الخبر وما وراء الخبر

التمديد .. للتماسك والانسجام

97

بقلم  / علي احمد جاحز

قبل ان نقرأ موضوع التمديد لرئاسة المجلس السياسي من زاوية ما ، يبقى الواقع السياسي والامني في صنعاء انموذجا راقيا في ظل حيثيات استثنائية يعيشها الواقع اليمني شمالا وجنوبا بسبب العدوان والحصار والاحتلال ، ولكنه بالمقارنة بالواقع المقابل في الجنوب يفوق كونه راقيا بل يصل الى كونه وضعا مثاليا ، فلا تحضى صنعاء وما يتبعها الان من محافظات محررة ولا بنسبة واحد في الالف مما تحضى بها عدن وما تتبعها من محافظات محتلة من الدعم والتسهيلات جوا وبرا وبحرا اضافة الى التأييد الدولي .

في صنعاء امس جرى الاتفاق بين الاطراف المكونه للمجلس السياسي الاعلى على التمديد لرئاسته ممثلة بالرئيس صالح الصماد ونائبه قاسم لبوزة لفترتين رئاسيتين جديدتين ، في حين يشهد الجنوب صراعات لامحدودة ولا افق لها وتفتيت ممنهج لمكوناته وفصائله يذهب باتجاه الانفجار في اي وقت ، علاوة على واقع امني مخيف ووضع اقتصادي واجتماعي بائس .

صنعاء التي تمثل اليمن على مر التاريخ تمكنت من لم صفوف الاطراف في جبهة الصمود والمواجهة في ابهى صور التماسك ، ورتبت اوراقها السياسية والاقتصادية والامنية وان كان ذلك في حدود المتاح والممكن وفق الامكانات المحدودة بل والشحيحة وفي ظل عزلة وحصار واستهداف يقف خلفه العالم بقواه المتغطرسة واياديها في المنطقة وصمت بقية القوى .

صناعة الواقع هو مسؤلية ابنائه وليس هبة من الخارج ولا يمكن ان يأتي الخارج بواقع معلب يعيشه الناس وينعمون في ظله ، هذا هو ما ادركته القوى الوطنية والعقول الحكيمة في قيادة الثورة وفي القوى السياسية المناهضة للعدوان وعملت في ضوئه منذ بداية العدوان والحصار .

الأقوى في مشروع وبرنامج العمل السياسي والاداري والامني في عاصمة الصمود والتصدي صنعاء والمحافظات المحررة ، هو انه لا يعول على عطف الخارج ولا على شفقة ايقاف العدوان وفك الحصار من الخارج ، بل يتوقع ان تطول المعركة وتم بناء الخطة والبرنامج على هذا الاساس وهو ما يجعله برنامجا قويا وفاعلا وعمليا و واقعيا ايضا .

التماسك والانسجام بين القوى والمكونات الوطنية في مواجهة العدوان شكل رافعة قوية للصمود والمواجهة في كل المجالات من قبل الاتفاق السياسي ومن بعد الاتفاق السياسي ، الا انه بعد الاتفاق السياسي صار محملا ومثقلا بالتزامات ومسؤليات ثقيلة سيما وانه تزامن مع تشديد الحصار ونقل البنك المركزي وانقطاع الرواتب ، غير ان ذلك دلل ايضا على مثالية الاداء وحكمة الادارة للمؤسسات وللواقع ، ولعل الوضع في الجنوب خير شاهد على ذلك .

صحيح هناك بعض التجاذبات الداخلية بين المكونات في صنعاء ، لكنها ابدا لم ولن يكون لها اي تأثير على المنجز الكبير والتاريخي المتثمل في الانسجام والتماسك الداخلي الكبير في ابعاده الاستراتيجية وفي ثمرته الملموسة .

مسألة التمديد ايضا يمكن ان تكون نقطة سوداء في نقاء الصورة العظيمة لمشهد جبهة الصمود والتصدي ، وقد لا تكون محل رضى الشارع ، وربما تلقي باعباء ومسؤلية في نظر الشارع على طرف وتتيح لطرف اخر التنصل من المسؤلية ، غير ان ثمة ما لا يمكن الافصاح عنه يقف وراء التمديد ويبرره ، وقد نتفهمه بمنطق السياسة ، ولا نتفهمه بمنطق الطموحات الشعبية والاعتبارات الخاصة .

وفي كل الاحوال تبقى مسألة المحافظة على هذه الصورة وعلى هذا النموذج هدف اسمى وارقى واقدس من اي هدف اخر يمكن ان يتحقق لاحقا في ظل الاستقرار وبعد ان ينعم البلد بالحرية والاستقلال حين يبزع فجر الانتصار الكبير باذن الله تعالى .