ الجبّارين في أم الفحم، جنوب فلسطين المحتلة، فيما شهدت القرية منذ الساعات الأولى للعملية، أجواء مشحونة، كما دعت بلدية أم الفحم إلى ضبط النفس والتحلي بالصبر. في غضون ذلك، قال المتحدث باسم «كتائب الشهيد عز الدين القسام» (الذراع العسكرية لـ«حماس»)، أبو عبيدة، إن «عملية القدس تأكيد على أن خيار شعبنا هو المقاومة، رغم كل محاولات التركيع… والمسجد الأقصى هو الأيقونة والعنوان».

إلى ذلك، أعلن متحدث رسمي باسم «حركة الجهاد الإسلامي»، أن وفداً رفيعاً من «الجهاد» برئاسة الأمين العام للحركة، رمضان شلح، وبمشاركة نائبه زياد النخالة، وصل إلى القاهرة بدعوة مصرية. وأوضح المتحدث أن «الوفد سيبحث الوضع الإنساني في غزة، وآخر المستجدات في الساحة الفلسطينية، والعلاقة مع الشقيقة مصر».

* المصدر : الأخبار